بلطجة في الخيال

بلطجة في الخيال

بلطجة في الخيال

 العرب اليوم -

بلطجة في الخيال

بقلم - أسامة غريب

كنت عند الكبابجى ذات يوم عندما كان أكل الكباب لا يزال متاحًا، وعند خروجى كان يخرج فى الوقت نفسه شابان فرغا لتوهما من الأكل، ورأيتهما على الرصيف يتحدثان بسعادة عن الطعام وجماله والسلاطات وروعتها فى هذا المطعم، ثم أبصرت أحدهما يتحسس بطنه الممتلئ فى راحة قبل أن يقول بملء الفم: الآن وبعد هذه الأكلة الرائعة عندى استعداد أن أضرب الشارع كله!.

ضحك صديقه وضحكتُ أنا أيضًا على هذا التعليق الذى يعنى أن الوجبة التى تناولها كانت من الدسامة بحيث إنها أمدته بطاقة جبارة قد تسمح له إذا أراد أن يضرب كل الناس بالشارع. نظرت إلى السائرين فى الشارع الهادئ، فرأيت امرأة وطفليها، كما رأيت رجلًا طاعنًا فى السن يتهادى على الرصيف، وأبصرت فتاة تهم بفتح سيارتها، كما كان هناك شحاذ يتظاهر بكنس الشارع.. هؤلاء باختصار، بالإضافة إلى شخصى الضعيف، هم المرشحون ليتلقوا ضربات الأخ الذى أكل وبشم ثم أصبح جاهزًا لإفراغ طاقته فيهم. أعرف طبعًا أن الفتى لا يقصد سوءًا ولا ينوى أن يضرب أحدًا، لكن القافية عنده حبكت. لكن لماذا يا ترى كان هذا المثال هو الذى جاء بباله عندما أراد التعبير عن سعادته بالطعام وإحساسه بالشبع والفتوة؟، لماذا لم يرد على خاطره مثلًا أن يؤدب الوحوش الإسرائيليين الذين يقتلون أطفال غزة؟. لماذا لم يفكر فى إنصاف أى مظلوم بالقوة الطارئة التى حازها، ولماذا لم يرد بباله حتى أن يعبر عن اعتزامه ممارسة بعض الرياضة التى تمتص طاقته وتستوعب إحساسه بالتفوق؟.. هل يا ترى بسبب أن البلطجة صارت من معالم الحياة المعاصرة، بعد أن أصبح لها بريق يجعل الشباب يتطلعون إلى نجومية البلطجة والفخر من خلالها؟، هل بسبب اضطرار الناس إلى الاعتماد على أنفسهم فى اقتضاء الحقوق؟، هل بسبب برامج التوك شو الليلية، وبعضها لا يتورع عن شتم الناس على الهواء وسب آبائهم وأمهاتهم؟.. هل لهذا دخل فى أن يحلم الشاب بعد لقمة حلوة بأن يضرب الناس الطيبين السائرين فى الشارع، وليس من بينهم مَن آذاه أو أساء إليه؟. هل يحمل هذا المثال دليلًا على العدوانية التى تفشت فى النفوس أم ترانى أبالغ وأُحمّل الأمور أكثر مما تستحق؟. إن الشاب الذى فعل هذا قد يُصاب بصدمة إذا ما قرأ هذا الكلام لأنه بكل تأكيد لم يفكر فى أى شىء مما أتحدث عنه.. سيقول إنها مجرد مزحة مع صديق لم يكن من المفروض أن أسمعها، ولو سمعتها بالمصادفة ما كان يجب أن يشطح بى الخيال إلى هذه الافتراضات!.

حقًّا ما الذى يجعل شخصًا مثلى يفلسف المسائل ويذهب بعيدًا فى تحليل الأمر بعد أن ارتدى روب «فرويد» وشبشبه وتقمص دور المحلل النفسى وأستاذ الاجتماع؟. ليس عندى رد سوى أن هذا الشاب ينبغى فى المرة القادمة أن ينتقى مثالًا آخر للتعبير عن القوة، أو أن يختار التمسك بمثاله اللطيف، لكن بعد أن يتأكد من أننى لا أسمعه

arabstoday

GMT 00:01 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

المكالمة الأخيرة

GMT 23:58 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

«مصيدة أليسون» والعاصفة الكونية المتجمعة

GMT 23:55 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

فلسطين في انتخابات البريطانيين

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحذر... إلا مصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلطجة في الخيال بلطجة في الخيال



GMT 00:01 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

المكالمة الأخيرة

GMT 17:40 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

"يوتيوب" يحذف حساب وزارة الخارجية الإيرانية

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحذر... إلا مصر

GMT 13:45 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الكشف عن سبب استغناء برشلونة المفاجئ عن تشافي

GMT 14:25 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

إطلالات ساحرة لياسمين صبري بالفستان الطويل

GMT 23:55 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

فلسطين في انتخابات البريطانيين

GMT 13:33 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

نصائح لجعل غرفة الطعام الضيّقة مميزة ولافتة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab