فوائد الأسفار

فوائد الأسفار

فوائد الأسفار

 العرب اليوم -

فوائد الأسفار

بقلم:أسامة غريب

من أشهر ما قيل فى فوائد السفر ما هو منسوب للإمام الشافعى: تَغرّب عن الأوطان فى طلب العلا.. وسافِر ففى الأسفار خمسُ فوائدِ. تَفرُجُ همٍ واكتسابُ معيشةٍ.. وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ. فإن قيل فى الأسفار ذلٌ ومحنةٌ.. وقطع الفيافى وارتكاب الشدائدِ. فموت الفتى خيرٌ له من معاشه.. بدارِ هوانٍ بين واشٍ وحاسدِ.
عادة ما يردد الناس النصف الأول من هذا الكلام ويغفلون عن النصف الآخر الذى أصبح فى أيامنا هذه هو الحافز الأول للناس لكى يسافروا. أما بالنسبة لتفريج الهم والحصول على التسلية فهناك وسائل عديدة، بعضها يمكن استخدامه دون أن تبرح مقعدك، ولم يعد من الضرورى أن تسافر لتلتقى أناسًا جددًا وحضارات مختلفة وعادات سلوكية مثيرة، فكل هذا موجود على الشاشات ويصل إليك بضغطة زر.

أما بالنسبة لاكتساب المعايش فإن عدد الذين يعملون من البيت فى أيامنا هذه فى تزايد مستمر، ومعظم الشركات العالمية الكبرى تتخذ من بعض البلاد الفقيرة مقرًا لخدمة العملاء، حيث يتصل الزبون من إنجلترا فيرد عليه الموظف من كوخ فى كلكتا، متظاهرًا بأنه يجلس فى مقر الشركة فى لندن ويطلب منه أن يغلق الراوتر ثم يفتحه.. مثلًا!.

أما بالنسبة للعلوم والآداب التى كان السفر ضروريًا لتوفيرهما، فقد أصبحا طوع اليد فى عالم الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته المدهشة التى تجيب عن أسئلة السائل فى العلوم والفنون دون تجشم عناء السفر. أما صحبة الماجد فلم يعد أحدًا فى حاجة إليها بعد أن أصبح الموبايل هو الرفيق الذى يصحب المرء إلى المكتب والحمّام وغرفة النوم وحتى فى السينما والمسرح!.

إذا كان الأمر كذلك فلماذا يسافر الناس فى أيامنا هذه؟، أعتقد أن جانبًا أساسيًا من الموضوع يكمن فى الرغبة فى الحصول على شىء من الحياة العادلة التى يعيشها الناس فى الخارج، مثل التمتع بالسير على رصيف لا تشغله المحلات ويسيطر عليه البلطجية، والرغبة فى رؤية مظلوم يأخذ حقه أثناء احتكاك مرورى أو مشادة فى الشارع، وكذلك الاستمتاع بحديقة عامة لا رسوم لدخولها، هذا غير إمكانية أن تجلس فى حالك قليلًا دون أن يفرض عليك شخص نفسه، وإمكانية أن تسير ابنتك أو زوجتك فى الشارع دون أن ينقض عليها المتحرشون فى حماية السائرين بالطريق!، والأهم من هذا كله الحصول على ابتسامة صافية من شخص غير طامع فى البقشيش.

هذا عن الذين يسافرون من بلادنا للخارج، فماذا عن الذين يأتون إلينا من البلاد التى يوجد بها كل ما نحلم به؟ أعتقد أنهم من باب التسلية والثقافة يرغبون فى التعرف على الإنسان الأول الذى قرأوا عنه فى الكتب، ويتطلعون لمعرفة شكله وعاداته ووسائله الخشنة من أجل الاستمرار على قيد الحياة، كما أنهم يستمتعون كذلك بانبهار الناس بهم وأخذ الصور معه.

هذا هو ما تبقى من كل فوائد السفر التى تحدث عنها الإمام الشافعى.

arabstoday

GMT 00:01 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

المكالمة الأخيرة

GMT 23:58 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

«مصيدة أليسون» والعاصفة الكونية المتجمعة

GMT 23:55 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

فلسطين في انتخابات البريطانيين

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحذر... إلا مصر

GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

... وإبادة الحضارات

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

صبّوا علينا من ماء الديمقراطية... ولن نسقيكم!

GMT 00:09 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوائد الأسفار فوائد الأسفار



GMT 17:40 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

"يوتيوب" يحذف حساب وزارة الخارجية الإيرانية
 العرب اليوم - "يوتيوب" يحذف حساب وزارة الخارجية الإيرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab