في ميدان محطة مصر

في ميدان محطة مصر

في ميدان محطة مصر

 العرب اليوم -

في ميدان محطة مصر

بقلم - أسامة غريب

زمان.. أيام الجامعة.. هبط علىَّ دون ميعاد أحد الأصدقاء وطلب منى أن أترك المذاكرة وأنهض معه لنذهب إلى الإسكندرية حتى نتعشى هناك ثم نقفل راجعين. حاولت إثناءه عن الفكرة وتحويل نفس العرض إلى مطعم قاهرى متعللًا ببرودة الجو فى الإسكندرية. صارحنى بأنه يريد لنا أن نجرب حياة الباشوات الذين يقررون فجأة التحرك للإسكندرية لتناول العشاء والعودة فى نفس الليلة. لم يؤثر فيه قولى أن عِلية القوم الذين يريد أن يتشبه بهم لا يسافرون بالدرجة الثالثة فى قطار بلا شبابيك أو فى ميكروباص بالنفر. استحثنى على أن أنفض الكسل وأستعيد الروح الوثّابة التى أخبرنى أننى أتميز بها!. لم أشأ أن تتغير فكرته الطيبة عنى كصايع قديم، فمضيت معه دون حماس. ذهبنا إلى ميدان أحمد حلمى، حيث حشرنا نفسينا فى سيارة بيجو (7 راكب) انطلقت تقطع الطريق الزراعى نحو عروس البحر المتوسط. فى ميدان محطة مصر ألقت بنا السيارة، وكان الجو فى تلك الليلة من ديسمبر قارس البرودة.

ورغم المطر المتساقط فقد كان الميدان يغص بالبشر. أخذنا جولة نستطلع أى المطاعم سيحظى بشرف تناولنا العشاء عنده. لمحت فى أحد أركان الميدان مطعمًا للفول والطعمية يبدو عليه الوقار، فأشرت لصديقى أن ندخله. نظر نحوى فى امتعاض متسائلاً: هل قطعنا كل هذا الطريق وأتينا إلى ثغر الإسكندرية من أجل سندوتشات فول وطعمية؟ رددت بتساؤل مماثل: وماذا عساه يقول بروتوكول الباشوات فى شأن العشاء هذه الليلة.. هل نأكل شركسية مع كوستليتة بالمشروم؟.

غمغم ونظرة الامتعاض لم تفارقه: لابد من أكلة غير تقليدية فى هذه الليلة المباركة. ظل صديقى يتفحص المطاعم، وكلما أشرت إلى واحد، رفضه فى إباء ومضى يكمل الفحص. بعد مضى ساعة كان التعب والبرد قد نالا منى، وهنا أشار صديقى إلى مطعم منزوٍ على ناصية حارة كان خاليًا من البشر إلا من صاحب المكان الذى جلس وحده يشاهد التليفزيون. لم يعجبنى المطعم بالمرة لقذارته البادية، لكن معارضة صديقى كانت بلا فائدة. سألت الرجل عما يقدم من طعام فأجاب: هذا محل كبابجى.. ألا ترون اللحمة فى الفاترينة؟. نظر صاحبى إلى قطعة اللحم اليتيمة المعروضة وسأل الرجل: حلوة اللحمة دى؟.. أطلق صاحب المطعم ضحكة عالية وأجاب برد منطقى: سؤالك غريب يا أفندى.. هذه لحمتى، فهل تتوقع منى أن أتحدث عنها بسوء؟. اطمأن قلب صاحبى، وعندما أتى طبق المشويات فإنه لم يهتم لكمية الهباب المحيطة باللحم المحترق ومضى يأكل فى نهم وسعادة، أما أنا فقد حاولت قدر الطاقة أن أكشط الهباب ولما فشلت اكتفيت بالخبز مع سلاطة الطحينة إيثارًا للسلامة.

فى طريق العودة داخل ميكروباص بابه مخلوع أخذ يتوجع ممسكًا بطنه، ولما علا صراخه اضطر السائق أن يدخل بنا مدينة بنها حيث قاموا فى المستشفى بعمل غسيل معدة لصديقى، وأخرجوا من جوفه كل الهباب الذى أكله!.

الغريب أن الحكاية التى رواها لأصدقائنا عن مغامرتنا الليلية التعيسة كانت مليئة بالمشهيات وخالية من حقيقة ما حدث!.

arabstoday

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

في تكريم الزعيم

GMT 00:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الخروج من الأنفاق

GMT 00:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

انتهاك الذاكرة

GMT 00:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مصر... من سلام بارد إلى حرب باردة

GMT 00:52 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مهرجان «كان»... الصعود على السجادة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ميدان محطة مصر في ميدان محطة مصر



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - الجزائر تُعلن تفكيك شبكة إجرامية عابرة للحدود

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات

GMT 10:52 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مصفاة نفط روسية ضخمة تتوقف عن العمل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab