سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل 1

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل (1)

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل (1)

 العرب اليوم -

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل 1

بقلم - عماد الدين أديب

العرض الإماراتي لإسرائيل، بضمانة أمريكية، هو: «أوقفوا الاستيطان، نبدأ في علاقات طبيعية»!!هذه هي لغة المصالح التي تفهمها إسرائيل، ويفهمها العالم: «ماذا ستعطيني مقابل ما أعطيك؟».أي تفسير تآمري، مريض، لا يفهم القرار الإماراتي بالحوار مع إسرائيل حول إيقاف الاستيطان مقابل بدء علاقات طبيعية بين البلدين، يعتبر جهلاً شديداً بطبيعة توجهات صناعة القرار في دولة الإمارات.

هنا لا بد من التفسير: لماذا اتخذت الإمارات هذا القرار التاريخي الصعب؟ وما معناه؟ وإلى أين يمكن أن يؤدى بأطراف الاتفاق الثلاثة: الإماراتي، الإسرائيلي، الأمريكي؟يتعين أولاً فهم محددات أساسية تحكم أي قرار كبير ومصيري ورئيسي في دولة الإمارات.. وهي:

1- أن يكون القرار متسقاً تماماً مع روح إمارات الاتحاد، والقيم التي تأسست عليها وترجمها عملياً مؤسس الدولة الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله. وهذا الكلام ليس شعراً أو نثراً، لكنه ركيزة أساسية في فهم عقلية «أبناء زايد وأبناء أبنائه»، ويعتمد جوهر الحكم على «استخدام أكبر قدر من الحكمة لتحقيق أكبر قدر من القوة، لإسعاد أكبر قدر من الناس، لخدمة أكبر قدر من المصالح الوطنية».

تلك كانت فطرة الشيخ زايد آل نهيان، وبعده شيوخ الإمارات عند التأسيس، وتم البناء على هذه القاعدة الذهبية بتراكم من العلم والدراسات والتكنولوجيا المتطورة.

2- مبدأ الحكمة وتغليب الفعل على القول، ظهر في مسارعة قطع الشيخ زايد للنفط في أكتوبر 1973، وفى دعم الإمارات للأشقاء العرب والأفريقيين والمسلمين، وفي موقف الإمارات من مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013، وفي مواقف الإمارات تجاه أزمات: السودان، وفلسطين، وجيبوتي، والصومال، ولبنان، ونجدة كل متضرر من أفريقيا إلى جزر الكاريبي.

هذا الاتفاق الثلاثي فيه 3 قوى هي:

أ- إسرائيل، قوة نووية في المنطقة، صاحبة القوة العسكرية رقم ١٨ في العالم، إجمالي ناتجها القومي يبلغ ٣٧٠ مليار دولار وترتيبه ٣٨، متوسط دخل الفرد فيها 37 ألف دولار سنوياً، ودولة لها تأثير بالغ على مجريات تشكيل السياسة العالمية من خلال اللوبي اليهودي - الصهيوني العالمي، وقوة نفاذ غير تقليدية في المؤسسات الأمريكية المؤثرة في صناعة القرار.

إسرائيل هذه مؤثرة في «وول استريت» و«ناسداك» وفي كبريات شركات الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية وأقمار التجسس والصناعات العسكرية الذكية.

ب- الطرف الثاني، دولة الإمارات المتحدة، وهي دولة شابة من قرابة عشرة ملايين نسمة، يبلغ إجمالي الناتج القومي لدولة الإمارات 732 مليار دولار، وترتيبها الحادي والثلاثون في مؤشر الناتج القومي العالمي، متوسط دخل الفرد فيها 70 ألف دولار أمريكي سنوياً، وتحتل بذلك المركز السابع عالمياً في مداخيل الأفراد، وتتحدث التقارير العالمية عن أن إجمالي رصيد الصندوق السيادي الإماراتي يتراوح ما بين 700 و750 مليار دولار.

تعتبر «أبوظبي» عاصمة اقتصادية مؤثرة تجتذب ربع الاستثمارات المباشرة في المنطقة، وتأتي «دبي» كي تكون المقصد السياحي الأول أو الثاني عالمياً خلال السنوات العشر الأخيرة.

تمكنت الإمارات من إطلاق رائد فضاء إماراتي، ويوجد الآن في فلك فضاء المريخ «مسبار الأمل» الإماراتي الذي تم تصميمه وتصنيعه إماراتياً بالتعاون مع شركة ميتسوبيشي العالمية.

تضم الإمارات متحف «اللوفر»، وهو أول متحف للوفر خارج فرنسا، وجامعة السوربون، وواحدة من أهم كليات «الروبوتات» في العالم.

وللإمارات جيش مؤثر وفعال في تدريبه وتسليحه، وهو صاحب أكبر عدد من المقاتلات الأمريكية القاذفة في المنطقة.

وتحتل الإمارات الترتيب رقم ١٢ عالمياً في إنتاج النفط، ولديها مخزون واعد من الغاز الطبيعي.

ج- الطرف الثالث، الولايات المتحدة الأمريكية، ويكفي أن نقول إنها الدولة الأكبر والأكثر تأثيراً في القوى الاقتصادية والعسكرية والسياسية في العالم، وعملتها، أي الدولار، تمثل قرابة ثلثي الكتلة النقدية في العالم.

الولايات المتحدة هذه، ذات العلاقة الخاصة جداً مع إسرائيل والأكثر تأثيراً وارتباطاً بها، هي الضامن لصيغة ومعادلة: «تجميد الاستيطان مقابل بدء علاقات طبيعية».

من هنا تصبح «ضربة معلم» من قبَل الشيخ محمد بن زايد ومؤسسة الدبلوماسية الإماراتية أن يكون توقيت إنجاز هذا الاتفاق الثلاثي الآن.

دائماً يقال في علم التفاوض إن أفضل الأوقات للحصول على أفضل النتائج من أي مفاوضات هو حينما يكون الطرف الثاني أكثر حاجة منك للاتفاق.

«نتنياهو» يعاني من أزمته الداخلية، وهو غير قادر على تطبيق صفقة الآن أو إلغائها، و«ترامب» يعاني من مثلث الكورونا، تدهور الاقتصاد، غضب الأقليات وتظاهراتهم.

إذاً هذا هو الوقت الأفضل للحصول على اتفاق لصالح الفلسطينيين.

3- هنا قد نسأل: لماذا تتدخل الإمارات في أزمات وصراعات مثل اليمن، أو ليبيا، أو مواجهة خطر الإرهاب الديني في الساحل الأفريقي، أو لدعم اقتصادات دول مثل مصر والسودان والجزائر وتونس وعشرات الدول الإسلامية والأفريقية؟ وقد يسأل هؤلاء: أليس من الأسلم والأوفر والأسهل أن تحتفظ الإمارات بمقعد المشاهد على هذه الصراعات وتنأى بنفسها وتوفر أموالها لنفسها؟

الإجابة مباشرة تجدها صريحة وواضحة شفافة لدى القيادة الإماراتية، وتحديداً لدى الشيخ محمد بن زايد وإخوته، والتي تقول: «نحن نعيش في عالم شرير مضطرب تلعب فيه الميليشيات التكفيرية دوراً فوضوياً يسعى لإسقاط جميع مشروعات الدولة الوطنية المدنية».

من هنا يصبح -حسب هذه الرؤية- لزاماً على الإمارات أن تذهب إلى مواجهة هؤلاء الأشرار في ديارهم حتى لا يأتي -لا قدر الله- ذلك اليوم الذى يصلون فيه إلى ديار الإمارات!

بمنطق الصحراء «تغدى به قبل أن يتعشى بك»، وبمنطق الاستراتيجية الحديثة: «ضربة مجهضة مسبقة».

4- تؤمن الإمارات بمنطق مواجهة الأمور بشفافية، وتسمية الأمور بأسمائها، وفعل القرارات في الضوء والعلانية وليس في الغرف المظلمة، لأنها لا تفعل ما تخجل منه، بل تتخذ من القرارات ما يمكن أن تفاخر به.

لذلك لم تضع «أبوظبي» رأسها في الرمال تجاه المشروعات التخريبية القطرية، أو هستيريا التمدد العسكري التركي، أو الشحن الطائفي الإيراني في اليمن والعراق وسوريا وغزة.

تخيلوا لو وقفت كل من «أبوظبي والرياض والقاهرة» موقف المشاهد السلبى، وأعطت الضوء الأخضر للمشروعات القطرية، التركية، الإيرانية ماذا يمكن أن تكون عليه صورة المنطقة؟

أعرف أن هناك من سيرد علىّ ويقول: «الأمور أصلاً في المنطقة الآن كارثة وخراب»، هنا نرد عليه: «نعم كلامك صحيح، ولكن كان من الممكن أن تسوء أكثر، وتصبح أكثر كارثية، وتصل إلى نقطة اللاعودة في إيجاد حلول أو تسويات».

إن مدرسة التفكير التي أرساها الشيخ زايد، والتي تضم الشيخ محمد بن زايد، والشيخ محمد بن راشد، والشيوخ هزاع، وعبدالله، وسيف، وطحنون، ومنصور، وحمدان، والشيخ نهيان بن مبارك، والدكتور أنور قرقاش، والدكتور محمد القرقاوي، والسفير يوسف العتيبة، هي نمط تفكير عملي براجماتي يسعى لتحقيق المصالح بأكبر قدر من الحكمة، مع الحفاظ على كل مبادئ مؤسس دولة الإمارات.

هنا سنأتي للسؤال التالي: ماذا أعطت الإمارات في هذا الاتفاق؟ وماذا ستأخذ؟ وماذا سيأخذ الأشقاء؟ وهل سيخسرون شيئاً؟ ومن سيكون مع الخطوة الإماراتية الاختراقية؟ ومن سيقف ضدها حتى الموت؟

ما حدث ببساطة تغيير جوهري في قواعد الصراع العربي - الإسرائيلي، لأنه خطوة عملاقة نحو عالم أرحب.

هنا يأتي السؤال العظيم: هل يفهم الأشقاء العرب الخطوة الإماراتية ويبنون عليها؟ هل تصدق إسرائيل في تعهدها؟ وهل يلعب الأمريكي دور الضامن الصادق للاتفاق الثلاثي؟ غداً الإجابة بإذن الله.

arabstoday

GMT 08:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الشباب والأحلام!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل 1 سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل 1



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 12:46 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
 العرب اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق

GMT 03:40 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab