إسلاميو الأردن وعلمانيوه

إسلاميو الأردن وعلمانيوه

إسلاميو الأردن وعلمانيوه

 العرب اليوم -

إسلاميو الأردن وعلمانيوه

بقلم :عريب الرنتاوي

أن ينخرط إسلاميو الأردن وعلمانيوه في حوار، ساخن أو بارد، فلا بأس، فالأمر ضروري لغايات تحديد الفواصل والتخوم ابتداء، والبحث عن فرص بناء مشتركات وجوامع في نهاية المطاف، ثم أن القطع والقطيعة هما البديل الوحيد المتبقي لغياب التواصل والحوار، والمصدر الرئيس لبناء “الصور النمطية” عن الآخر، والتي طالما تسببت في تفشي مظاهر الاستقطاب و”الخندقة” في معسكرات متقابلة ومتناحرة.

لكن شتان بين حوار، هو اشتباك إيجابي في نهاية المطاف، وحفلات الردح وتبادل الشتائم كتلك التي اندلعت في أعقاب انتخابات نقابة المهندسين ... هنا، وهنا بالذات، نضحت أواني الفريقين، بأسوأ ما يمكن أن تنحدر إليه لغة الشتيمة والاتهامات المتبادلة، التي لا تُبقي مطرحاً لحوار أو بناء تفاهمات، بل وتعيش العيش والتعايش أمراً صعباً للغاية، وتذكر بأسوأ صفحات العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين في المنطقة العربية عموماً.

رأينا أحدهم، وهو يصف العلمانيين بأقذع العبارات والاتهامات، فهم عملاء للأجهزة الأمنية، ماسونيون، مثليون، بقايا يسار وأتباع ملل وطوائف غير مسلمة ... أخرج الجميع عن “الملة”، ووضعهم في سلة واحدة: شذّاذ آفاق، وهذا لا يليق به كنائب منتخب، ولا بحزبه بوصفه أكبر أحزاب المعارضة وأكثرها شعبية، ولا بالمنظومة الأخلاقية – القيمية التي ينسبها “تياره” إلى نفسه، بل ويكاد يقتصرها عليه، دون غيره من تيارات الفكر والسياسة والبلاد.

تصريحات النائب المحترم الغاضبة والاتهامية، تأتي “تطويراً” لتصريحات زميلة له في المجلس النيابي، رأت فيها أن “كفار قريش” على اختلاف مللهم ونحلهم، اجتمعوا في سلة واحدة وتحت سقف واحد، تقصد “التحالف المدني”، مستخدمة مفردات لا تبتعد أبداً عن الخطاب التكفيري الذي رفعت “داعش” و”النصرة” وأخواتهما، راياته السوداء الدامية خلال السنوات السبع العجاف الفائتة، وكانت خواتيمه كارثة على البلدان التي ابتليت بهذه الأنماط من التفكير... إن لم يكن هذا تكفيراً فما هو التكفير بربكم؟

ورأينا في المقابل، مواقف وتعليقات، تنضح بأشد عبارات العداء والاتهام للجماعة الإسلامية وحزبها، فهم ظلاميون وحاقدون لئام، يتعين على مجلس نقابة المهندسين الجديد أن يشرع في مفاوضات معهم، لتنظيم نقلهم في حافلات إلى “إدلب” في إشارة لما يجري في سوريا، وبعضهم الآخر حذر المجلس العتيد من خطر “المفخخات”، وهو يكشف عن “الانفاق” التي حفرتها المجالس السابقة للنقابة طوال أزيد من ربع قرن من هيمنة الإخوان المسلمين عليها.

مثل هذه التصريحات، تأتي بدورها “تطويراً” لمنهج مدمر، رأينا عواقبه في دول عربية عديدة، يقوم على الإقصاء والشيطنة، ووضع جميع الحركات الإسلامية في سلة واحدة، ويقترح استئصالها، ما أدى إلى تفشي القتل والجريمة والإرهاب، والمس بأمن البلاد والعباد، وتعميم مناهج التسلط وحكم الفرد وإشاعة مناخات من الترهيب ومصادرة الحقوق والحريات.

هذه “لغة حرب” وليست “لغة حوار”، والأهم أنها تأتي خاوية من أية أفكار أو رؤى يمكن أن تنفع الناس وتبقى في الأرض... وهي بكل تأكيد تأتي بعكس المنهج الذي اختطه الأردن لنفسه في التعامل مع حركات الإسلام السياسي، الإخواني بخاصة، والذي يرفض الإقصائية المدمرة المعمول بها في تجارب وساحات عربية، ويتحفظ على الإدماج الكامل لها، كما في تجارب أخرى ... الأردن كما هو ملاحظ، اعتمد تكتيكاً هو مزيج من الضغط والإدماج ... لم يطلق العنان للجماعة خشية من مآلات “نظرية التمكين”، ولم يخضع للضغوط الرامية لشيطنة الجماعة واعتبارها تنظيماً إرهابياً مارقاً ... بعض قوى المعارضة من يسارية وقومية وليبرالية، تنحو باتجاه الاستئصال والاقتلاع، لجماعة، لا يختلف اثنان، على أنها ليست نبتاً شيطانياً، وأنها جزء من نسيج هذا المجتمع ومكون من مكوناته، شئنا أم أبينا، أحببناها أم كرهناها... وبعض تيارات الجماعة، تعيد انتاج خطاب “التكفير والهجرة”، وهي أقرب إلى شكري مصطفى منها إلى حسن البنا، ويتعين على الجماعة لجمها قبل فوات الأوان، وحتى لا تتوفر للآخرين فرصة العمل على لجمها، بل وربما لجم الجماعة ذاتها كذلك.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسلاميو الأردن وعلمانيوه إسلاميو الأردن وعلمانيوه



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab