ذهب رئيس وزراء ويأتى الآن آخر جديد!
والعادة فى مصر المحروسة أن يبدأ الإعلام فى الحديث عن مساوئ الحكومة التى رحلت ويزيد من الوعود والأمنيات الوردية للحكومة المقبلة!
وفى الحقيقة، فإننى أعتقد أن المهندس إبراهيم محلب هو رجل يستحق كل الاحترام والتقدير من شعب مصر لأنه استطاع فى ظروف شديدة الصعوبة أن يحقق مجموعة من الإنجازات الهامة.
وللأمانة أيضاً يجب على أى تقييم عادل ومنصف لأداء حكومة المهندس محلب أن يأخذ فى الاعتبار 3 أمور:
أولاً: التفرقة بين أداء محلب وديناميكيته وبين مجلس وزرائه.
ثانياً: التفرقة بين أداء الوزارات السيادية والوزارات الخدمية.
ثالثاً: فى داخل المجموعة الاقتصادية والوزارات الخدمية هناك تباين شديد بين أداء وزير وآخر.
إن تعميم التقييم فى هذه الحالة هو تسطيح للأمور وفيه عدم دقة فى توصيف ما حدث.
والجميع يركزون فى تعليقاتهم حول «كيف» و«لماذا» رحل المهندس «محلب» وكيف ولماذا اختير المهندس شريف إسماعيل؟
وفى رأيى المتواضع أن السؤال ليس «كيف» رحل أو كيف اختير، ولكن السؤال هو ما هى معايير اختيار رئيس الحكومة؟
أعتقد أن أول معايير اختيار رئيس حكومة هو طرح إجابات عن 3 أسئلة رئيسية وجوهرية:
1- أى أهداف نسعى لتحقيقها؟
2- أى أزمات نريد مواجهتها؟
3- أى فترة زمنية سوف نمنحها لهذه الحكومة لتحقيق هذه الأهداف والتعامل مع هذه الأزمات؟
بناء على الإجابة عن هذه الأسئلة يتم اختيار رئيس الحكومة المناسب والأفضل للقيام بهذه المهام.
إذن نحن نختار رئيس الحكومة بناء على المتطلبات، وليس العكس!
وفى الأردن اعتاد الديوان الملكى الأردنى منذ عام 1951 أن يُصدر بياناً علنياً هو بمثابة خطاب التكليف الرسمى من ملك البلاد لرئيس الحكومة الجديد، وبناء على خطاب التكليف يتم تقييم الملك لأداء الحكومة، ويقوم مجلسا الأعيان والنواب بالرقابة والتشريع للوزراء.
فى هذه الحالة يعرف الناس معايير اختيار الحكومة.
وحينما ترحل الحكومة يُصدر الديوان الملكى بياناً يشرح فيه أسباب تغييرها.
المسألة الثانية التى تتلو موضوع معايير الاختيار هى «أزمة كيفية ترشح واختيار الوزراء».
نحن فى مصر لا نملك «مطبخاً سياسياً» مليئاً بالكوادر السياسية أو الفنية المؤهلة لتولى مناصب عامة.
لا يوجد حزب حاكم يدرب ويؤهل كوادر تسلم السلطة، ولا يوجد لدينا حكومة ظل تتابع وتراقب شئون الحكم وعلى استعداد لتسلم السلطة من حزب الأغلبية.
نحن لا نعرف بالضبط حقيقة أداء وكفاءة ومدى نزاهة المسئول إلا بعد سنوات من توليه المنصب العام!
لا توجد لدينا قاعدة بيانات ولا تحريات دقيقة حول كفاءة ونزاهة من نختار.
من هنا علينا أن نطرح السؤال فى حال اكتشاف فساد لدى مسئول كبير: هل نكتفى بالتحقيق مع الوزير المتهم بالفساد أم يجب أيضاً أن نحقق مع من اختاره وأثنى على قدراته إلى حد أنه رشحه لمنصب تنفيذى رفيع؟!