بقلم : عماد الدين أديب
يقول الإعلان التليفزيونى بصوت الصديق طارق نور: «لأن أقرب مستشفى من أسيوط تقدر بـ350 كيلومتر كتير من أصحاب القلوب المريضة بيموتوا فى الطريق».
ويدعو الإعلان إلى الاستمرار فى دعم مستشفى الأورمان للقلب الذى تم تشييده فى مستشفى أسيوط الجامعى بالجهود الذاتية.
هنا أتوقف ليس أمام الإعلان الإنسانى المؤثر، ولكن أمام مجموعة من الأسئلة المنطقية التى تكاد تُفقد أصحابَ العقول صوابَهم:
منذ أن قامت «الثورة المباركة»، أى منذ 64 عاماً، ألم تنتبه الدولة إلى أنه لا يوجد مستشفى للقلب فى الصعيد؟
منذ 64 عاماً تولى الحكم 6 رؤساء و37 حكومة، و27 وزير صحة، و25 وزير محليات، وعلى الأقل أكثر من 100 محافظ لمحافظات الصعيد ولم ينتبه أحد إلى أن المسافة بين الصعيد وأقرب مستشفى قلب هى 350 كيلومتراً؟
منذ 64 عاماً جاءت هيئة التحرير، ثم الاتحاد الاشتراكى، وجاء مجلس الأمة، ثم مجلس الشعب ومجلس الشورى، ثم مجلس النواب، وظهر أكثر من 105 أحزاب شرعية ولم ينتبه أحد إلى أن أقرب مستشفى قلب لمحافظات الصعيد على بُعد 350 كم؟
عشرات الآلاف من الساعات التليفزيونية فى تليفزيون الدولة، وتليفزيون المحافظات، وإذاعات الأقاليم، وصحف الأقاليم، والقنوات الخاصة ولم ينتبه أحد إلى مأساة مستشفى القلب؟
مئات الحملات الانتخابية لنواب وأعضاء مجالس محلية ولم يعِد أحدهم خلال 64 عاماً ببناء مستشفى قلب فى الصعيد؟
جامعات طب فى أسيوط ومحافظات الصعيد ولم يتقدم أحد من عمدائها إلى الدولة أو إلى وزارة الصحة فى القاهرة لإنشاء مستشفى قلب فى أسيوط؟
إننى أسأل ولا أعرف الإجابة، ولكن كم مريض قلب توفى وهو يُنقل بالسيارة عبر الطريق البرى يصارع الوقت مسافة الـ350 كم كى يصل إلى أقرب مستشفى؟
إنه شىء مذهل، وهو تعبير مؤلم عن الإهمال الجسيم فى حقوق البشر فى أبسط قواعد الرعاية الأساسية والإنسانية.
إننى أسأل كم من المليارات الأخرى التى أُنفقت على مشروعات أقل أهمية وأكثر إمكانية للفساد الإدارى والنهب الحكومى؟
السؤال الأخير المؤلم: أين أثرياء الصعيد؟ وأين أصحاب القلوب الرحيمة خلال 64 عاماً من التجاهل لصحة أبنائهم؟ ألم يكن لديهم القدرة على بناء مستشفى للقلب بعدما تخلت عنهم دولة القاهرة؟!