بقلم : أسامة غريب
فاز ترامب، وامتد حبل الدردشة والتعليقات. تمتلئ الصحف لدينا بأشباه بهلول الذى كنا نشاهده فى وسط البلد ينظم المرور، وقد امتشق عصا يهش بها المارة وهو يسير بخيلاء مرتديا أسمالا من الخيش وسترة مرصعة بغطيان الكازوز. الكل يفتى ويحلل عن أسباب هزيمة كامالا هاريس على يد الواسب الترامبى، ومعظم التحليلات تشير إلى أن هزيمة الديمقراطيين كانت حتمية لأسباب كذا وكذا. هذا بالرغم من أنهم هم أنفسهم وحتى ليلة التصويت كانوا يتحدثون عن حظوظ متقاربة، وبعضهم كان يقطع بفوز كامالا لأنها، رغم نقاط ضعفها، إلا أن تأييد بيونسيه لها ومعها تايلور سويفت وأوبرا وينفرى وغيرهم من النجوم سوف يضمن لها ملايين الأصوات الإضافية. كذلك قالوا إن مرشحةً يدعمها ويعمل فى حملتها شخصيات من وزن باراك أوباما وبيل كلينتون من الأرجح أن تفوز، هذا فضلا عن أن الدولة العميقة فى أمريكا لن تسمح لترامب المنفلت بأن يفوز ويقوض الديمقراطية الأمريكية. اليوم بعد النتيجة المدوية عادوا ليقولوا إن ترامب نفسه جزء من الدولة العميقة وأن كامالا لم تكن لها فرصة تذكر!. لا تخلو جعبة بهلول، وهو يقوم بالتحليل السياسى الاستراتيجى، من حيل يدارى بها الكسل والضعف المعرفى والمعلوماتى.
طوال الشهر الأخير كان كافة الخبراء البهاليل يمسكون فى جملة سمعوها تتحدث عن الولايات المتأرجحة. لقد وجدوا ضالتهم فى موضوع المتأرجحة هذا، والمؤسف أنهم اكتفوا بالجملة السابقة دون أن يشرحوا للناس ما الذى يجعلها متأرجحة، ولماذا لا تثبت على حال مثل غيرها من الولايات المعروف توجهها التصويتى العام. بل إن الولايات السبع التى تحدثوا عنها صارت عشر على ضوء وضع بعضهم ولايات راسخة التوجه على أنها متأرجحة، وذلك على اعتبار أنه فى الزحمة لن يهتم أحد بالفرق بين فرجينيا وويست فرجينيا!.
الآن فقط تطفو على السطح أقاويل عن المجتمع الأمريكى المحافظ الذى لم ينضج بعد لأن تحكمه امرأة!.. لا أدرى كيف يجرؤون على ترديد هذه الفرية وهم يعلمون أن الشعب الأمريكى منح هيلارى كلينتون ثقته بأصوات تتفوق على ترامب بما يقارب ثلاثة ملايين صوت عام ٢٠١٦ وهذا يعنى أن غالبية الأمريكيين اختاروا امرأة.. أما مسألة المجمع الانتخابى فهى علّة تشوب نظام الانتخابات الأمريكى وتذهب أحياناً بكرسى الرئاسة للمرشح الذى لم يحصل على ثقة أغلب الناس!. الآن يتحدثون عن كامالا البلهاء التى تضحك بمناسبة وبدون مناسبة بصوت عالٍ مثل معلمة فى وكالة البلح، كأنها بالأمس لم تكن كذلك!. لكن بعيدا عن هذا كله يمكننى القول إن أسعد الناس بهذه النتيجة بعد دونالد ترامب هو الرئيس جو بايدن الذى يحمل مرارة للحزب الديمقراطى الذى أرغمه على الانسحاب من السباق بداعى التدهور الذهنى، فضلا عن أنه لم يختره عام ٢٠١٦ وفضّل عليه هيلارى كلينتون. الآن يستطيع جو النائم أن يتبجح بأنه ديك البرابر الذى قهر ترامب الجبار ذات يوم وأذاقه الهزيمة.