عماد الدين أديب
اتصلت بأحد أصدقائى كى أهنأه بالشهر الفضيل أول أيام رمضان، وإذا به مرتبك وحزين ومتوتر، لأنه لا يجد «علبة زبادى واحدة» فى كل محلات بقالة منطقة العجوزة!
حدث المتوقع والمتكرر فى أولى ليالى رمضان منذ أكثر من مائة عام، وهو قيام الناس بهجوم كاسح على كل البضائع والمأكولات المتوفرة فى الأسواق، وشرائها بكميات كبيرة بهدف التخزين خوفاً من سرعة نفادها.
والمنطقى فى هذه الحالة الاستهلاكية هو أن الطلب يتضاعف عدة مرات عن معدلاته الطبيعية مما يؤدى إلى ضعف أو قلة المعروض أو حتى اختفائه تماماً من الأسواق.
ولو أن كل إنسان قام بشراء احتياجات أسرته ليوم أو يومين، وليس احتياجات العمر كله، ما ظهرت حالة اختفاء السلع مثل: الخبز، والزبادى، والفول، والدجاج، واللحم، وأنواع الجبن والعسل.
نحن لا نعرف كيف نستهلك رغم أننا شعب قليل الموارد، ضعيف الدخل، يعانى أكثر من 90٪ منه من معدلات دخل تقل عن ثلاثة دولارات أمريكية فى اليوم الواحد وهو يعادل متوسط خط الفقر العالمى.
ولو تأملنا موائد معظم الناس فإنها لا تقتصر على طبق واحد رئيسى ولا على نوع واحد من الحلوى.
وتأتى كميات الطهو المقدمة على الموائد فوق قدرة أى معدة على التناول والالتهام بأى معدل إنسانى.
فى ذات الوقت لدينا فائض مخيف من الطعام يلقى فى معظم الأحيان فى القمامة، بينما هناك الملايين الذين يبحثون عن لقمة خبز نظيفة وطبق أرز وبعض الخضر المطهوة وقطعة حلوى صغيرة يشعرون بها أنهم حصلوا على جائزة الصيام.
إن أول أشكال التكافل الإنسانى فى هذا الشهر الفضيل هو التوقف عن حالات الاستهلاك المجنون، ثم السعى إلى توفير لقمة طعام محترمة مما نأكل لكل عابر سبيل أو مسكين غير قادر.
وتذكروا قول سيد الخلق: «ليس مؤمناً من بات شبعانَ وجاره جائع».