«الموت الرحيم»

«الموت الرحيم»

«الموت الرحيم»

 العرب اليوم -

«الموت الرحيم»

بقلم : عريب الرنتاوي

للأديان السماوية الثلاثة، وبعض المعتقدات الوضعية، موقف رافض من فكرة «الموت الرحيم» ... من منظورها جميعاً، أن في الأمر شبهة تدخل في نطاق «العناية الإلهية»، وعبث بـ»القضاء والقدر» ... هي واحدة من نقاط إجماع نادرة بين كثرة من البشر على اختلاف عقائدهم.

أقصى ما وصلت إليه الديانات السماوية، بما فيها «الفقه الإسلامي» هو إجازة وقف اعتماد المريض على «الأجهزة المساعدة» سواء تلك المتعلقة بالتنفس أو تعويض وظائف القلب أو غيرها، ثمة تساهل و»إجازة» لنزع هذه الأجهزة عن جسد المريض، وتركه يواجه أجله، حتى وإن أدى ذلك إلى خسارته بضعة أيام أو أشهر أو سنوات إضافية، كان يمكن أن يحياها بفعل تلك المساعدة التقنية.

في الحقيقة أنني أجد صعوبة في فهم فلسفة الحظر والإباحة في الحالتين الأولى والثانية ... «الموت الرحيم» هو قرار يتخذه المريض بكامل قواه العقلية، أو من ينوب عنه من أقرب أقربائه، بوضع حد لمعاناته ... الأمر ينطوي على تدخل في «سنن الحياة» ... لكن إجازة نزع الأجهزة المساعدة، هو تدخل مماثل، يضع حدا لحياة المريض، حتى وإن كانت حياته مستمرة بفعل التكنولوجيا الحديثة ... أحسب أن الأمر يستبطن نوعاً من التناقض، لكن ليس هذا ما نريد قوله في هذه المقالة.

في التشريعات المدنية، لا تجيز سوى أربع عشرة دولة من أصل أكثر من مائة وتسعين دولة، إجراء عمليات «الموت الرحيم» ... العدد تزايد بكثرة نسبية في الآونة الأخيرة، وهو مرشح للازدياد، بعد أن قادت سويسرا القاطرة، وكانت سبّاقة إلى إقرار هذه القضية الخلافية ... سويسرا بفعل ذلك، تحولت إلى وجهة عالمية لما بات يُعرف بـ «سياحة الموت الرحيم».

تعقيدات الحياة المعاصرة، واجتياح التكنولوجيا لمختلف أوجه حياتنا، باتت تملي علينا التفكير على نحو مختلف ... فمثلاً، ما الذي سيجنيه مريض مصاب بمرض عضال، غير الألم والكساح والعجز عن خدمة نفسه بنفسه، وفقدان الذاكرة والتركيز والهذيان ... ما الذي سيخسره أهله والمحيطيون به، غير الألم والمعاناة والانقطاع عن يوميات الحياة المعتادة للمرابطة إلى جانب مريضهم، أياماً، أسابيع، أشهراً وربما سنوات ... ما الذي سيخسره المريض وأسرته، سوى مبالغ هائلة يجري إنفاقها للسهر على خدمة مريض لا شفاء له، هنا يجري الحديث أحياناً عن أرقام فلكية، قد تتعدى «جنى العمر» برمته.

في دول عديدة، يجري نقاش واسع وعريض وعميق حول هذه المسألة، وتحديداً لجهة «أخلاقيتها» من عدمها ... ويجري الاستعانة بالنص المقدس من الفريق المعارض لها، بالذات من أنصار التيار المحافظ، الذي يدافع عن مفاهيم الأسرة ويرفض الإجهاض وغير ذلك ... لكن هناك تيار آخر، يتكاثر كلما تعقدت ظروف الحيا ة، يجادل بصحة اعتماد «الموت الرحيم» وتشريعه وفقاً لقواعد وضوابط صارمة، تراعي إلزام المجتمع الطبي بمدونة سلوك، وتوفير ما يلزم من دلائل على تعذر شفاء المريض، إن لم نقل استحالتها ... وفي مجتمعنا أيضاً يجري نقاش هامس حول هذا الموضوع، ويلجأ أنصار هذه الفكرة، إلى عبارات غامضة للدلالة على رغبتهم في استعجال القدر، من نوع: «ربنا يختار لمريضكم الأفضل» ... هنا، كأننا نبحث عن «إذن» أو «فتوى» تجيز «الموت الرحيم» ... بعضنا الأكثر ثقافة يستعين بالمتنبي: «كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا» ... تعددت التعبيرات، بيد أنها تدور جميعها في فلك «الموت الرحيم».

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الموت الرحيم» «الموت الرحيم»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab