لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

 العرب اليوم -

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

بقلم : علي الرز

يستشري، عربياً، مرض التسليم بالمواقف السياسية لهذه الدولة او تلك لبناء استنتاجاتٍ سريعةٍ تتجاوز الجوهر الأساس للنزاع. من ذلك الضجة التي أحدثها تصريح رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم عن بقاء بشار الأسد في السلطة لفترة وشراكته في المرحلة الانتقالية، وهو تصريحٌ تَوّج جملةَ الاستداراتِ الترميمية التي بدأتْها تركيا قبل الانقلاب الفاشل وتابَعتْها.

والمرض العربي لا يقف عند حدٍّ واحدٍ بل يتغلغل في كل الحدود، فإذا قالتْ تركيا إن لا مكان للأسد لا في السلطة ولا في المرحلة الانتقالية يتمّ التسليم ايضاً بذلك كمادةِ استنتاجٍ، لا بل تصبح تركيا رأس حربةٍ في مشروع إسقاط الأسد ويصبح الشأن التركي الداخلي تالياً جزءاً من هموم المُواطن العربي الخائف على أيّ تغييرٍ يُضعِف صلابة الأتراك تجاه قضية عادلة.

الثورة السورية ثورة شعبٍ على نظامٍ يَعتبر الأرض ومَن عليها مزرعة خاصة له يحميها داخلياً بكل أنواع القمع والتنكيل، ويحميها خارجياً بوظيفةٍ مكشوفة ومعروفة تقتضي التمدُّد لـ "كمْش" الأوراق مع الحليف الاستراتيجي إيران ثم التفاوض على الأرباح لا على رأس المال، أما إسرائيل فكانت في صلب الاستخدام القهري للسوريين أداةً لمصادرة الحياة العامة والحريات بحجة ان لا صوت يعلو فوق صوت معركةٍ ... وهمية.

قلّة قليلة في الثورة السورية قرأتْ بعينيْن واضحتيْن خطة الأسد والإيرانيين لـ "شيْطنة" الثورة وتحويلها الى "جماعاتٍ متطرفة". قلّة من مختلف المناطق والطوائف تمّ عزْلها لاحقاً بفعل المتغيّرات على الأرض، والتخبّط الخارجي في إدارة ملفٍ بهذا الحجم، ونقْص الخبرة وغياب التجربة السياسية. خرجتْ "القاعدة" و"داعش" من رحم ثلاث مناطق تسيطر عليها أنظمةٌ تسيطر عليها إيران. سجون عراق المالكي، وسجون سورية الأسد، وسجون المكلا وعدن وصنعاء تحت سيطرة الحوثيين. عشرات آلاف الكوادر عادتْ للعمل ففرّختْ وتوسّعتْ واستقبلتْ قوافل المهاجرين من كل أنحاء العالم. بقي مَن اتخذ القرار مركزياً في إيجاد أرضٍ لدويلات "المجاهدين" ثم ترَك لهم إدارتها بلا مركزية مطلقة لاستقطاب العالم ومخاوفه ... اختلطتْ الأوراق وصارتْ كل سكّينة "داعشية" تَذبح غربياً او عربياً او سورياً وكل عملية في العالم ممراً لمزيد من الانفتاح "الأمني" على الأسد.

فعلتْ ورقة المتطرّفين فعْلها. وصل الروسي من بوّابة أوكرانيا بحججٍ مختلفة مثلما فعل الإيرانيون سابقاً، ووصل الاميركي بخجلٍ من خلف الرداء الروسي وتحت سقف التدخل الدولي. بقي الأسد مشكلة في خطابات قادة العالم، لكن "الدولة الإسلامية" مشكلة أكبر. واذا لم تكن عمليات "داعش" داخل تركيا فاعلة في تغيير موقفها، فورقة الأكراد جاهزة لليوم الأسْود، وخصوصاً بعد تحضير المسرح لهم بشكل جيّد وسماح النظام السوري بتسليحهم غربياً والتنسيق الميداني معهم. هؤلاء لا ينتحرون مجاناً او بشكل شبه مجّاني كما يفعل أتباع "داعش"، بل يقاتلون من أجل دولةٍ اذا ما قامت في أيّ مكانٍ داخل المربّع الإيراني السوري التركي العراقي فإنها تخلخل أضلاعه.

أعادت تركيا تموْضعها سياسياً داخل المثلث الذي يجمعها بإيران وروسيا، وبدأتْ تحت ستار البراغماتية تطلق إشاراتٍ الى أعداء الأمس الذين التقطوها وردّوا التحية بمثلها في الحسكة. عاد الجميع الى "الحلّ السياسي"، وهو عنوانٌ مطّاط مضمونه الفعلي ترْك السوريين للمذبحة. إعجاب أنصار الأسد وحتى بعض أعدائه بقدرته على استخدام الأوراق لتحويل الثورة الى ما صارتْ عليه اليوم ولتغيير مواقف دولٍ إقليمية وعالمية، هو إعجابٌ حقير أقرب الى الشراكة منه الى إبداء رأي. إعجابٌ بقاتلٍ تَباهى أمام وسائل الإعلام بجرائمه ومجازره وبراميله وترَك للعالم "فخر" المحاولة لإخفاء ما أمكن من أدلّة ... بما فيها الكيماوية.

استدارة الأتراك سواء بقيتْ "هلالاً" او اكتمل قمرها، وخُبْث الكرملين، وهيْمنة إيران، وتواطؤ البيت الأبيض، والتجاهل العربي، ومعارك حزب الله، وعصائب أهل الحق، والحشد الشعبي، وشراذم الأفغان، وشبيحة النظام السوري، وظلم ذوي القربى ... لا تُغيِّر، ولن تُغيِّر، من كتاب الأسد الاجرامي حرفاً، ودماء شهداء سورية ستنتصر حتماً على سيْفه.

arabstoday

GMT 14:49 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

قَطْشِة أبو خليل

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 06:03 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

شيعة البراميل... والسفارة!

GMT 06:39 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:23 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab