ولا يَقْطَع لحمة منها

.. ولا يَقْطَع لحمة منها!

.. ولا يَقْطَع لحمة منها!

 العرب اليوم -

 ولا يَقْطَع لحمة منها

بقلم :علي الرز

في تصريحاتٍ له قبل استقالته من زعامة كاثوليك العالم، قال البابا بنديكتوس السادس عشر إن قوّة الدين لا تكمن في قوّة نصوصه التاريخية بل في قدرته على إيجاد حلول حديثة متجدّدة لقضايا عصرية. وهو كرّس وقتَه الى جانب ترسيخ البُعد الروحي في الحياة، لرؤيته الاقتصادية ونَظْرَتِه الى قضايا توزيع الثروة والحفاظ على البيئة، وأخلاقيات العالم في ما يتعلق بالهجرة وإعطاء الجنسية لمستحقّيها ومكافحة الإرهاب، ونزْع السلاح النووي من كل العالم واعتماد الطاقة النووية أداةً للتنمية ومحاربة الفقر، إضافة الى رأيه الفلسفي - الأخلاقي في علم الأحياء والانفجار السكاني وهموم الجيل الشاب والتحديات التي يفرضها التقدّم العلمي على التطوّر المُجْتَمعي. 

مناسبةُ التقديمِ ليست الإضاءة على سيرة بابا الفاتيكان السابق، فهو كتَبَ الكثير وكُتِبَ عنه الكثير، وليست الإضاءة على مواقفه السياسية البحتة التي له ما له وعليه ما عليه فيها، وليس تفضيلاً لدينٍ على آخر أو وضْعاً للأديان في محطات المقارنة، فالنصوص تتشابه والاستشهادات والاجتهادات كذلك ... لكن قوّة الدين - أيّ دين - تكمن فعلاً في قدرته على التجدُّد ومواكبة المعاصَرة بحلولٍ مناسبة. نقول ذلك والمشهد الاجتماعي العربي يضجّ هذه الأيام بفتاوى ومواقف لدعاةٍ مسلمين تحمل "إجاباتٍ" لتحدّيات معاصِرة تجعل المتلقّي يرقص مذبوحاً من الجهل.

أحد الدعاة البارزين "يكشف" في محاضرةٍ له عن حوارٍ دار بين شخصٍ متوفٍ اسمه الإمام الشعبي وبين جنّ استوطن منزله فأكل معه وشرب. ومن تفاصيل الحوار أن الجنّ أبلغ "الشعبي" أن أمّته تضم أيضاً مذاهب متعددة لكن أَخْبثها هو مذهبٌ معيّن، فردّ الأخير بأن أمة الإنس أيضاً تضمّ مذاهب متعددة وأَخبثها المذهب نفسه في أمة الجنّ. وطبعاً كلام الداعية الشهير يأتي في إطار "نبوغه" العلمي الذي لم يرَ في تطورات العالم العلمية وقدرة الإسلام على مواجهتها إلا تكريس الجهود لتحريض المذاهب ضدّ بعضها وافتعال فتنٍ داخلية واضطراباتٍ دموية.

داعيةٌ آخر، غابتْ عنه الاتفاقات الدولية التي أُبرمتْ وتلك المستجدّة المتعلقة بالتجارة والبيئة والمناخ والتكنولوجيا، وحضرتْ عنده تفاصيل اعتبرها الأساس في نُصرة الإسلام والمسلمين، أهمّها الانتقاص الدائم من صحابة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ومن بعض أزواجه، وتعبئة الناس بشكل مستمرّ على ان هناك قضية ظلم تَعرّض لها أهل بيت الرسول عليهم السلام منذ 1400 سنة، وأن هذه القضية هي القضية المحورية التي لن تقوم للمسلمين قائمة إن لم تصبح خبز تحريضهم اليومي ويَنتقمون لما حصل في كربلاء.

والأحدث في سلسلة "الإجابات المعاصرة"، ما قاله داعيةٌ بل رئيس دار للإفتاء في إحدى الدول العربية، من أن "المرأة بنصف عقل وإذا خرجتْ إلى السوق سينقص عقلها زيادة نصف، فسيبقى من عقلها ربع".

تحاول ان تلتقط أنفاسك، فَيَدلّك أصحابك على داعيةٍ يلقي محاضراته في قناةٍ تلفزيونية اسمها قناة "الرحمة". تتأمّل منه خطاباً أكثر رحمة وعصرية، فَيَلْكمك بنظريةٍ لا علاج لها. يقول إن الله "كرّم المرأة بِعقوبة الضرب"، لأن الضرب له "قواعد"، فهو ليس على الوجه ولا يَترافق معه تقبيح او سباب، فإذا ضرب الرجل امرأته لا يَشْتمها ولا يزيد عن عشر ضرباتٍ في موقعٍ معيّن من الجسد، ثم يقول حرفياً:"أدب، هو الأدب، فإن ضرَبها لا يَكسر عظمة ولا يَقطع لحمة ولا يَكسر سناَ ولا يفقأ عيناَ، لا يرفع يده الى أعلى بل يضربها بحذاء صدره ... أدب"، والأدهى والأمرّ ان المذيع يردّد:"يا سبحان الله".

والغوْص في أمْثلةٍ حيّةٍ لـ "دعاة كل يوم" مثل معاشرة البهائم والموتى، يَكشف أن وجودهم في منابر مفتوحة بهذا الشكل يُقْفِل آفاق البحث عن مكان لنا في عالَم متقدّم. ولنكن منصفين، فإن الفتاوى اللاعقلية ليست خاصية إسلامية بل موجودة في كل الأديان وآخرها تشبيه مقام كنسي لبناني ممارسة اليوغا باستحضار الشياطين ... لكن المهمّ اليوم هو الرهان في التغيير على المتديّن المتلقّي أكثر من الرهان على أصحاب المنابر.

العالم الحقيقي جلّ همّه كيف يجد من خلال موْقعه إجاباتٍ حديثة على قضايا عصرية ومتجدّدة وتحديداً ثورات العلم والتكنولوجيا والهنْدسة الوراثية والبيئة والانفجار السكاني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. أما تكريم مَن كانت بربع عقل من خلال عدم قطْع لحمها او فقء عيْنها عند ضرْبها فيضرب مثلاً واضحاً وضوح الشمس على الفارق بين العلماء... ووظائفهم.

arabstoday

GMT 14:49 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

قَطْشِة أبو خليل

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 06:03 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

شيعة البراميل... والسفارة!

GMT 06:39 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:23 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 ولا يَقْطَع لحمة منها  ولا يَقْطَع لحمة منها



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab