«الطاووس» في الكونغرس  مــن يضـحـــك أخــيـراً

«الطاووس» في الكونغرس ... مــن يضـحـــك أخــيـراً؟!

«الطاووس» في الكونغرس ... مــن يضـحـــك أخــيـراً؟!

 العرب اليوم -

«الطاووس» في الكونغرس  مــن يضـحـــك أخــيـراً

عريب الرنتاوي

بدا المشهد بائساً تماماً، اصطف الكونغرس الأمريكي إلا من “خمسين ونيّف” من أعضائه، في “طابور صباحي” بانتظار دخول “المرشد الأعلى” ... تهافتوا على الرجل الذي سدد إهانة قوية لرئيس البلاد ورمزها، لـ “تسجيل” الحضور والتقاط الصور، التي سترفق مع “الفواتير” التي سيتقدمون بها للوبي الصهيوني لتغطية نفقات حملاتهم الانتخابية القادمة ... دخل “الطاووس” إلى القاعة دخول الفاتحين والغزاة، مستمتعاً بتمريغ أنف رئيس أكبر دولة بالوحول.
مشهد غريب وشاذ حتى في جمهورية من جمهوريات الموز، فما بالك حين يتصل الأمر بالدولة الأعظم ... ربما هذا ما دفع بنانسي بيلوسي للقول إنه يوم حزين، وأنها كادت تجهش بالبكاء ... كل من تبقت لديه ذرة من كرامة وكبرياء من هؤلاء، لا بد أنه شاطر زعيمة الأقلية الديمقراطية شعورها ورغبتها.
والحقيقة أنني تساءلت: لماذا أغضبنا هذا المشهد، ونحن على مبعدة آلاف الأميال منه؟ ... هل لأننا نصدر عن ثقافة تمزج “الشخصي” بـ “العام”، فيصبح سلوكاً فجّا من هذا النوع، مدعاة للغضب والثورة الشخصيين؟ ... هل لأننا نكره نتنياهو إلى هذا الحد، ولا نصدق ولن نصدق بأنه يحظى بمثل هذه الحفاوة من أهم سلطة تشريعية في العالم؟ ... هل هناك من بين الأمريكيين من يشاطرنا هذه المشاعر ويفكر على طريقتنا؟ ... هل هذا هو ما دفع بيلوسي للنطق بما قالته، أم أن لديها بواعث أخرى غير تلك التي اعتملت في صدورنا؟
أياً يكن من أمر، فإن الأمور تقاس بخواتيمها، ومن يضحك أخيراً يضحك كثيراً، فهل سيضحك نتنياهو كثيراً، أم أن سحر “الساحر” سوف يرتد إلى نحره، وتتحول “رب نافعة إلى ضارة” بخلاف ما درجت عليه الأمثال؟ ... حتى الآن القصة ما زالت تتفاعل، وربما ستحتاج إلى بعض الوقت لوضع حصاد الرحلة الإشكالية في ميزان الربح والخسارة.
لكننا على يقين اليوم، أن نتنياهو نحج في جعل علاقات إسرائيل براعيتها الولايات المتحدة، علاقة في بؤرة التجاذبات الحزبية، بعد أن ظلت لأكثر من ستين عاماً، علاقات عابرة للأحزاب والإدارات ومجالس الكونغرس، وموضوع إجماع قومي ... الآن، بات لإسرائيل من يناهضها من بين الفاعلين السياسيين الكبار في واشنطن، حتى وإن اضطر هؤلاء إلى البوح بخلاف ذلك، ومحاولة حصر المسألة في شخص نتنياهو وسلوكه الأرعن.
“قصير النظر”، “متردد وجبان”، “لم يأت بأي بديل ذي صدقية”، “لا يرى أبعد من أنفه”، “مدمر للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، هذه هي غيض من فيض التعليقات التي صدرت عن كبار أركان الإدارة الأمريكية، بحق الضيف الذي حصد تصفيق الكونغرس أربعين مرة في أقل من أربعين دقيقة ... وفي ظني أن صدى التصفيق سيذهب سريعاً، أما التقييم “الموضوعي” لشخص نتنياهو وسياساته فسيبقى في الأرض.
نتنياهو ذهب في رحلته الاستفزازية إلى واشنطن، وفي ذهنه تحقيق أمرين اثنين: الأول؛ التجديد لنفسه وحزبه وائتلافه في الانتخابات المقررة بعد أقل من أسبوعين ... والثاني؛ قطع الطريق على أي اتفاق أمريكي – إيراني بخصوص برنامج طهران النووي وملحقاته ... لا ندري بعد كيف ستنعكس الزيارة ونتائجها على صناديق الاقتراع في السابع عشر من آذار / مارس الجاري، سيما وأن المجتمع الإسرائيلي هو أكثر المجتمعات في العالم حساسية واهتماماً بالعلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة ... لكننا نعلم علم اليقين، أن “الهدف الإيراني” للزيارة قد فشل فشلاً ذريعاً، فواشنطن ماضية في مفاوضاتها مع طهران، والمؤشرات كافة ترجح احتمال الاتفاق على الاختلاف ... والرئيس لوّح باستخدام الفيتو ضد أية محاولة من الكونغرس لعرقلة الاتفاق، وقبلها كان جون كيري يحذر نتنياهو من مغبة الكشف عن مضامين الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه.
الأمريكيون كانوا حريصين على “تبديد” صورة القائد الحازم التي سعى نتنياهو في إسباغها على نفسه، سربوا بأنه متردد وجبان وأنه لم يجرؤ ولن يجرؤ على مهاجمة إيران منفرداً، وأنه كان يدفع الولايات المتحدة للقيام بالدور نيابة عن إسرائيل، وأنه لا يمتلك رؤية ولا بديل واقعيا ... نتنياهو أعطى الإدارة كل ما تريد في حملتها هذه، فهو جبان ومتردد فعلاً كما كشف جنرالاته، الذين قال أحدهم أنه أعجز من يشن حرباً على حماس او حزب الله، فكيف به يهدد بحرب على إيران؟ ... نزل نتنياهو عن الشجرة، وقال إن الحرب ليس الخيار الوحيد لعدم الوصول إلى اتفاق، وأنه يريد اتفاقاً جيداً بدل هذا الاتفاق السيئ الذي يجري التفاوض بشأنه ... الرجل دخل في المقايضات والمساومات، وأظهر انتهازية منقطعة النظير، فكل شيء من منظوره جائز، إن كان الهدف العودة لرئاسة الحكومة، حتى وإن كان الثمن، المقامرة بالإساءة لأهم وأكبر حليف لكيانه.
انتهى الاحتفال في الكابيتول هيل، وبدأت ساعة الحساب ... لا شك أن الإدارة ستستنفذ كل أوراقها لضمان ألا ترى نتنياهو في مكتبه بعد الانتخابات المقبلة، وهو أمر ليس مضموناً بحال ... لكن المضمون بصورة أكبر، هو الشروع في تحضير المسرح والمنصة لحفل توقيع الاتفاق مع إيران، وعندها سنرى من سيضحك أخيراً.

arabstoday

GMT 06:25 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً

GMT 06:24 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... أخطار الساحة وضرورة الدولة

GMT 06:22 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

زحامٌ على المائدة السورية

GMT 06:21 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

روبيو... ملامح براغماتية للسياسة الأميركية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا قبل أن يفوت الأوان

GMT 06:17 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

محفوظ والعقاد في عيون فيفي وشكوكو

GMT 06:16 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

البعد الإقليمي لتنفيذ القرار 1701

GMT 06:14 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

معركة مصالح دولية وإقليمية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الطاووس» في الكونغرس  مــن يضـحـــك أخــيـراً «الطاووس» في الكونغرس  مــن يضـحـــك أخــيـراً



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab