بقلم - عماد الدين أديب
أتمنى أن تعرض كافة القنوات العربية المؤتمر الصحافي الكامل للتقرير المفصل لمجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف حول جرائم إسرائيل بحربها الوحشية على غزة.
في هذا المؤتمر يتضح أمران:
الأول: التأكيد على أنه مازال في هذا العالم المادي المنحاز بشر لديهم ضمير حر، وأخلاقيات إنسانية لا يمكن أن يتجاهل الظلم والقتل والعدوان والتجويع والتشريد خوفاً من سطوة قوة وتأثير اللوبي اليهودي الصهيوني العالمي.
هناك بشر – ببساطة – لا يمكن أن يقبلوا أن يقفوا موقف المشاهد السلبي إزاء أكبر مذبحة جماعية وحرب إبادة وتطهير عرقي منذ الحرب الأهلية في رواندا والبوسنة والهرسك وجرائم «داعش» في سوريا والعراق.
ثانياً: كشف الحوار مع المتحدثة باسم المجلس سطوة وقوة الأصوات الصهيونية في الإعلام التي حاولت التشكيك في محتويات التقرير بغرض إبعاده تهمة السعي الإسرائيلي للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
أغرب ما قيل في هذا المؤتمر الصحافي لصاحبة التقرير بالنص: «هل يوجد لديك التقرير المكتوب الذي توجّه فيه الحكومة الإسرائيلية جيشها بالإبادة الجماعية؟»
سؤال يتحدى العقل والمنطق والتاريخ.
والحمد لله، جاء الرد على هذا السؤال الشرير حاسماً وقاطعاً.
قالت السيدة: «وهل يا سيدي عمرك قد وجدت أمراً مكتوباً من النازي أو من قادة البوسنة والهرسك أو في رواندا أو في أي عمل إجرامي للإبادة الجماعية؟».
ثم عادت وقالت: «الوقائع والتفاصيل لجرائم إسرائيل على الأرض في غزة لا يكفيها تقرير، ولكن تحتاج إلى مجلدات وموسوعات مفصلة».
من أصدق الحكم والأمثال حول هذه المسألة ما كتبه الروائي الروسي دوستويفسكي «من أبشع أشكال الظلم أن تُظلم ويتهمك ظالمك بتهمة الظلم».
وكأن الشعب الفلسطيني لم يضطهد أو يشرد أو يُظلم، وكأن مئة ألف قتيل وجريح لم يكونوا ضحايا رصاص إسرائيل وقذائفها، ولكن قرروا الانتحار الجماعي كي يكفروا عن ذنبهم في اضطهاد اليهود!!
شيء يتحدى العقل والمنطق ومضاد لأبسط قواعد العدل الإنساني.
وكأن جثث وأشلاء مئة ألف قتيل وجريح وكأن تدمير وحطام 60 % من منازل القطاع، وكأن وجود 2 مليون نازح مشرد جوعى عطشى بلا دواء وبلا مأوى لا يكفي لأن يكون دليلاً حياً وشاهداً لا يرقى إليه الشك في مشروع الإبادة الجماعية.