«المقايضة الكبرى»

«المقايضة الكبرى»

«المقايضة الكبرى»

 العرب اليوم -

«المقايضة الكبرى»

بقلم : عريب الرنتاوي

بكشفها عن النية لنقل السفارة من تل أبيب للقدس، تكون إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجرت قنبلة دخانية من العيار الثقيل، ستحجب حتى إشعار آخر، جوهر الصراع الفلسطيني/ العربي – الإسرائيلي، وستتحول قضية نقل السفارة، إلى قلب المشكلة ولبها، فيصبح التريث في تنفيذ القرار أو إرجائه حتى إشعار أفضل، نصراً عربياً مبيناً، في حين تكون إسرائيل، مدعومة على نحو غير مسبوق من الولايات المتحدة، سجلت اختراقاً نوعياً على جبهات أخرى، لعل أهمها جبهة الاستيطان والفصل العنصري والتهويد و”الأسرلة”، في القدس وعموم المناطق الفلسطينية المحتلة.

ثمة من المعلومات، ومن مصادر عديدة، ما يشي بأن ترامب لن يقدم على نقل السفارة بالكامل إلى القدس، في السنة الأولى لولايته على أقل تقدير ... وسيكتفي بدلاً عن ذلك، بإعطاء الإذن لسفيره بالسكن في “العاصمة الأبدية الموحدة” لدولة الاحتلال والاستيطان ... وربما يجري نقل متدرج لبعض أقسام السفارة ومهامها إلى القدس، ودائماً بذريعة أن “المقر الجديد” للسفارة، لن يكون في القدس الشرقية وإنما في القدس الغربية.

حتى الآن، لا يبدو الأمر صادماً لصانع القرار العربي والفلسطيني، فقد كسب فسحة إضافية من الوقت، تمكنه من تفادي الحرج والاضطرار لاتخاذ مواقف، أقله تماشياً مع الرأي العام العربي والفلسطيني الغاضب ... لكن هيهات أن يقدم “النظام العربي”، ومن ضمنه “النظام الفلسطيني”، على ملء هذه الفسحة بخطط وإجراءات وسياسات ومواقف، تقطع الطريق على نقل السفارة، بل وتعيد الاعتبار لقضية فلسطين بما هي قضية تحرر من الاستعمار وتوق للحرية والاستقلال وتقرير المصير.

الأمر الذي لم يحظ باهتمام السياسيين والإعلاميين العرب، ومن ضمنهم الفلسطينيون كذلك، أن لـ “تريث” إدارة ترامب في نقل السفارة، ثمنا باهظا سيتعين على الفلسطينيين عموماً، وأهل القدس بخاصة، أن يدفعوه، ويتمثل في إطلاق وحش الاستيطان الكاسر ليعمل بكامل طاقته، مستفيداً من “ضوء أخضر” أمريكي، متأسس على دعم “ترامب المرشح” لمشاريع إسرائيل الاستيطانية، واتفاق “ترامب الرئيس” مع حكومة نتنياهو للعمل سوية على تفريغ القرار الدولي 2334 من مضامينه بالكامل.

ليس صدفة أن تعقب المكالمة الهاتفية بين ترامب ونتنياهو، سلسلة من “الأوامر” الإسرائيلية ببناء 600 وحدة استيطانية في القدس، و2500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية ... المصادر الإسرائيلية تتحدث عن صفقة “مقايضة” جرت بين الرجلين: نتنياهو يكف عن إثارة المشاكل والانتقادات لتأجيل قرار نقل السفارة، مقابل تعهد ترامب بإعطاء إذن من طين وأخرى من عجين، لأحدث موجة من موجات التوسع الاستيطاني.

إسرائيل تشجعت بوصول ترامب إلى البيت الأبيض، وشهيتها التوسعية انفتحت كما لم يحصل من قبل، والمشاريع التي تبحث في الكنيست أو الحكومة أو على هامشيهما، تدور حول ضم “معاليه أدوميم” أو “معاليه أدوميم + منطقة E1”، أو ربما كامل المنطقة “C” وفقاً لتقسيمات أوسلو، والتي تزيد مساحتها عن 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية ... هكذا ينحصر الخلاف داخل “الطبقة السياسية” الإسرائيلية، وعلى هذا الأساس (الأرقام والنسب المئوية) يجري تصنيف القوى السياسية في إسرائيل بين معتدل ومتشدد ... في غياب شبه تام، لما كان يعرف بـ “معسكر السلام” في إسرائيل، وأنصار إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967.

“المقايضة الكبرى” هي العنوان للتفاهمات التكتيكية الجديدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، والفلسطينيون على نحو خاص، هم الخاسرون بنتيجتها، سواء نقلت السفارة أم لا، ففي كل الظروف ومطلق الأحوال، لا يكف “بلدوزر” الاستيطان عن نهش أرضهم وحقوقهم، وهو بات يعمل اليوم، بكامل طاقته، وعلى مدار الساعة، في ظل موقف عربي منقسم بين مرحب بترامب ومتخوف منه، لا يجمعه سوى قاسم مشترك واحد: العجز عن مواجهة الأخطار والتهديدات التي تجابه “قضية العرب المركزية الأولى”... وما هي إلا أسابيع قلائل، حتى تكشف جعبة القادة عن محتوياتها، عندما سيلتئم شملهم في عمان، والأرجح أن هذه الجعبة، لا تختلف بشيء عن صندوق القدس الذي ظل خاوياً برغم قرارات القمة العربية المتعاقبة، بملئه بما يكفي لتدعيم صمود الأهل في المدينة المحتلة وحفظ هويتها وطابعها.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المقايضة الكبرى» «المقايضة الكبرى»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab