بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف؟!

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف؟!

 العرب اليوم -

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف

عريب الرنتاوي

هل تذكرون “موسم محاربة التطرف” الذي ازدهر وراجت أنشطته بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة؟ ... يومها لم تبق مؤسسة مدنية أو حزب سياسي أو جمعية خيرية أو جامعة، إلا ونظمت “نشاطاً ما” تحت هذا العنوان ... المتحدثون أنفسهم طافوا على عدة قاعات، وأحيانا أمام نفس الجمهور، يشرحون ويحللون ويوصون ويتوعدون ... يومها لم تبق صحيفة أو موقع الكتروني أو زاوية وعامود، برنامج أو نشرة أخبار، إلا وأسهم بقسطه في قتل الموضوع بحثاً وتمحيصاً وتحليلا.

لقد وقع ما سبق أن كنا وغيرنا، قد حذرنا منه: أن تنتهي “فزعة” محاربة التطرف ونعود لمزاولة يومياتنا بعد حين قصير من الوقت ... هذا ما يحدث الآن، بالضبط، فالموضوع انطوى على عجل، لتنتقل مئات وألوف الصفحات المدبجة حوله، إلى غياهب الأرشيف الوطني ... سيل المقترحات والأفكار والتوصيات، صبّ في ذات “الهوة السحيقة” التي انتهت في قعرها عشرات التوصيات والمبادرات والمشاريع الإصلاحية، بانتظار حدثٍ جلل آخر، وفزعة جديدة وموسم جديد... لقد بددنا “الفرصة” التي وفرها “تحدي” الشهادة، من دون أن نشق طريقاً مغايراً، لكأننا نسعى بأقدامنا لدخول عالم “جينيس” في تبديد الفرص وعدم التقاطها والبناء عليها.

حتى أننا نكاد نجزم اليوم، بأن كثيرا من السياسات والممارسات والإجراءات المتخذة والمتبعة مؤخراً، إنما بدأت تصب في عكس ما صبونا إليه، ونحن نتابع الحملات  المتوعدة باستئصال شأفة الظاهرة وتجفيف منابعها، ومطاردة أفكارها ومراميها الظلامية، مع أن مبررات تفعيل استراتيجية وطنية شاملة لمحاربة التطرف والغلو، تزداد حضوراً وإلحاحية، على وقع تفاقم التهديدات التي تحيط بنا من جهاتنا الخمس، وبالذات، أشدها خطورة: “جهة الداخل”.

أمس، وأمس الأول، تابعنا الجدل الذي أثاره “مهرجان خطابي” لداعية سعودي في إربد ... عشرون ألفاً أو يزيد، زحفوا من كل فجّ عميق، للإصغاء لما يقوله الرجل ... مثل هذا الحشد، تعجز أية جهة منظمة في الأردن عن توفيره، بمن فيها جماعة الإخوان المسلمين، التي درجنا على القول، بأنها أكبر الأحزاب وأكثرها تجذراً في البيئة الشعبية الأردنية ... ولست أبالغ إن قلت إنه من دون أن تقدم الدولة الأردنية على تعطيل المدارس والمؤسسات الحكومية، وإلزام العاملين فيها على المشاركة، تحت سيف الحضور والغياب، فلن يكون بمقدورها توفير حشد مماثل لأي نشاط تدعو إليه ... الظاهرة مقلقة ومثيرة للتساؤل.

مصدر القلق، ينبع من عدة أسباب، ويؤشر لعدة ظواهر ... فنحن أولاً، نتحدث عن خطيب لا يمكن احتسابه في أحسن التقييمات وأكثرها “إيجابية” على خط التنوير والاعتدال والوسطية في خطاب الحركات الإسلامية، الرجل ينتمي لمدرسة سلفية، لا تفصلها عن الجماعات التي تحاربنا ونحاربها، سوى خطوة واحدة ... والرجل يحمل أفكاراً اجتماعية، مسيئة للآخر في الوطن، دينياً ومذهبياً، وللنساء بشكل خاص ... والرجل يحتفظ بإرث يمجد جماعات “الجهاد العالمي” من أسامة بن لادن ومن والاه بإحسان أو غير إحسان إلى يومنا هذا، دع عنك زحمة الأساطير والخرافات التي لا يقبلها عقل ولا منطق.

ونحن ثانياً، نستشعر حالة الفراغ والتيه والضياع، التي يعيشها مواطن هذا البلد، حتى إن جاءها أحدٌ بقليل من الفصاحة والبيان، الممزوج ببعض “الكاريزما” و”النجومية”، اندلق إليه غير لاوٍ على شيء ... مع أننا بلد منفتح على حد مقبول من الحريات والتعددية، ولدينا حياة سياسية وبرلمانية وحزبية ومجتمع مدني ونخب حديثة ومثقفين ووسائل إعلام، وكل ما يلزم “الدولة الحديثة” من أدوات ووسائل و”عدة وكرستا”.
ونحن ثالثاً، تأخذنا الدهشة فتُعجزنا عن الفهم، فالسلطات التي توقف شيخاً أزهريا لثلاث ساعات في المطار، وتعيد مفكراً إسلامياً أنجز أوسع وأعمق المراجعات في تجربة العنف الإسلامي الحركي من المطار إلى بلده، بعد ليلة كاملة في الحجز، تستقبل بذراعين مفتوحين، خطيباً آخر، الأصل أن مشروع محاربة التطرف، إنما يتعلق في مبتدئه وخبره، بتفنيد أفكاره ودعاواه.

تأخذنا الدهشة إذ نرى السلطات تمنع إفطاراً رمضانياً لجماعة الإخوان، وتحظر على جمعية للعفاف أن تقيم نشاطاً، فيما تتجند أجهزتها وأذرعها لمواكبة مسلسل المهرجانات والخطابات، من الملعب البلدي إلى “المولات”؟!، من دون جدوى أو نجاح يذكر.

نحن فعلاً كما قال الزميل محمد داودية في مقالة له بالأمس، هزمنا أمام “متطرف واحد” ...أربعة آلاف جمعية ومنظمة غير حكومية و36 حزباً سياسياً و150 نائباً منتخباً، نعجز عن تنظيم لقاء يضم أكثر من بضعة عشرات أو مئات من المواطنين ... أمس كنت أقرأ تقريراً إجمالياً عن12 ورشة عمل في محافظات المملكة الـ “12”، إجمالي الحضور فيها جميعها، لم يصل إلى الألف مشارك ومشاركة، تلقى كل واحد أو واحدة منهم، دعوة شخصية مباشر، بالهاتف والإيميلو”الواتس أب”، فيما تضيق الطرقات والشوارع بجمهور المتعطشين للقاء الداعية ومن دون دعوة أو اتصال، وتعجز الشرطة ودائرة السير والبلدية، عن تنظيم تدفق الطوفان البشري ... ظاهرة تستحق التوقف، وتقرع ألف ناقوس وتضيء أكثر من ضوء أحمر في مكاتب صنع القرار و”غرف العمليات”.

 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab