بقلم : أسامة غريب
تصريحات دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة تنتمى إلى العصور الوسطى قبل اختراع الدساتير وسيادة القانون. هو يعرف ذلك ولا يمكن أن نفترض فيه الجهل لكنه يعتمد البلطجة طريقًا فى الحياة، والدليل على ذلك هو السعادة التى كانت بادية على محياه وهو يجلس مع مجرم الحرب نتنياهو الهارب من العدالة الجنائية الدولية يتقاسمان الأراضى الفلسطينية ويتحدثان عن مصير غزة والضفة الغربية. تهديدات ترامب وتأكيداته بأن مصر والأردن رغم رفضهما المعلن خططه الإجرامية سترضخان لمشيئته توضح أنه يعتمد سياسة التخويف والترهيب للدول. هو لا يفعل هذا مع العرب فقط. يفعله مع الجميع. بعض مَن تقع عليهم تهديداته سيهزأون به وبعضهم الآخر سيرتعد ويخاف من عدم الانصياع. مصر والأردن رغم المعونة الأمريكية ليس لديهما حل سوى الرفض لأن القبول يفتح الباب لخراب الدولتين العربيتين، أما الرفض ففوائده لا تُحصى بالنسبة لعمان والقاهرة، ولا شك أن مستشارى الرئيس الأمريكى سوف يُفهمونه أن المعونات التى تحصل عليها الدول هى أموال ذات اتجاهين وهى تحقق مصلحة الطرف الأمريكى أولًا، وحتى لو قطعها فإنه سوف يحررنا من قيد يحد من قدرتنا على إهانته كلما تطاول على العرب وتفاخر بابتزازه لهم!.
وحسنًا فعل أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حين استخدم وصف التطهير العرقى فى وصف نوايا ترامب نحو غزة، ومن المهم أن نتمسك ونتشبث بهذا التعبير ولا نستخدم سواه فى مواجهتنا لهذا الرجل الجانح، ذلك أن هذا من شأنه أن يصدّر إليه حملة ترهيب مضادة قد يخشى معها من أن يكون إرثه التاريخى واسمه الذى سيتركه لعائلته مرتبطًا بجريمة التطهير العرقى. هو يتحدث عن ريفييرا جميلة ينوى إنشاءها على أرض غزة بعد أن يجتث سكانها ويطردهم بالقوة المسلحة من أراضيهم. يتحدث كما لو كانت غزة جزءًا من الإرث الذى تركته له الست والدته ويعلن تأييده للخطط التى تحدث عنها كوشنر زوج ابنته برغبته فى إقامة منتجعات راقية على شواطئ غزة. من الواضح أن هذه العائلة الملتاثة تجلس حول مائدة تفرد عليها خريطة للعالم ويأخذ كل فرد فى تحديد القطعة التى يريدها، فهذا الولد يريد كندا وذاك الطفل يبغى جرينلاند وهذه الفتاة تحتاج إلى بنما، ويتلقف الوالد الرغبات ثم يضعها فى أجندته التى ينوى فرضها على العالم.
لا يسير الكون بهذا الشكل، والدليل أن الإدارة الأمريكية بموظفيها الرسميين تقوم بتفسير تصريحاته الهوجاء على نحو يفرغها من مضمونها من أجل طمأنة الشعوب التى أفزعها الخبل الرئاسى الأمريكى. فى مهرجان الفزع للجميع الذى أطلقه دونالد ترامب سيتضرر فقط الذين يتعاملون مع بيت الرعب الموجود فى الملاهى على أنه حقيقى وأن الأشباح والمسوخ التى تخرج للجمهور هى كائنات ضارة فعلًا، أما الذين سيحتفظون برباطة جأشهم مؤكدين لأنفسهم ولشعوبهم أن هذا مجرد عرض فى الملاهى فسوف يتضاحكون ويسلون أنفسهم قبل أن يخرجوا سالمين من مسرح دونالد ترامب.