ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية

ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية!

ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية!

 العرب اليوم -

ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية

بقلم - عماد الدين أديب

أسوأ شىء يقع فيه أى إنسان، فى أى زمان ومكان، هو أن يكون ضحية الهوة العظيمة بين «الرغبة» فى شىء و«القدرة» عليه!

هذه المساحة بين ما أريده وما أقدر عليه هى خلل قاتل فى نفسية أى إنسان.

الأخطر، ألا تدرك هذا الخلل، وتعتقد دائماً أنك قادر بينما لا تملك القدرة، وأنك قوى وأنت ضعيف، وأنك موهوب وأنت فاشل، وأنك قائد وأنت جاهل بالإدارة، وأنك مفكر وأنت لم تقرأ كتاباً!

كم من الزعامات فى التاريخ ضاعت وأضاعت عروشاً وممالك وشعوباً بسبب أوهام القوة التى وصلت إلى حالة مما يسمى نفسياً بالضلالات؟؟

أخطر ما فى هذه الضلالات هو «الإيمان القوى الجازم» لدى المريض بها أنه قادر تماماً ومؤهل كلياً على فعل أشياء واتخاذ قرارات أكبر من قدراته الذاتية الفعلية.

اعتقد الهكسوس، والتتار، والصليبيون والفرس والعثمانيون والبرتغاليون والإنجليز والفرنسيون والألمان والروس والأمريكان أنهم قادرون على السيطرة على شعوب العالم. واليوم ترى ضلالات ترامب فى ترويض الصين تجارياً، وكوريا الشمالية عسكرياً وإيران أمنياً.

ونرى بوتين يريد ترويض سوريا والولايات المتحدة وأوكرانيا وأوروبا وأوبك وأوابك.

 وترى ضلالات الدوحة فى أن تتمكن دولة صغيرة محدودة المساحة، محدودة السكان، من لعب دور فوق قدراتها عالمياً من خلال ثروة غاز وصندوق سيادى ضخم.

ونرى ضلالات رجب طيب أردوغان فى إعادة مشروع الخلافة العثمانية لبناء «تركيا القوية» كما يسميها، تسيطر على العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليونان ومصر والسودان!

إذا أردت تدمير إسرائيل، لا تصرح بذلك إلا إذا كنت قادراً بالفعل، وإلا دفعت ثمن استفزازها ورد فعلها دون أن تنال من شعرة واحدة منها.

إذا كنت تريد سحق الإمبريالية الأمريكية عليك أن تسأل نفسك هل لديك عناصر القوة التى لدى الأمريكيين مثل مقعد دائم فى مجلس الأمن، وقنبلة نووية، و72٪ من الكتلة النقدية المتداولة فى العالم، والتأثير الإعلامى والعلمى والثقافى؟

إذا كنت تريد تغيير خارطة المنطقة وبناء إمبراطورية فارسية أو عثمانية جديدة فهل النظام الدولى الحالى سوف يسمح لك؟

لا تصرح بشىء لست قادراً عليه، ولا تفعل ما هو أكبر من إمكانياتك وأكثر من قدراتك وما هو خارج عن قانون وقواعد النظام الدولى.

إذا كنت قادراً فعليك بالتغيير وإلا كنت مقصراً!

واليوم نرى ضلالات المشروع الصهيونى فى القدرة على تنفيذ حلم هرتزل فى المؤتمر الصهيونى الأول الذى أقيم فى مدينة «بازل» السويسرية عام 1897 منذ 230 عاماً بالسيطرة على أراضى وثروات منطقة الشرق الأوسط من خلال مشروع الدولة اليهودية الديانة الصهيونية الفكر.

واليوم نرى ضلالات مشروع إيرانى فارسى طائفى يسعى إلى إعادة توسعات الدولة الصفوية فى المنطقة تحت مشروع «غيبى تراثى» يقوم على مبدأ ولاية الفقيه، وإقامة دولة مذهبية تقوم على الولاء والطاعة للسلطة الزمنية للمرشد الأعلى الذى يشغل منصب نائب الإمام الغائب لحين عودته من غيبته الكبرى.

التعريف العلمى للضلالة هو:

«أنها معتقدات خاطئة لا تستند إلى حقيقة الواقع بينما تسيطر على صاحبها مجموعة من المعتقدات الثابتة المنتظمة غير القابلة للمناقشة أو التعديل».

وكثيراً ما يسيطر على عقل صاحب هذه الضلالات بناء يبدو للوهلة الأولى منطقياً يقوم على أسس علمية بينما هو محاولة صاحب الأمر عمل نوع من «غسل دماغ» للآخرين وإقناع نفسه والآخرين بصوابه المطلق.

فى الشرق الأوسط نجد أن هؤلاء غلفوا ضلالاتهم أحياناً بالدين أو الوطنية، أو العروبة، أو المذهبية أو الطائفية لتعبئة الأنصار وحشد الجماهير وتبرير مشروعاتهم الفاشلة المبنية على أوهام.

أكبر كلفة مادية فى المال بالأرقام، وبالخسائر البشرية فى التاريخ المعاصر تسبب فيها رجل واحد هو الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، رحمه الله، سبقه فى ذلك ستالين ثم هتلر.

وشهادتى فى الرجل مجروحة، لأننى لم أكن أبداً من المؤمنين بأفكار حزب البعث ولا بالمشروع القومى الذى يحمله، لأنه فى النهاية ما هو إلا غطاء لحزب فاشى مستبد يريد السيطرة تحت شعار «قومجى كاذب».

تسبب هذا الحزب، وهذا الحاكم فى كوارث كبرى:

1- الحرب العراقية الإيرانية التى كلفت العراق وإيران ودول الخليج بأسعار ذلك الزمن نصف تريليون دولار.

ثانياً: تسبب أيضاً هذا الحزب وزعيمه فى ضلالة أخرى وهى غزو دولة الكويت بالكامل وتغيير الحكم فيها، ما أدى إلى حرب تحرير الكويت التى كلفت البشرية أكثر من تريليون دولار «فى ذلك الوقت».

ثالثاً: أعطى كلام الرئيس صدام عن السلاح الكيماوى فى قمة بغداد فى 28 مايو 1990 والتوصية بحق العراق فى امتلاك التكنولوجيا الحديثة فى التسليح، كما جاء فى البند السابع من توصيات تلك القمة، حجة قانونية، وتبريراً سياسياً لمشروع جورج بوش الابن الأحمق فى الغزو غير المبرر والظالم للعراق واحتلال أراضيه بالقوة المسلحة.

هذه العمليات كلفت الولايات المتحدة 4 تريليونات دولار وكلفت العراق كخسائر مباشرة وغير مباشرة تريليونين من الدولارات.

 إذن ضلالة رجل واحد فى غزو جارة هى إيران وجارة أخرى هى الكويت، وإشاعة وهم أنه صاحب أكبر سلاح كيماوى قادر على قسم إسرائيل إلى نصفين، كلف العراق والبشرية وجيران العراق: عشرة تريليونات من الدولارات على الأقل، ونصف مليون قتيل و2.5 مليون جريح ومائة ألف مفقود، وضياع عقول بشرية وهجرة خبرات وهروب استثمارات لا تقدر بمال.

أخطر ما فى أن يصاب قائد أو زعيم بضلالة غطرسة القوة مثل: هولاكو، ونابليون وهتلر، وصدام والقذافى، وخامئنى، وبن لادن، والبغدادى، وترامب، وبوتين هى أن فاتورة تكاليف هذه الضلالات تكون باهظة ومخيفة تدفع ثمنها شعوبهم المسكينة الصبورة التى سقطت فى فخ «الزعيم القائد المهيب البطل الملهم».

وصدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام حينما قال: «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر».

صدقت يا سيدى يا رسول الله.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية ما أقسى فاتورة الضلالات السياسية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab