بقلم : عماد الدين أديب
ما زال عقل التحليل السياسى عندنا يقوم على الفكر الماضوى ولا يسعى بشكل علمى وموضوعى لاستشراف آفاق المستقبل بطريقة شفافة تتعامل مع الوقائع والحقائق والأرقام المجردة بعيداً عن روح الثأر والانحياز والأمنيات الشريرة.
بهذا المفهوم يتعين علينا من الآن أن نطرح السؤال عن مستقبل ما بعد تنظيم داعش؟
بالحسابات الرقمية وبموازين القوى العسكرية سوف ينكسر تنظيم داعش عسكرياً فى العراق وسوريا ولكن ستبقى «فكرة» و«مشروع» التنظيم كعقيدة فى عقول الشباب الذى يحلم بميلاد ونجاح الخلافة الإسلامية.
قد تنكسر قيادة التنظيم عبر عمليات القتل المنظمة بطائرات «الدرونز»، وقد تسقط القيادة العسكرية التى يديرها ضباط سابقون فى جيش البعث العراقى، وقد يتم تحرير كافة الأراضى التى احتلتها داعش من الموصل فى العراق إلى أطراف حلب فى سوريا، ولكن ستبقى الفكرة.
داعش، مثلها مثل القاعدة، تحولت إلى «حلم» و«مظلة»، تحتوى كل من يسعى إلى الجهاد لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، من سوريا إلى باكستان، ومن اليمن إلى الصين.
إذا انهزم التنظيم عسكرياً، فإن تعاطف الشباب سوف يزداد معه.
إذا انهزم التنظيم سوف تزداد حالة الشعور بالمظلومية تجاه ما سيتم تفسيره على أنه «تكالب القوى الصليبية» ضد مشروع الخلافة الإسلامية.
سوف تخرج دعوات من شباب الجهاد التكفيرى تطالب بالجهاد ضد الذين أسقطوا داعش.
المتوقع فى مرحلة ما بعد داعش ألا تظهر قوى «داعشية» أكثر اعتدالاً ولكن أكثر توحشاً عن التنظيم السابق.
داعش الجديدة قد تلجأ إلى الأسلحة الجرثومية والحرب الكيماوية واستخدام طائرات «الدرونز» فى حربها المقبلة.
ما لم نبدأ فى محاربة «داعش - الفكرة» فى مناهج التعليم الأولى، وفى منظومة ثقافتنا الوطنية، وفى تجديد خطابنا الدينى، فسوف تعود إلينا داعش بشكل أكثر قسوة وأكثر خطورة.
ومأساة طائرات قوى التحالف الأمريكى التى تقصف داعش يومياً تجعلنا نعتقد أنها بالقتل وحده تستطيع إنهاء الفكر التكفيرى.