في أولوية تلازم المسارين

في أولوية تلازم المسارين

في أولوية تلازم المسارين

 العرب اليوم -

في أولوية تلازم المسارين

بقلم : عريب الرنتاوي

اختار الأردن ألا يكون «أولاً» في توقيع معاهدة سلام (منفرد) مع إسرائيل ... بعد الكشف عن اتفاقات أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ذهب الوفد الأردني إلى واشنطن لتوقيع «إعلان مبادئ» (1993) مع الجانب الإسرائيلي، سيكتمل في أكتوبر 1994 بتوقيع معاهدة وادي عربة.

الفلسفة الكامنة وراء هذا الموقف، كانت تُختصر في نظرية «تلازم المسارين»، أما الفرضية الموجهة لهذا الموقف، فتمثلت في وجوب تمكين الفلسطينيين أولاً، من تسوية صراعاتهم الشائكة والممتدة مع العدو الإسرائيلي، باعتبار أن قضية الفلسطينيين هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وجذره، وكل ما جاوزها من احتلالات لاحقة لأراضٍ عربية، هي «عرض» لمرض مزمن، هو الاحتلال الاقتلاعي والاحلالي الفريد من نوعه.

نعيد التذكير بوقائع حدثت قبل ربع قرن، أو أزيد قليلاً، بمناسبة حديث الملك في برلين عن «تأثر» العلاقة الأردنية الإسرائيلية، بمجريات الوضع في الضفة الفلسطينية المحتلة، تحديداً بعد تهديد نتنياهو ووعيده بضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات لـ»السيادة» الإسرائيلية... التصريحات حظيت باهتمام كبير، ليس لأنها غير مسبوقة فحسب، بل ولأنها تتحدى بشكل أو بآخر، النظرية الصهيونية القائلة بإمكانية فصل المسار الفلسطيني عن بقية مسارات السلام والتطبيع مع مصر والأردن والعالم العربي ... هنا، وهنا بالذات، يكمن الرهان الإسرائيلي: بمقدورنا أن نفعل ما شاء بالفلسطينيين وأن نبدد حقوقهم ونسطو على أرضهم وحقوقهم ومقدساتهم، من دون أن نخشى انعكاسات أو تداعيات سلبية على سلام إسرائيل المستقر مع مصر منذ كامب ديفيد 1979، وسلامها اللاحق مع الأردن منذ المعاهدة في العام 1994... أو على «الهرولة» العربية للتطبيع مع إسرائيل.

الملك اكتفى بالتلميح من دون التصريح بشأن فرضية «تأثر» العلاقات الأردنية – الإسرائيلية بمجريات الوضع في الضفة تحديداً ... هنا، تأتي وظيفة الدبلوماسية الأردنية بتوضيح الرسالة وتظهير الموقف، والأهم، خلق توافق وطني عريض وعميق، حول نظرية «تلازم المسارين» الفلسطيني والأردني ... هنا، وهنا بالذات، يتعين أن تكون رسالتنا واضحة غير مترددة ولا متلعثمة: طريق السلام الأردني – الإسرائيلي ليس طريقاً ذا اتجاه واحد أبداً، هناك منعطفات على الطريق، وهناك محطات للدوران والعودة للخلف،  وهناك إمكانية للالتفات بزاوية 180 درجة، إن لم تسر الأمور كما هو متوقع على المسار الفلسطيني.

نفعل ذلك أولاً؛ من منطلق حرصنا على تقديم القضية الفلسطينية على غيرها من القضايا التي تشق الإقليم وتقسمه محاور وجبهات مشتبكة في حروب ساخنة وباردة، مباشرة وغير مباشرة ... ونفعله ثانياً؛ من منطلق الحرص على عميق مصالحنا في كل ما يتصل بقضايا الحل النهائي للقضية الفلسطينية، من لاجئين وحدود وقدس ومياه وأمن وغيرها كثيراً ... ونفعلها ثالثا؛ من منطلق أن الحلول «التصفوية» للقضية الفلسطينية كما تلوح في أفق «صفقة القرن»، تجعل الأردن في المرتبة الثانية المباشرة، بعد الفلسطينيين، كضحية لهذا الانحياز الأعمى الذي يبديه اليمين الشعوبي الأمريكي ومحافظي واشنطن الجدد والقدامى، حيال اليمين الإسرائيلي المتطرف، دينياً وقومياً، حيث ينظر الأول للأخير، بوصفه القدوة والنموذج إذ يستطيع فرض تصوراته العنصرية والفاشية، متحرراً من قيود «القانون المحلي» و»القانون الدولي» ودائماً بقوة الحديد والرصاص والنار، وهي شروط ليست متوفرة تماماً لموجة اليمين الشعبوي والعنصري التي تجتاح الغرب.

ما ينطبق على الحالة الأردنية ينطبق بالقدر ذاته على الحالة المصرية، صحيح أن الأولى أكثر اشتباكاً بحكم التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا مع الحالة الفلسطينية، لكن مصر لن تستطيع أن تنهض بدورها القيادي في العالم العربي، وأن تستعيد دورها الإقليمي، من دون أن تكون لها مكانة رائدة على حلبة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ومن البوابة الفلسطينية حصراً، بوصفها طرفاً في هذا الصراع، لا وسيطاً بين أطرافه، بأي حال من الأحوال.

الأردن يستطيع – موضوعياً – أن يقود قاطرة الهجوم المضاد على محاولات تهميش القضية الفلسطينية و»تصغيرها» ... المطلوب من دون تردد، توفير «الشرط الذاتي» للتصدي لهذه المهمة... صحيح أنها ليست مهمة سهلة، بل وقد تغدو مكلفة، لكن الإدارة الحصيفة والذكية لهذا الملف، من شأنها تقليص الخسائر وتعظيم المكاسب... والخسائر تتضاءل هنا، حين تكون من النوع الذي لا يُشترى بالمال ولا يقدر بثمن، من نوع: سيادة الدولة وهويتها الوطنية ومستقبل قطاع واسع من مواطنيها ومسؤولياتها التاريخية حيال جزء من أراضيها، فقدت سيطرتها وسيادتها عليه، بنتيجة حرب عدوانية، وهو يخضع اليوم للضياع والمصادرة والتبديد بنتيجة الشهية التوسعية التي لا يحدها حد لليمين التوراتي والمتطرفين القوميين الصهاينة.

الملك أطلق شارة البدء، وفتح ثغرة صغيرة في جدار الموقف الممتد منذ المعاهدة، وهي خطوة بحاجة للتأييد والتشجيع، هي خطوة يتعين اتباعاها بخطوات أخرى، وهي ثغرة نحتاج لتوسيعها، إذ ربما نجد فيها طريقاً خلاصياً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في أولوية تلازم المسارين في أولوية تلازم المسارين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab