عماد الدين أديب
حينما يتصدى سياسى أو إعلامى أو مواطن لأى قضية لها علاقة بالاقتصاد، يتعين عليه أن يكون ملماً تماماً بالعناصر التى تؤثر على القضية التى يتحدث عنها.
أعرف أن معاناة الناس هى أكثر فصاحة من كل فلسفات المفكرين والمنظّرين، ولكن يتعين على الإنسان أن يعرف عناصر هذه المعاناة وأسبابها وتأثيراتها، وما مسئولية الحكومة فيها.
مثلاً يجب أن يعرف أن ارتفاع أسعار القمح والحبوب والغلال فى العالم يتأثر بالبورصة العالمية للأسعار.
وعلينا أن نعرف أن بلادنا تستورد أكثر من ثلثى موادها الخام التى تدخل فى عملية التصنيع المحلى والتى يتم دفع ثمنها بالعملات الأجنبية.
وعلينا أن نعرف أن انخفاض الجنيه المصرى مقابل الدولار يرفع أسعار كل شىء، بدءاً من مسحوق الغسيل، إلى الأسمنت، إلى حديد البناء، إلى سيارات الركوب.
من أسهل الأمور أن نخرج صارخين نشكو من تكاليف الحياة، ولكن من أصعب الأمور أن نعرف أن اقتصادنا يمر بمرحلة «الخروج من عنق الزجاجة».
وقد يقول لى قائل: «ماذا يفيد إذا حصل كل مواطن بسيط على رسالة دكتوراه مع مرتبة الشرف فى أسباب ارتفاع الأسعار؟ هل يخفف ذلك من وطأة مصاعب الحياة عليه وعلى أسرته؟
الإجابة ببساطة: لسنا وحدنا الذين نعانى من ارتفاع تكاليف الحياة، فالجميع من الصين الشعبية إلى بريطانيا، ومن ماليزيا إلى السعودية يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة، ولكن الفارق الجوهرى هو أنهم يعيشون فى مجتمعات مفتوحة تطلع مواطنيها على كافة حقائق الأمور مهما كانت صعبة ومؤلمة.
يجب أن يعرف الناس حقيقة الاحتياطى النقدى العام، ومخزون السلع، وحجم البطالة، ومعدل كفاءة أداء الاقتصاد وحجم المديونية الداخلية والخارجية.
المواطن حينما يعلم الحقائق يصبح شريكاً فى المسئولية، وجزءاً من الحل وليس طرفاً فى المشكلة.
لذلك يتعين على البرلمان الجديد أن يفتح نقاشاً مجتمعياً بمنتهى الشفافية حول حقيقة التحديات الضاغطة التى تواجه اقتصادنا.