لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة

لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة

لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة

 العرب اليوم -

لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة

عماد الدين أديب

أدّعى بكل فخر أننى شاهدت وتابعت حتى الآن أكثر من 500 ساعة بث مباشر لجلسات المحكمة الخاصة الدولية لتحقيق العدالة فى ملف اغتيال الشهيد رفيق الحريرى.

والاهتمام بهذه المحكمة الخاصة بالنسبة لى يتعدى اهتمام المحلل المهتم بالشأن اللبنانى وتداعياته على المنطقة العربية، لكنه يتجاوز ذلك، لأنه أمر يتصل برغبتى فى معرفة من قتل واحداً من أحب الناس إلى قلبى وواحداً من أروع النماذج البشرية التى عرفتها.

كل من عرف رفيق الحريرى عن قرب، عشقه على المستوى الإنسانى، وكل من حاوره صحفياً، حتى لو اختلف معه، احترم آراءه.

وأذكر أننى التقيت به فى منزله بالرياض قبيل اغتياله بنحو مائة يوم، وسألته إذا ما كان يشعر بالخطر على حياته، فقال إنه تكرر ما يردده هذه الأيام بعض أصدقائى فى الرياض وباريس والقاهرة «يقصد بذلك استخبارات هذه الدول».

وأضاف الحريرى: «تأكد يا عزيزى أن مَن سيقتلنى سيكون قد حفر لنفسه حفرة عميقة بجانب قبرى».

كان الحريرى يدرك أنه خط أحمر أمام من يفكر فى قتله.

كان الرجل محسوباً فى صداقاته على الرئيس الفرنسى جاك شيراك، والعاهل السعودى الملك عبدالله، وعلى المسلمين السنة فى لبنان، وعلى قوى الاعتدال العالمية، لذلك كان نظرياً ومنطقياً يعتقد شبه استحالة اغتياله.

النقطة الأساسية التى غابت عن ذهن الحريرى أنه حسب الأمور بمنطق «رجل الدولة العاقل»، ولم يحسبها بمنطق «زعماء الميليشيات القتلة الذين يتقاضون أجر فاتورة الدم».

لذلك كله، ينصحون كل صانع قرار يتعامل مع عقل الميليشيات وذهنية القتلة، ألا يحسب حساباته بمنطقه هو، ولكن بمنطقهم هم!

لذلك أيضاً يعلّمون الضباط فى الأكاديميات العسكرية الحديثة »لا تقاتل ميليشيا كما تقاتل جيشاً نظامياً».

ويقول المفكر الاستراتيجى الصينى القديم «صن تسو» فى كتابه «فن الحرب»: «قاتل عدوك بالأسلوب الذى يقتله وليس بالأسلوب الذى تريد».

منطق الميليشيات يتجاوز منطق العقلية الدولية، نسبة إلى منطق الدولة، لذلك فإن زعيم الميليشيات يفكر بمنطق زعيم المافيا الإيطالية الآتى من سردينيا، وليس بمنطق رجل الدولة المؤمن بدولة القانون كما تعلمها فى هارفارد أو أكسفورد أو جامعة القاهرة.

منطق رجل الدولة هو ضرورة شرعية ممارسة العنف على أساس أن الدولة لا تقوم بممارسة حمل السلاح مثل رجال «الكاوبوى» الذين يتصدون للهنود الحمر عملاً بمنطق القتل على الهوية.

رجل الميليشيات ليس بحاجة إلى رخصة للقتل، ولا إلى نص قانونى لتفخيخ سيارة، ولا حتى فتوى شرعية أو قانونية لتفجير النفس.

رجل الميليشيات يتعامل مع جميع أنواع القتل والدمار مثل المدعو على بوفيه مفتوح، يفعل فيه ما يشاء دون قيد أو شرط.

واليوم، تمر عشر سنوات على جريمة اغتيال الشهيد الحاضر الغائب رفيق الحريرى، ويكون قد مر قرابة العام على بدء أعمال محاكمة قتلته فى محكمة خاصة دولية جرى إنشاؤها بقرار من مجلس الأمن الدولى.

لن تنهى هذه المحكمة أعمالها إلا بتسمية قتلة رفيق الحريرى بالاسم، والهوية، وجهاز الأمن، ومعرفة الأسلوب، والتحريض، والتمويل، والطريقة التى جرى بها الاغتيال.

رفيق الحريرى فى قبره الآن أقوى ممن قتلوه، وإذا كانوا قد دفنوه منذ سنوات، فإن قَتَلتَه سوف يدفنون سياسياً بجانبه كقَتَلة وليس كشهداء.

arabstoday

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 09:19 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:16 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

تحديات السودان مع مطلع 2025

GMT 09:15 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

«لا حل إلا بالدولة»!

GMT 09:14 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لعنة الفراعنة

GMT 09:08 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الأسرى... والثمن الباهظ

GMT 09:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة لا تعامل الميليشيات بمنطق الدولة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab