عن الحل السياسي لليمن

عن الحل السياسي لليمن

عن الحل السياسي لليمن

 العرب اليوم -

عن الحل السياسي لليمن

عريب الرنتاوي

لا أحد من اللاعبين أسقط من حساباته فكرة “الحل السياسي” للأزمة اليمنية، بمن في ذلك الأطراف المنخرطة في العدوان على هذا البلد الشقيق ... دول التحالف العربي بقيادة السعودية تتحدث عن “حل سياسي” في نهاية المطاف، وتعرض لتصوراتها (اقرأ شروطها) لهذا الحل ... إيران، نيابة عن “المحور الآخر” تتحضر لإطلاق مبادرة سياسية لإنهاء دوامة القتل اليومي للمدنيين، التي تثير قلق المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، ووقف انزلاق اليمن إلى درك أسفل من الفوضى والخراب والانهيارات.

لكن ليس كل من يتحدث عن “حل سياسي” يعني تماماً ما يقول، فكثير من هذه الأحاديث يستبطن أجندات أخرى ... وثمة فرق بين حل سياسي توافقي، ترتضيه القوى الرئيسة وتستطيع العيش تحت ظلاله والاستجابة لمقتضياته، وحلول أخرى مقترحة، هي بمثابة “صكوك إذعان” يُراد فرضها على فريق دون آخر ... مثل هذه المقاربات، تخفي أسوأ النوايا حيال اليمن، وتعكس أكثر القراءات سذاجة للمشهد اليمني المعقد.

الحل السياسي لليمن، يبدأ أولاً بوقف الأعمال الحربية، فلا مجال للحديث عن حوار ومفاوضات وتسويات، فيما عشرات اليمنين يفقدون أرواحهم وتهدم منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم وبناهم التحتية يومياً ... فإن تعذر الوصول إلى وقف شامل وفوري للأعمال القتالية والعدائية، فلا أقل من هدنات إنسانية متكررة، تمكن من التقاط الأنفاس وإجلاء القتلى والجرحى والمشردين، وإدخال المواد الغذائية والطبية ... لا أقل من تحييد المدنيين عن ساحات القتال الدائر بقوة على أرض اليمن الذي كان سعيداً ذات زمان.

والحل السياسي يتأسس على حوارات ومفاوضات تجري بين مختلف الأفرقاء، على أرض محايدة، لم يتورط أصحابها في سفك دماء اليمنيين وليسوا منحازين بالتمام إلى جانب فريق ضد فريق آخر ... كل الدعوات الحالية لإجراء الحوار اليمني – اليمني  ليست جدية على الإطلاق، ولا تعكس رغبة حقيقة في الحل والتسوية، بقدر ما تشف عن رغبة في إملاء شروط الاستسلام على فريق يمني – إقليمي لصالح فريق آخر، وهذا لن يحصل بحال، حتى وإن استمرت الحرب لعام آخر قادم.

والحل السياسي، بحاجة لوسطاء نزيهين، متخففين من أية أجندات تنتمي لحروب المذاهب والمحاور والمعسكرات في المنطقة ... هنا يمكن الإشارة إلى دور محتمل للجزائر وسلطنة عمان، ويمكن التنسيق مع الثلاثي الإقليمي: إيران باكستان وتركيا، فضلاً بالطبع عن الرياض على رأس تحالف “عاصفة الحزم” ... وفي مطلق الأحوال، لا يمكن المقامرة باستبعاد دور الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، إذ من دون شبكة أمان دولية، لا معنى ولا قيمة للحديث عن حل سياسي.

والحل السياسي لليمن يبدأ من حيث انتهت الحوارات السابقة بين مختلف أطرافه، إذ لا يمكن لعقارب الساعة أن تتوقف عند “المبادرة الخليجية” التي ثبت بالملموس أنها كانت سبباً في المشكلة لا وسيلة للحل، وأنها صُمتت في الأصل، لقطع الطريق على رياح التغيير التي هبت على اليمن في سياقات الربيع العربي، وأن هدفها الرئيس لم يكن إلا إبقاء القديم على قدمه، مع بعض “الجراحة التجميلية” التي أخرجت الرئيس صالح وجاءت بنائبه في الحزب والدولة، في موقعه... الحل في اليمن، يجب أن يبني على نتائج حوارات “الموفنبك” واتفاق السلم والشراكة، ومطالب الحراك الشبابي والشعبي في “العدالة الانتقالية”، وأن ينتهي إلى تصميم نظام سياسي قائم على “اللامركزية” أو الفيدرالية، غير المفخخة بأسوأ النوايا، كما في مشروع الأقاليم الستة الذي تبناه الرئيس الهارب، ودافع عنه باستماتة شديدة، نيابة عن داعميه من دول الجوار.

الحل السياسي في اليمن، يجب أن يتخطى الجانب الإجرائي – الشكلي، إلى معالجة أسس المشكلة اليمنية، والمتمثلة في الإقصاء والتهميش والإلغاء ... وبناء الدولة المدنية العادلة التي تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها ومكوناتها، بصرف النظر عن مشاربهم ومرجعياتهم السياسية والفكرية والمذهبية ... الحل السياسي في اليمن يجب أن يلحظ الحاجة لتخليص هذا البلد من قوى التطرف والإرهاب، التي تتخذ منه ملاذاً آمناً وتنطلق منه لمهاجمة أهداف في جزيرة العرب والمنطقة والعالم.

الحل السياسي التوافقي في اليمن، يجب أن ينهض على صيغة “لا غالب ولا مغلوب”، لا منتصر ولا مهزوم ... وبخلاف ذلك، فإن أية تسوية ستزرع بذور انقسام لاحق وتؤسس لحروب قادمة ... وأي إصرار على حلول وإملاءات مفروضة وشروط مسبقة، يستبطن حكماً أسوأ النوايا حيال اليمن، الذي لا يخفى على أحد، أن أطرافاً عديدة، تريد له أن يبقى ضعيفاً، مفككاً، فقيراً ومجوعاً.

المؤسف حقاً، أن شروط هذا الحل لم تتوفر بعد على المستوى الإقليمي، واستتباعاً يصعب الحديث عن توفرها على المستوى الوطني – اليمني ... وربما لهذا السبب بالذات، من المتوقع لهذه الأزمة أن تتطاول، وأن تمتد بتأثيراتها إلى مساحات أخرى من دول الجوار والإقليم، لكأننا أمام طبعة جديدة، مزيدة ومنقحة من الازمات المشتعلة في كل من سوريا وليبيا والعراق.  

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحل السياسي لليمن عن الحل السياسي لليمن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab