بقلم - عماد الدين أديب
في الظاهر تبدو إدارة بايدن محرجة من تصرفات حكومة نتنياهو اليمينية التي أصبحت تشكل عبئاً سياسياً على شعبية الرئيس المرشح للانتخابات، وتشكل إحراجاً متزايداً لسمعة الولايات المتحدة الأمريكية الأخلاقية، في الوقت الذي يرفع فيه الحزب الديمقراطي الحاكم شعارات «احترام القانون الدولي والحريات والقانون الإنساني».
ولكن في الواقع المؤلم، فإن إدارة بايدن مرتهنة القرار في عام الانتخابات الأمريكية لسطوة اللوبي الأمريكي الصهيوني وبالذات منظمة «الأيباك».
يزداد قوة ومكانة وحرية حركة مرشح الرئاسة في أي معركة، إذا كانت استطلاعات الرأي العام الأمريكي عاكسة لحجم رضاء معقول ومطمئن عن أدائه، مما يلقي بظلاله على حجم التبرعات المالية لحملته.
في حالة بايدن، ورغم كونه رئيساً ينهي دورته الأولى، إلا أن استطلاعات الرأي تظهر حالة متدنية عن عدم الرضاء عن فترته الرئاسية الأولى وتشير أيضاً – وهذا هو الأخطر – بتقدم منافسه الجمهوري دونالد ترامب عليه رغم وجود 93 قضية مدنية وجنائية منظورة ضده أمام القضاء المحلي.
والذي يوضح أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة وعدم استخدام حق النقض «الفيتو» ضده هو الآتي:
أولاً: 3 تصريحات لوزير الدفاع الأمريكي، والمتحدث باسم البيت الأبيض، والمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، والمتحدثة باسم وفد الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بأن «لا تغير في الموقف الثابت الداعم لإسرائيل في حربها ضد إرهاب «حماس»، والتأكيد مراراً وتكراراً خلال الــ 48 ساعة الماضية بأن القرار الصادر عن مجلس الأمن «غير ملزم بالتنفيذ».
ثانياً: الهجوم الكاسح والشديد الذي شنته وزارة الخارجية الأمريكية ضد تقرير هيئة حقوق الإنسان في جنيف التابعة للأمم المتحدة الذي يدين إسرائيل صراحة بارتكاب حرب إبادة جماعية في غزة، ويعتبر ما تقوم به هو جرائم ضد الإنسانية.
رفضت واشنطن التقرير شكلاً وموضوعاً واتهمت السيدة المفوضة عن التقرير بالانحياز ضد إسرائيل، وطالبت صراحة باستقالتها!
ثالثاً: كشف لقاء وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي الذي يزور واشنطن الآن بأن الولايات المتحدة لن تستخدم إمدادات السلاح أو قطع الغيار كوسيلة ضغط أو تعبير عن أي خلاف حول مسألة رغبة إسرائيل في عمل هجوم بري في رفح.
إدارة بايدن بين ضغوط متعددة تحاول فيها الحفاظ على الدعم التاريخي لإسرائيل وعدم خسارة(الايباك)، في الوقت الذي لا تريد فيه أن تخسر أصوات القوى الليبرالية اليسارية والشباب والأقليات والطلبة الذين يرفضون مشاركة بايدن في جريمة غزة سواء بالتمويل المالي أو التسليح العسكري أو الغطاء السياسي أو الحماية في المحافل الدولية.
دائماً في السياسة يصبح صعباً للغاية أن تحاول أن «تطلق تصريحات ومواقف شكلية ثم تأتي الأفعال والمواقف والأحداث وتثبت كذبها».
صعب على قوة عظمى أن ترفع شعاراً وتفعل عكسه في اليوم ذاته، وهذا ما حدث في مجلس الأمن ثم خالفته واشنطن في تقرير حقوق الإنسان في صبيحة اليوم التالي!