بقلم : عماد الدين أديب
إذا فهم أى مسئول أن وجوده على رأس الهيئة أو الشركة أو الوزارة أو الحكومة أو الحكم، هو لفترة مؤقتة قد تطول أو تقصر، وأن المنصب ليس أبدياً مخلداً، فإن الكثير من الإنجازات سوف يحدث، وكثير من الشرور والمفاسد سوف يتلاشى.
الإحساس بأبدية المنصب يؤدى إلى الثقة المفرطة فى النفس التى تؤدى بدورها إلى التعالى على قبول النقد، مما يمنع مبدأ تصحيح الأخطاء، الذى يؤدى بدوره إلى هاوية لا قاع لها.
إن أهم ما فى مبدأ الرقابة الشعبية هو إحداث التوازن فى الأداء والمصالح والقدرة على تحديد الأخطاء والبحث عن حلول جذرية لها.
إن أهم ما فى مبدأ «المحاسبة» هو ألا يشعر أى مسئول، كائناً من كان، أنه فوق المساءلة وبعيد تماماً عن المحاسبة، فيحلو له أن يفعل ما يشاء، ويقرر ما يريد دون أى خوف من أى رد فعل.
الشعور بدوام «الحكم الأبدى» يؤدى إلى نهاية مبدأ الانتقال السلمى والشرعى للسلطة من نظام إلى آخر، ومن حزب إلى آخر، ومن شخص إلى آخر، عبر آلية دستورية فى دولة القانون والعدل.
الحاكم الأبدى حاكم مستبد بالضرورة، لأنه يعتقد أنه قد ورث الأرض ومن عليها، وأصبحت سلطته مطلقة فوق العباد وعلى كل البلاد.
لذلك كله وصل العقل الإنسانى إلى أهم مبادئ الفقه الدستورى، وهو أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن سلطة الحاكم مقيدة ومراقبة من قِبَل السلطة التشريعية، وتفصل بينهما السلطة القضائية.
أبدية السلطة تعنى بالضرورة أبدية فى ممارسة الأخطاء والخطايا دون أى رادع ودون أى خوف من مساءلة أو محاسبة.
لذلك كله أيضاً تم تحديد مُدد الحكم فى الأنظمة الديمقراطية بمدتين، كل مدة 4 أو 5 أو 6 سنوات على أقصى تقدير.
فى تلك الأنظمة يعرف الحاكم أنه مسئول عن تنفيذ برنامجه فى فترة زمنية محدّدة غير مفتوحة، وأن حاكماً آخر سوف يأتى بعده ويفتح ملفاته، ولن يتردد عن محاسبته إذا اكتشف بها أى أخطاء أو مفاسد.
فى شرعنا الإسلامى، وفى تراثنا الفكرى يتعين علينا أن نتذكر قوله تعالى: «لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ»؟ إنه لله الواحد القهار.