نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

 العرب اليوم -

نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

عريب الرنتاوي

مناخات التشاؤم تطبع أحاديث كل من تلتقيهم من خبراء ودبلوماسيين ومختصين في شؤون “عملية السلام في الشرق الأوسط” ... إحساس عميق مهيمن، بأن فرص تحقيق “اختراق” على هذا المسار تآكلت منذ زمن، قبل أن تطيح بها نتائج الانتخابات الأخيرة للكنيست العشرين في إسرائيل، وأن خيار “حل الدولتين” قد بات وراء ظهورنا.

لا شريك إسرائيلياً في هذه العملية، هذه هي الخلاصة التي يخرج بها حتى “أصدقاء تقليديون”، وثمة شواهد كثيرة يدرجها محدثوك تكشف عن انتفاء الرغبة والإرادة والمصلحة، لدى “الطبقة السياسية” الحاكمة في إسرائيل في إنهاء الاحتلال الذي بدأ العام 1967، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس ... الحديث هنا، لا بد أن يتداخل مع استعراض مفصل للواقع الكارثي الذي تعيشه القيادة والحركة الوطنية الفلسطينيتان، جراء اهتراء الأطر القيادية والمؤسسية للسلطة والمنظمة، وتشظي حركة فتح وشللها، وديمومة الانقسام الفلسطيني الداخلي، سياسياً ومؤسساتياً وجغرافياً وديموغرافياً، ما يزيد طين عملية السلام، بلّة.

انسداد مسارات الحل السياسي للقضية الفلسطينية وتآكل “حل الدولتين” لا يعني الانتقال تلقائياً إلى خيار “حل الدولة الواحدة” كما يظن بعض أنصاره، فدون هذا الخيار عقبات وعراقيل أشد صعوبة وتعقيداً من تلك التي تجبه “حل الدولتين”، فإذا كان للخيار الأخير بعض الأنصار في إسرائيل، فإن الخيار الأول، لا نصير له، حتى من بين أكثر النشطاء في “معسكر السلام” الإسرائيلية حيوية وحماسة؟!

الخيار الواقعي المتبقي، الذي تدفع إسرائيل باتجاه جعله أمراً مفروضاً ومخرجاً وحيداً من الاستعصاء، هو خيار “دولة البقايا” أو دولة “الجبنة السويسرية”، مقطّعة الأوصال، التي توفر للفلسطينيين شكلاً، دولة وكيانا، لكنها في الواقع، ليست أكثر من “إعادة تنظيم واقع الاحتلال”، ووسيلة لإنقاذ “الدولة اليهودية” من “التحدي الديموغرافي”، وتمكين حكومة اليمين واليمين المتطرف من تفادي الضغوط والعزلة الدولية.
هذا الخيار، لا يمس حقوق الفلسطينيين الوطنية غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير والدولة والعاصمة، بل ويتهدد الأردن في أمنه واستقراره وهويته الوطنية ... نتيجة من هذا النوع، هي تهديد مباشر للمصالح الوطنية العليا للأردن في الحل النهائي، والتي توافق الأردنيون على تعريفها بقيام الدولة القابلة للحياة والمستقلة، التي تجسد الهوية الوطنية للفلسطينيين، وتفسح في المجال أمام الأردن للإجابة عن الأسئلة الكبرى التي لا تزال عالقة على أجندته الوطنية، ومن بينها سؤال: من هو الأردني؟ ... وماذا عن مصير أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يقيمون إقامة دائمة في الأردن، ومنذ ثلاثة أجيال أو أربعة، ولا يتمتعون بالجنسية الأردنية، ولا يمارسون أي حقوق سياسية في أي من الأطر والكيانات الفلسطينية؟

الانزياح المنهجي المنتظم صوب اليمين القومي والتطرف الديني والقومي في إسرائيل، سيجعل من أي محاولة لاستئناف عملية سلمية ذات مغزى، أمراً عصياً على النجاح والاختراق ... وهذا الوضع، سيضع الأردن في صدام، شاء أم أبى مع إسرائيل، ومن المتوقع أن نكون بانتظار سنوات أربع عجاف على أقل تقدير، حتى لا نذهب في تشاؤمنا الواقعي أبعد من ذلك بكثير، وهو أمر له ما يبرره على أية حال.

إن صحت هذه القراءة للمشهد الإسرائيلي، ولمآلات عملية السلام ومصائرها، فإن الأردن، دولة وحكومة ومجتمعا، مدعو للتفكير جدياً في “الخطة ب “، وهو أمر طالبنا به منذ بضع سنوات من دون جدوى ... “الخطة ب” تنهض على فرضية فشل عملية السلام ومسار التفاوض وانهيار خيار “حل الدولتين” ... ماذا نحن فاعلون؟!

المراقب للأداء الحكومي في هذا المجال، لا يلحظ أنه محكوم أو حتى متأثر بهذا السيناريو الأكثر ترجيحاً ... فالحكومة أدارت ظهرها لكل الدعوات المطالبة بالتوقف عن إبرام اتفاقات ذات طبيعة استراتيجية وبعيدة المدى مع إسرائيل، وفي حقول حساسة ومهمة كالمياه والطاقة، من شأنها أن تزيد من “اعتماديتنا” عليها، في الوقت الذي يدرك فيه، الأعمى والبصير، أننا مقبلون على حالة تصعيد واشتباك مع حكومة اليمين الديني والقومي الرابعة لنتنياهو ... مثل هذه الإشارات المتضاربة والمتناقضة، تضعف الموقف الأردني، الآن وفي المستقبل، وتحد من قدرتنا على مقارعة إسرائيل والتصدي لعدوانها واستيطانها وانتهاكاتها المتكررة لمعاهدة السلام.

والشاهد، أن ميادين الاشتباك المرجحة مع إسرائيل في قادمات السنين، لن تقتصر على ملفات التفاوض والحل النهائي، هذا أمرٌ مفروغ منه ... “الرعاية الهاشمية” للأقصى والمقدسات، ستكون ميداناً آخر من ميادين الاشتباك والمواجهة، ولقد برهنت تجربة السنوات القليلة الماضية، أن في إسرائيل تيارا متناميا، وبات جزءا من الكنيست والحكومة والائتلاف، لم يعد يبدي اهتماماً بأمن الأردن واستقراره، باعتباره متطلبا للأمن والاستقرار الإسرائيليين، كما درجت “النظرية التقليدية” على القول... لهذا التيار أولوية أخرى، تتمثل -أساساً- في التوسع الاستيطاني وتهويد القدس و”أسرلة” معالمها، حتى وإن أدى ذلك إلى إضعاف مكانة القيادة الأردنية والإضرار بصورتها، بل حتى وإن أفضى إلى المس بأمن الأردن واستقراره.

أبعد من ذلك نقول، إن في إسرائيل اليوم، من بدأ يراهن على امتداد “حالة الفوضى” للأردن والضفة الغربية استتباعاً، حتى تتاح له فرصة “خلط حابل الأوراق بنابلها”، وربما فرْض حل على الفلسطينيين بالتهجير القسري، إن لدوافع اقتصادية أو أمنية، فالمنطقة بأكملها تعج بملايين اللاجئين والنازحين، ولن يضيرها أو يزيد من أعبائها، إضافة مليون أو مليوني لاجئ جديد، تنتهي معها حكاية “الخطر الديموغرافي” وتحسم في ضوئها مسألة “يهودية الدولة”، ويصبح بنتيجتها لإسرائيل “مكان تحت الشمس”.

ليست مبالغة أو تطيرا، بل اقتراب حذر من أكثر السيناريوهات خطورة، وهو وإن لم يكن مدرجاً على جدول أعمال إسرائيل اليوم أو غداً، لكنْ في إقليم متغير على هذا النحور، علينا التحسب لأكثر السيناريوهات تطرفاً، لأنها غالباً ما تكون أكثرها واقعية ... هل كان يخطر ببالنا قبل عام أو عامين، أن “داعش” ستكون جارتنا على الحدود الشرقية و”النصرة” على الحدود الشرقية؟ ... هل كان التفكير بـ “عاصفة الحزم” ممكناً قبل ثلاثة أو أربعة شهور؟ ... ما الذي يمنع أن تكون الضفة الغربية، بؤرة التركيز والاهتمام خلال أشهر أو سنوات قلائل؟

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن وإسرائيل و«الخطة ب » نحن وإسرائيل و«الخطة ب »



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab