حروق الأجساد وتشوهات القلوب

حروق الأجساد وتشوهات القلوب

حروق الأجساد وتشوهات القلوب

 العرب اليوم -

حروق الأجساد وتشوهات القلوب

معتز بالله عبد الفتاح

فريق عمل أهل مصر، بقيادة السيدة هبة هلال السويدى، يواجهون صعوبات استثنائية. ليست الصعوبة فى حالات الحروق التى يواجهونها عند أطفال لا حول لهم ولا قوة، ولكن الصعوبة فى تشوهات القلوب التى نالت من بعضنا.

تقول السيدة هبة السويدى: لماذا نصر على أن ننظر إلى أشكال الناس بدلاً من أن ننظر إلى قلوبهم؟ لماذا نحكم عليهم بأن يعيشوا كالأموات، لأن حرقاً شوههم؟ وإذا رأيناهم سرعان ما ندير وجوهنا وعيوننا عنهم وكأنهم كائنات متوحشة.. ألم يفكر أحدنا بمدى الألم والوجع الذى نصيبهم به؟ ألم يفكر أحدنا ماذا سيكون شعوره وهو يعيش منبوذاً، لا أحد يتقبله ولا يرحمه؟ رحماك يا الله..

أقسم بالله أننى أحمد الله تعالى كل يوم بأن جعلنى وفريق عملى سبباً فى تغيير حياة هؤلاء الناس، وأن هدانا إلى أن نكرّس حياتنا ومجهودنا لخدمتهم. وتعطى مثلاً بـ«رغدة»، الطفلة التى تبلغ من العمر اثنى عشر عاماً وقد اشتعلت نيران البوتاجاز وهى تحضر الطعام لأهلها، فأحرقتها حتى أصابع يدها فقدت معالمها..

«رغدة» ما هى إلا طفلة.. اتخذت من ملاءة السرير غطاءً لها تختبئ أسفله كى لا يرى تشوهاتها أحد فيعايرها أو يدير وجهه عنها مشمئزاً من شكلها.. كنا نحن فى جمعية «أهل مصر» أول ناس استطاعوا كسر هذا الحاجز، وبدأنا معها رحلة العلاج.. وبدأت تتعافى بالتدريج، لكن رحلة علاجها ستستغرق سنين.. ليس فقط علاج تشوهاتها، بل علاج جروح قلبها من مجتمع حكم عليها بالموت وهى حية ترزق..

لم أرَ «رغدة» أنا وكل من عرفها من فريق «أهل مصر» تضحك وسعيدة كما رأيناها وهى تصور معنا إعلان مستشفى «أبناء مصر» لعلاج الحروق.. كانت سعيدة وهى تتجول فى مكتبنا وفى البلاتوه وجميع من حولها يتعامل معها وكأنها واحدة مثلنا مثلها. كانت سعيدة وهى لا ترى فى أعيننا نظرات أسى على حالها.. كانت سعيدة أننا ننظر إلى قلبها، لا إلى شكلها. «رغدة» فى نهاية يوم التصوير فاجأتنا بأنها تنوى أن تكون صحفية، فهى حتى تكتب عن مستشفى أبناء مصر التى أحيت فيها وفى زملائها الأمل للحياة مرة أخرى.

تأزم بعض الناس حين رأوا «رغدة» فى التليفزيون واستكثروا عليها أن تكون سبباً فى إفاقة كثيرين عن حجم فادحة الحروق التى لا يعلمها معظم الشعب المصرى.. بل لم يكتفوا بالاشمئزاز، بل وانهالوا بسيل من الشتائم.. سبحانك يا الله، ألهذا الحد قست قلوبنا؟ ماذا لو فى يوم ما خرجت «رغدة» من قريتها، أسيسمح لها مجتمعنا بأن تكون طالبة فى كلية الإعلام؟ أسيسمح لها مجتمعنا بأن تكون صحفية لامعة؟ أم سيهربون منها وتقتلها نظراتهم؟؟؟؟؟؟؟؟

تقول السيدة هبة: لو استرسلت فى الكتابة سيخط قلمى قصصاً كثيرة لا حصر لها عن مآسى ضحايا الحروق.. عن أم وابنها حُرقا فألقى بهما الأب خارج منزله وتبرّأ منهما، لأننا فى مجتمع لا يقبل بأن تكون زوجته مشوهة ولا ابنه.. عن طفل سقط فى الحلة وأمه تحمله وهى تطبخ فاحترق وجهه وجسده.. عن أطفال سقط عليهم زيت مغلى فشوهوا عن ثمانين ألف مصرى يصابون بالحروق كل عام.. أى بمعدل مائتين وخمسين مصرياً يُصابون بحرائق وتشوهات يومياً..

أحمدك وأشكر فضلك يا الله أن ألهمتنا واستخدمتنا ووجهتنا لأن نقف إلى جانب هؤلاء من ضحايا الحروق، وسنحارب ونتحدى مجتمعاً -للأسف- سطحى، لا يرى من الناس إلا وجوههم.. بالله عليكم، ماذا سيحدث لو كل واحد منا قرر أن يغير نظرته إلى «رغدة وأمينة وحبيبة» وينظر إليهن بابتسامة وكأنهن بناته أو أخواته طوال شهر رمضان، وهو يراهن على شاشات التليفزيون؟؟؟؟ أليست هذه إفاقة لقلوبنا وبداية لأن يكون مجتمعنا مجتمعاً لديه قلب يحب ويقبل غيره.. أعلن دعمى الكامل لهذا المشروع، وأقول لملايين المصريين: إن لم تستطيعوا أن تفعلوا خيراً، فتمنوا النجاح والتوفيق لمن قرر أن يقوم بواجبه نيابة عنا ويمنع الشر الذى يصيب هؤلاء الأبرياء.

arabstoday

GMT 09:07 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

قوس الحلول

GMT 09:06 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة أمام حماس

GMT 09:04 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

فراغ القوة فى سوريا.. نظرية تبعث من جديد

GMT 09:03 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

نكتة بوش ونصر غزة!

GMT 09:01 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

وصول عون للرئاسة ينعش لبنان والمنطقة

GMT 09:00 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

نار سوريا المرغوبة!

GMT 08:59 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

السودان... انتصار مدني وفتنة الانتقام!

GMT 08:57 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

هبّت رياح ثورة «17 تشرين»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروق الأجساد وتشوهات القلوب حروق الأجساد وتشوهات القلوب



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 08:42 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

ذكريات يناير؟!

GMT 05:34 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

إيران وإسرائيل

GMT 14:03 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تكشف طريقة دخولها مجال الفن

GMT 14:40 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

الذهب يتراجع مع ترقب بيانات تضخم أميركية

GMT 14:37 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يصادر آلاف الأسلحة على طول الحدود السورية

GMT 14:43 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

"تسلا" تبدأ إنتاج الطراز "واي" المُحَدَّث في مصنعها بألمانيا

GMT 14:02 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

الدفاع الروسية تكشف عن خسائر فادحة لنظام كييف على محور كورسك

GMT 07:09 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

إسرائيل لا تستطيع تحديد عدد الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم

GMT 14:39 2025 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

"أوبك" تتوقع نمو الطلب على النفط بـ 1.43 مليون برميل يوميا في 2026

GMT 02:34 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

عشرات الشهداء بقصف عنيف على غزة عقب إعلان الاتفاق

GMT 02:37 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

انفجار يهز قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab