رسالة للحريرى «لا تصالح»

رسالة للحريرى: «لا تصالح»!

رسالة للحريرى: «لا تصالح»!

 العرب اليوم -

رسالة للحريرى «لا تصالح»

بقلم - عماد الدين أديب

هل من مصلحة سعد الحريرى أن «يصالح» نظام الحكم الحالى الآن ويعود لرئاسة الحكومة اللبنانية؟

هل من مصلحته كإنسان، وكسياسى، وكزعيم لتيار «المستقبل»، ولتكتل 14 آذار، ولتيار السنة، وأخيراً للبنان، أن يقبل عروض العودة لإنقاذ مشروع الدولة الفاشلة الحالية فى لبنان يحدث هذا الآن فى ظل إخفاق غير مسبوق للحكومة الحالية، ولوصول الأوضاع إلى مرحلة ما قبل «المجاعة» الحقيقية بأيام معدودات ترك «الحريرى» رئاسة الحكومة حينما قدم استقالته وكانت قيمة الليرة مقابل الدولار الواحد ما يقارب 2400 فى السوق الحرة بعيداً عن سعر المصرف المركزى 1550 واليوم، فى زمن قياسى غير مسبوق تدهور سعر الليرة مقابل الدولار الواصل إلى ما يقارب العشرة آلاف، وفى محلات الصرافة 3900، وأصبحت لها تقريباً خمسة أسعار مختلفة يحدث ذلك وما زالت آثار الكورونا الاقتصادية تأتى كى تجهز على ما تبقى من أى صمود للاقتصاد اللبنانى المنهار ما قبل الفيروس.

يحدث ذلك، ومنذ أيام بدأت تداعيات عقوبات «قانون قيصر» المطبق على سوريا تلقى بتبعاتها على الأوضاع المالية المتهالكة التى قصمت ظهر البلاد والعباد. هنا يأتى السؤال المباشر: ماذا تفعل لو كنت سعد الحريرى الآن؟ هل تقبل مساعى نبيه برى، الذى يعتبر اللاعب الأهم فى معادلة التوازن السياسى فى لبنان بإعادتك إلى ترؤس الوزارة يدرك نبيه برى، السياسى المخضرم ذو الخبرة العميقة فى قواعد اللعبة السياسية اللبنانية منذ أكثر من نصف قرن، أن لبنان لا يمكن أن ينجح فيه أى عهد سياسى يقوم على «الغلبة السياسية» لتيار أو طائفة على الأخرى.

يدرك «برى» الذى عاصر التجربة السياسية منذ عام 1980 وتولى رئاسة البرلمان منذ عام 1992 وعاصر 13 مجلس نواب بحكوماتها المتعاقبة! أن منصب رئاسة الحكومة، الذى هو من حصة السنة، لا يمكن أن يولى لرمز سنى غير حائز على شعبية جماهيرية، ويدرك أيضاً أن «الإحباط السنى الحالى» وشعور معظم السنة، ومعظم الدروز، ونصف المسيحيين، وقلق السلطة الدينية المسيحية، هو نذير خطر. ويدرك «برى» أن التململ فى الضاحية الجنوبية لبيروت، والغضب فى صور وصيدا والنبطية، وهى مناطق تقاسم نفوذ شيعى تقليدى بين حركة أمل وحزب الله، هى علامات خطر غير مسبوق فى تاريخ الثنائية الشيعية الحديث.

ويدرك الجميع، وليس نبيه برى وحده، أن ثورة الشباب التى اندلعت تلقائياً فى 17 أكتوبر الماضى مطالبة بالرحيل الكامل لكل الطبقة السياسية حينها من جميع الأحزاب والطوائف هى مطلب جاد وحقيقى. ولا يخفى على مبصر ذى عقل أن الفشل الذريع للحكومة الحالية أدى إلى زيادة منسوب الغضب الشعبى بحيث شمل الغالبية العظمى للناس «فى كل الطوائف» وجميع التيارات. الحقيقة التى يجب أن يواجهها النظام الحالى أن عليه أن يختار ما بين خيارين أحلاهما مر: إما أن يعيد صياغة معادلة الحكم أو أن ينهار النظام كله على رأسه ورأس الشعب الصبور ويذهب لبنان إلى مجاعة تؤدى إلى فوضى لا نهائية خارج السيطرة.

قام هذا النظام على تركيبة حلف بين التيار العونى والثنائية الشيعية بمباركة من تيار المستقبل. وقتها وافق سعد الحريرى على هذه «التركيبة المستحيلة» من منطق «دعنا نجد صيغة توافق تضمن الاستقرار والنجاح».أبرم «الحريرى» هذا الاتفاق والتوافق مع الرئيس ميشيل عون وبمباركة نبيه برى رئيس البرلمان، وبحماية سياسية وأمنية من حزب الله يوماً بعد يوم اكتشف «الحريرى» بالممارسة اليومية، والتجربة المرة، أن قرار قصر الحكم الرئاسى فى بعبدا ليس فى يد الرئيس الشرعى، ولكن فى يد صهره المسيطر والقابض على مفاصل الرئاسة والتيار العونى جبران باسيل.

فى الداخل هناك رغبات باسيل، وفى السياسة الإقليمية هناك حزب الله هنا، ومهما تسلح «الحريرى» بكل أدوات الصبر والحكمة والاحتمال اللانهائى، فإنه وصل إلى طريق مسدود مسدود مسدود صبر «الحريرى» وخبرة «برى» لم يصمدا أمام انفجار ثورة الشباب فى 17 أكتوبر فهم «الحريرى» صراخ وأنين الشارع فقدم فى 29 أكتوبر استقالة حكومته، ولكن هذا الفهم لم يصل إلى جميع السلطات والقوى الأخرى. وتمت ترجمة هذه المعاندة وهذا التكبر والامتناع عن صراخ ومطالب الشارع إلى انهيار اقتصادى مخيف وصل إلى بلوغ الدولار الواحد إلى ما يقارب عشرة آلاف ليرة.

هنا يأتى السؤال: ما الذى استجد فى تركيبة معادلة الحكم حتى نعود مرة أخرى إلى خانة طرح عودة الحريرى مرة أخرى الإجابة المباشرة: ثبت أن معادلة وصيغة الحكومة الحالية فشلت تماماً فى تحقيق الإنجاز، والحصول على الرضا والشعبية، بل أدت إلى مضاعفة حجم التدهور والانهيار والسخط الشعبى هنا نعود ونسأل: وهل اكتشاف خطأ اختيار هذه الحكومة يكفى لعودة الحريرى أو أى رئيس حكومة سنى ذى حيثية نقولها بصراحة كاملة ومباشرة لا تعرف أى أهواء سياسية، إن مصير أى رئيس جديد للحكومة اللبنانية سيكون الفشل الكامل والذريع إذا تولى المنصب الجديد مع بقاء نفس المعادلة السابقة.

إن منصب رئيس مجلس الوزراء فى لبنان، دستورياً هو السلطة التنفيذية فى الدولة اللبنانية ومن أهم صلاحياته الرسمية:

أولاً: وضع السياسة العامة للدولة فى جميع المجالات، واتخاذ القرارات والمشاريع والمراسيم اللازمة لتطبيقها.

ثانياً: السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على جميع مؤسسات الدولة سواء كانت مدنية أو عسكرية.

ثالثاً: تعيين موظفى الدولة وصرفهم وقبول استقالاتهم وفق القانون.

وتؤكد جميع تجارب الحكومات فى عهد الرئيس ميشيل عون، أن رئيس الحكومة مقيد الحركة مشلول الإرادة بسبب نفوذ صهر الرئيس محلياً ونفوذ سوريا وإيران إقليمياً، فلا هو قادر على اتخاذ قراراته أو تعيين موظفيه أو رسم سياسته الخارجية!

هناك استحالة نسبية أن تنجح أى حكومة فى ظل الآتى:

1- سيطرة صهر الرئيس على مفاصل مؤسسة الرئاسة.

2- استمرار حلفاء سوريا فى لبنان فى إعطاء أولوية للأزمة السورية الطاحنة على معاناة لبنان، ومحاولة حل مشاكل معاناة الحكم والشعب فى سوريا على حساب الشعب اللبنانى الصبور.

3- استمرار الضغوط الإيرانية على حزب الله اللبنانى، كما هو حادث فى العراق، وسوريا، واليمن، وغزة، كى يكون ورقة ضغط إقليمية ودولية على الولايات المتحدة وحلفائها.

هنا نسأل: هل يمكن أن يتخلى الرئيس عن صهره، وحلفاء سوريا عن ارتباطهم بنظام الحكم الحالى فى دمشق، وحزب الله عن المرجعية الدينية والولاء الكامل لمشروع الولى الفقيه وهنا نسأل: هل يمكن أن تعود الليرة إلى سابق سعرها؟ وهل يمكن أن تتوقف ثورة الناس؟ وهل يمكن أن تعود دول الخليج لدعم لبنان فى ظل المعادلة الحالية؟ وهل يتوقف «ترامب» عن إجراءات عقاب إيران وسوريا وحلفائهما؟

الإجابة عن كل ما سبق: «لا» وألف «لا» إذا كانت الإجابة بـ«لا» كما هى نماذج الاختبارات الدراسية الأمريكية، فبأى حق، وبأى منطق، وبأى حساب، وبأى مغريات، يمكن للحريرى أن يعود لتحمل مسئوليات رئاسة الحكومة فى بلد عاش على معادلة «اللا غالب واللا مغلوب» القائمة على التوافق إن الذى يطلب من «الحريرى» أو رئيس حكومة سنى، أن يحكم عقله وضميره الآن بدون تعديل قواعد اللعبة السياسية كاملة، فكأنه يطلب منه أن يلقى بنفسه فى جحيم الجنون كى ينتحر سياسياً إلى غير رجعة.

إذا عاد الحريرى فى ظل معادلة استمرار الحكم بهذا الشكل، ونفوذ سوريا، وسيطرة إيران، فإنه يكون قد أقدم على الانتحار، أو قبل متطوعاً بجريمة اغتيال ثانية لـ«حريرى» آخر هذه المرة المعادلات أكبر من أى لاعب محلى لبنانى، والتدهور الحادث اليوم أكثر ضرراً من كارثة الحرب الأهلية التى استمرت 17 عاماً مفاتيح الحل -إن وجدت- ليست فى يد أى لاعب محلى، بل هى مرتبطة بمستقبل رئيس يحكم فى سوريا بانتظار الموقف النهائى من قبل بوتين، ومرتبطة بمسار اتصالات سرية بين طهران وواشنطن مرتبطة بمزاج ترامب.

قبل أن تعرف مصير سوريا وإيران فلا حل محلياً حقيقياً يقدر عليه أى زعيم لبنانى، بل كل زعماء لبنان مجتمعين. لن يقبل الشارع اللبنانى، مرة أخرى أية حكومة محاصصة صريحة أو مستترة، ولن يقبل قوى طائفية أو حزبية تقليدية. لن يقبل الثوار حكومة غلبة سياسية لتيار واحد أو طائفة بعينه هنا تصبح المصالحة، دون تغيير القواعد القديمة، دون الاستجابة الكاملة الصادقة لشروط التغيير، هى أكبر خطأ يرتكبه أى رئيس حكومة مقبل، لذلك يتعين على «الحريرى» أن يقول للذين يعارضونه: «لا يمكن القبول بالشروط القديمة». هنا نقول للأخ العزيز، والابن البار سعد الحريرى، نصيحة، هى جزء من رائعة الشاعر أمل دنقل بعنوان «لا تصالح».

لا تصالح

فما الصلح إلا معاهدة

بين ندّين

فى شرف القلب!

لا تصالح، لا تصالح، لا تصالح

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة للحريرى «لا تصالح» رسالة للحريرى «لا تصالح»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab