الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني

الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني

الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني

 العرب اليوم -

الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني

بقلم :عريب الرنتاوي

بخفة بالغة، احتفت وسائل إعلام خليجية بتقدم “سائرون” في الانتخابات العراقية إلى الموقع الأول، وجرى تصوير الأمر كما لو أنه فوز لبعض هذه الدول وانتصار للمحسوبين عليها، مع أن القوائم المدعومة مباشرة من عواصم خليجية، حصدت فشلاً ذريعاً في الانتخابات ذاتها ... فوز الصدريين في الانتخابات، جاء تعبيراً عن “الحيثية الشعبية” التي يتوفر عليها التيار ورجل الدين الشاب، مقتدى الصدر، وثمرةً لسلسلة لم تتوقف من التحولات في مواقف ومواقع هذا التيار من الشأنين العراقي والإقليمي في السنوات الأخيرة.

وأحسب أن المحتفين بالصدر وتياره و”سائرون”، على النحو الذي تابعناه في الفضائيات إياها، إنما يلحقون الضرر بأنفسهم أولاً وبالتيار ذاته ثانياً، وفي ظني أن صمتهم و”نأيهم بأنفسهم” عن مجريات العملية الانتخابات ومشاورات تشكيل حكومة عراقية جديدة، هي الخدمة الأفضل التي يمكن أن يقدمها هؤلاء لمن يصنفون بـ “الشيعة العروبيين” في العراق، الذي يعد الصدر والصدريين، أحد أبرز رموزهم وكياناتهم.

الصدر قاتل الأمريكيين، زمن الاحتلال الأمريكي للعراق، في الوقت الذي ذهبت فيه “العروبة الجديدة”، التي تروّج لها عواصم عربية، إلى دعم هذا الاحتلال والتحريض عليه، وتوفير كافة التسهيلات اللوجستية لطائراته وأساطيله ... والصدر قاتل “داعش” في الوقت الذي سمحت فيه “العروبة الجديدة” بتوظيف “داعش” وأخواته، والاستثمار فيها، خدمة لأجندات وأولويات، جعلت من إيران العدو الأول والأوحد للعرب و”العروبة الجديدة” بدلاً عن إسرائيل ... بين “عروبة الصدر” و”عروبة” بعض العرب الرسميين “الجديدة”، ثمة بون شاسع.

للصدر خصمان، إن جاز التعبير، يسعيان لتفريغ “نصره” من مضمونه، أحدهما هو بريت ماكغورك، الذي هرع إلى بغداد لضمان سير المشاورات الائتلافية بالطريقة التي تشتهيها واشنطن وتخدم مصالحها و”سفنها” ... وثانيهما، هو قاسم سليماني، الذي لم يتأخر بدوره عن ماكغورك، سعياً منه لإعادة ترتيب “البيت الشيعي”، وبما يعيد الاعتبار والغلبة للقوة المحسوبة على طهران، بعد أن تعرضت لخسارات انتخابية فادحة، وأصابها داء الانقسام الداخلي في مقتل، وتحديداً بين الصدر من جهة وكل من المالكي (دولة القانون) والعامري (الفتح) من جهة أخرى ... الأفضل أن يترك الصدر وتياره من دون تدخلات، لضمان السير في طريق تشكيل الائتلاف المزروع بالألغام والشراك.

لن يكون سهلاً على ماكغورك أن يتهم الصدر بالتبعية لإيران وتنفيذ أجنداتها، فالرجل ليس دمية بيد طهران، وقد أظهر نزوعاً عروبياً ثابتاً، قبل الانتخابات، وبالأخص بعدها (لقاؤه مع سفراء دول جوار العراق من دون إيران) ... وعلى واشنطن أن تفكر ملياً بطي صفحة “المقاومة العراقية ضد الاحتلال” إن هي أرادت للعراق أن يسلك طريقاً مستقلاً وسيادياً في المرحلة المقبلة.
ولن يكون سهلاً على خصوم الصدر من داخل بيته الشيعي، نعته بـ “شيعة السفارات”، فالرجل قاتل الأمريكيين، عندما كان قادة كتل شيعية كبيرة، قريبون جداً من طهران اليوم، يرتمون في أحضان يول بريمر وزلماي خليل زاد ... والمؤكد أن الرجل يستشعر في قرارة نفسه، أنه رجل العراق المقبل، وصانع ملوكه، وضمانة استقلاله ورافعة الحرب على فساد طبقته السياسية المتهتكة.

موضوعياً، ثمة فرصة حقيقة لنجاح الصدر في تشكيل ائتلاف حكومي من خلال الانفتاح على مروحة واسعة من الكيانات والمكونات العراقية ... لكنها ليست مهمة سهلة أبداً، في ظل تضارب المصالح الحزبية والفردية، وفي ظل تباين أولويات المكونات والكيانات العراقية... وموضوعياً أيضاً، قد يفشل الصدر في تحقيق هذه الغاية، ويرتضي الجلوس في مواقع المعارضة ... فالصراع على تشكل ائتلاف الأغلبية الأكبر، لم يعد صراعاً عراقياً صرفاً، بعد أن أصبح كل تفصيل عراقي، شأناً إقليمياً ودولياً.

على أن الدرس المستفاد من نجاح الظاهرة “الصدرية” وتمددها، والذي غاب عن أذهان كثيرين من قادة المشرق والخليج تحديداً، إنما يتمثل في سقوط “نظرية الطابور الخامس”، التي جرى تصوير الشيعة العرب من منظورها بوصفهم “جاليات إيرانية” و”جواسيس” أو “رؤوس جسور” للحرس الثوري في المنطقة ... الآن، يُثبت الشيعة العرب مرة أخرى، أنهم عرب أولاً، وأنهم شيعة في المقام الثاني، وأنهم مواطنون لا جاليات، وأنهم “آل البيت” وأهل “المذهب” وآباؤه المؤسسون ... وقد آن أوان اعتماد السياسات والمقاربات المنطلقة من هذا “الدرس/الاكتشاف” إن جاز التعبير، عوضاً عن المضي في احتفالات المناكفة والنكاية، بدءاً بإجراء المراجعات العميقة المطلوبة في السياستين الداخلية والخارجية لعدد من بلداننا، بتأكيد “مواطنة الشيعة العرب” من ضمن رؤية منفتحة على التعددية الدينية والمذهبية والقومية والسياسية والعرقية، بعيداً عن التخوين والتكفير و”التجنيس/ نزع الجنسية، والسياسيين”، وغير ذلك مما عرفنا وسمعنا وقرأنا عنه، خلال السنوات والعقود القليلة الفائتة

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني الصدر بين مطرقة ماكغورك وسندان سليماني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab