سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن

سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن

سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن

 العرب اليوم -

سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن

عريب الرنتاوي

ثمة “فوضى سياسة” في واشنطن عندما يتعلق الأمر بالأزمة السورية ... فوضى من النوع الذي لا يليق بدولة من العالم الثالث، فما بالك حين تضرب الدولة الأعظم، المنخرطة في حرب كونية، مسرحها سوريا والعراق، ويتوقف على توجهها ووجهتها، الكثير لجهة مصائر ومستقبلات دول هذه المنطقة وشعوبها.
الرئيس الأمريكي يوجه مساعديه ومستشاريه، إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة الأمريكية حيال سوريا ... أما “مفتاح” هذه المراجعة ومدخله، فقد حدده الرئيس شخصياً حينما قال: ربما لن يكون ممكنا الانتصار على “داعش” من دون إزاحة الأسد ... موقف رأى فيه مراقبون، انعطافاً في الموقف الأمريكي الذي ظل حتى الآن يعطي الأولوية للحرب على الإرهاب وليس على النظام السوري، وهو ما “أثلج” بعض الصدور الغائرة في المنطقة.
لكن لم تمض سوى سويعات قلائل على “التوجيه الرئاسي”، حتى خرج وزير الدفاع “تشاك هاغل” وقائد الجيوش الجنرال “ديمبسي” بمواقف مغايرة ... الأول على نحو خاص، سبق وأن أعرب عن اعتقاده بأن الأسد يستفيد من ضربات التحالف لـ “داعش”، بيد أنه لا يمانع في ذلك ... وهو ذهب في شهادته أمام إحدى لجان الكونغرس أبعد من ذلك، عندما أعاد الأولوية للحرب على “داعش”، وقال إن تنحية الأسد أو إسقاطه، لن يغيِّرا من “ديناميكيات” الأزمة السورية، بل شدد على الحل السياسي، لا العسكري، للازمة السورية، وقال إن إسقاط الأسد يتم بالتفاوض.
وفيما يشبه “نصف التلميح” بدا أن “هاغل” لا يمانع من أن يكون الأسد جزءاً من “العملية”، الأرجح أنها عملية محاربة الإرهاب وربما التفاوض حول حل سياسي ... لم يذهب في الإفصاح ابعد من ذلك، رغم أن وسائل الإعلام الصديقة للأسد ونظامه، لم تأخذ من تصريحات “هاغل” سوى “نصف الجملة” هذه، وجعلت منها “مانشيتاً” صدرت به على ثمانية أعمدة صبيحة اليوم التالي، أما وسائل الإعلام المناهضة للنظام، فلم تقرأ هذا التصريح من أصله، ولم تأت على ذكر هذه الفقرة.
على أية حال، يصعب أن تجد بين ركام التصريحات المتناقضة، والأولويات المتباينة التي يتحدث بها المسؤولون الأمريكيون، على خيط واضح، يخرجك من حالة “الحيرة” في فهم وإدراك كنه المواقف والسياسات الأمريكية حيال سوريا، خصوصاً حين يتصل الأمر بالموقف من الأسد والجيش والنظام ودور كل من هذه الأطراف، في الحرب على الإرهاب أو في صنع مستقبل سوريا.
لكن دون ذلك، نحن نعرف أن واشنطن تميز بين سياساتها في العراق وسياستها في سوريا، الصورة في العراق تبدو أوضح، هناك حكومة وجيش وإقليم و”بيشمركة” و”صحوات عشائرية” في لبوس “حرس وطني”، وهناك استعداد لتكثيف الضربات وحشد المزيد من المستشارين والخبراء الأمريكيين، حتى أن ديمبسي ألمح إلى إرسال المزيد من القوات الأمريكية، في زي خبراء ومستشارين إلى العراق
أما في سوريا، فنحن نعرف أن واشنطن ما زالت على نظريتها الساذجة حول “المعارضة المسلحة المعتدلة”، من دون أن تقوى هذه المعارضة لا على مواجهة “داعش” او “النصرة”، ولا على التصدي لتقدم قوات النظام، حتى أن السلاح الأمريكي والفرنسي المتطور الذي سُلّم لها، قد بات اليوم بين يدي “مجاهدي داعش والنصرة”، كما تجمع على ذلك، مصادر متطابقة.
سيتعين علينا أن ننتظر انتهاء عملية المراجعة وإعادة التقييم للسياسة الأمريكية في سوريا، لنعرف مصائر ما يجري من تحركات ومبادرات بهدف إحياء “الحل السياسي” للأزمة السورية، بدءاً بخطة “التجميد” التي جاء بها دي ميستورا، انطلاقاً من حلب، أو ما تقوم به روسيا من محاولات خلق جبهة موحدة للمعارضة السورية، يجلس ممثلوها قبالة ممثلي النظام في “جنيف 3” للوصول إلى مثل هذا الحل.
الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، أظهرت ارتفاع أسهم الحل السياسي، وبدأ تراشق الأفكار والمبادرات والتسريبات، وثمة إحساس بأن القوى المتحاربة وداعميها على ضفتي الخندق، قد أنهكت، وأنها باتت أكثر استعداد للجنوح لخيار التسويات، بعد أن اعيت الحرب قواها وأثقلت كاهلها، وبدا لها أن الحسم العسكري غير ممكن، وأن استمرار الحال على حاله، لن يفيد إلا المتطرفين من قوى السلفية الجهادية على اختلاف مسمياتها.
حالة “فوضى السياسة” في واشنطن، لا تساعد على التفاؤل أبداً، بل وتعطي الانطباع بان واشنطن تريد “إدارة” الأزمة في سوريا وليس حلها ... تريد “إطالة” أمد الأزمة إلى الحين التفرغ من ملفات أخرى أكثر أهمية، من بينها ملف إيران وبرنامجها النووي، وترتيب الوضع في العراق المجاور، أما سوريا، فمركونة على رفٍ عالٍ، أقله لعدة سنوات قادمة .... ألم يقل الرئيس الأمريكي بأن الحرب على “داعش” ستحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل، قبل أن يخرج مسؤولون أمريكيون آخرون ليتحدثوا عن عشر سنوات أو حتى ثلاثين سنة؟!

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن سوريا و«فوضى السياسة» في واشنطن



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab