إلى نواب الشعب كونوا نواباً عن الشعب

إلى نواب الشعب.. كونوا نواباً عن الشعب

إلى نواب الشعب.. كونوا نواباً عن الشعب

 العرب اليوم -

إلى نواب الشعب كونوا نواباً عن الشعب

معتز بالله عبد الفتاح

المعضلة فى البرلمان المقبل ليست فى إدارة جلسات البرلمان فقط (فهذا هو الشق الإجرائى)، ولكن الجزء الأكبر من المعضلة سيكون فى الحكومة. الحكومة فى مصر تقوم بثلاث مهام كبيرة أشبهها بإطفاء الحريق، وبهندسة المستقبل، وبـ«فِيوز الأمان».

هى مسئولة عن إطفاء الحرائق اليومية، التى تحدث فى كل قطاعات الدولة ومناطقها المترامية. ما من وزير أعرفه إلا ويأتى محملاً بطموحات كبيرة وخطط مستقبلية متعددة ومتنوعة فى مجال عمله، ولكنه يجد نفسه فى دوامة لا تتوقف من الأعباء اليومية والحوادث الاستثنائية، التى تجعله منشغلاً بسد الثغرات الحادثة عن أخطاء يقع فيها مسئولون تحت رئاسته.

وبعد شىء من التمرس، أو مدفوعاً بتعليمات عليا يتجه الوزير فى الحكومة إلى التفكير فيما وراء إطفاء الحرائق، ليعيد هندسة القطاع الذى يترأسه، وهى المهمة الثانية التى تتوقف فى المقام الأخير على التخطيط، ثم الموارد المالية.

الحكومة فى مصر، شاءت أم أبت، وهى فى هذا تشبه الكثير من حكومات العالم، هى «فِيوز الأمان» للنظام السياسى بأكمله فتقدم الحكومة استقالتها، أو يقدم أحد أعضائها استقالته، إذا ما وجد النظام الحاكم أن البديل عن الاستقالة أزمة أكبر تعرض استقرار مؤسسات الحكم لخطر.

ما دور مجلس النواب فى هذه الثلاثية؟

المجلس سيكون حاضراً، بل وشريكاً فى المهام الثلاث.

فمع كل حادثة لطالب فى مدرسة، أو لقطار فى مزلقان، أو لمريض فى مستشفى، أو هبوط أمطار كثيف فى منطقة، سيكون هناك التزام على مجموعة من النواب أن يثيروا القضية تحت قبة البرلمان. وستجد الحكومة نفسها فى حالة إطفاء حريق ودفاع عن النفس. وهذا هو الطبيعى، لكن البرلمان الحالى عليه مسئولية أن يتحلى بالحكمة، وألا تتحول كل قضية إلى حالة من الهيستيريا، التى تنتهى بطلب إقالة الوزير المختص، لأن هذا هو أسهل الطرق فى معالجة أى أزمة.

وكما شبهها رئيس وزراء سابق بأننا دائماً ما نقوم بتغيير قائد الأوتوبيس مع كل عطل فيه، مع أن المشكلة ليست فى السائق، ولكننا نفعل ذلك لتهدئة الرأى العام.

وهنا ستكون المزايدة البرلمانية أخطر من المزايدة الإعلامية، التى يشكو منها المسئولون. هذه المزايدات لا تحل المشاكل الوطنية، وإن كانت تبرز العنتريات الفردية، وهى العنتريات التى تعجب الجمهور ولكنها لا تحل المشاكل.

أما على مستوى دور الحكومة فى «إعادة هندسة» مستقبل القطاعات المختلفة، فهذا هو الجهد الأكبر لمجلس النواب.

مشاكل مصر مركبة، ويختلط فيها ضعف الموارد البشرية مع نقص الموارد المالية مع الخلل فى توجهات وسلوك الكثير من المواطنين، وفى كثير من المشاكل والتحديات يكون التخطيط فى حد ذاته تحدياً كبيراً لغياب المعلومات، سواء المتعمد أو غير المقصود.

وهنا ينبغى أن يكون النواب على علم بطبيعة هذه التحديات وأن يناقشوا التفاصيل الدقيقة، وأن يسمعوا وجهات النظر المتعددة وأن يكونوا ساحة للتفاوض الجماعى بين الحكومة والجهات والفئات المختلفة، التى لها رؤى ومصالح تتعارض مع رؤية الحكومة، وألا يسمحوا بما هو خارج عن المنطق أو المصلحة الوطنية.

والساحة الأكثر رحابة لهذه النوعية من النقاشات هى لجان البرلمان، التى ينبغى أن يكون تشكيلها على أعلى مستوى من حيث الكفاءة والتخصص، لأنها لو كانت غير ذلك، فسيكون هناك تأثير سلبى على نوعية مشروعات القوانين، وعلى إدارة الوقت داخل الجلسات العامة للبرلمان.

أما الملف الثالث الخاص بالتعامل مع الحكومة «كفيوز أمان» للنظام السياسى بأكمله، فهى مسألة تقتضى الكثير من الحكمة كذلك، لأن تشكيل الحكومات فى مصر ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ أصبح مسألة معقدة لأسباب كثيرة.

ولا ينبغى أن يبالغ البرلمان والبرلمانيون فى إساءة استخدام فكرة تغيير الحكومة أو تغيير الوزراء استرضاءً للرأى العام. وإنما هذا لا ينبغى أن يحدث إلا بناء على رؤية للصالح العام حتى لو تضمن ذلك مخاطبة الرأى العام وشرح الأسباب.

نعم، النواب هم نواب الشعب، ولكن الشعب مستعد لأن يستوعب أى قرارات تتخذ طالما أنها نابعة من الصالح الوطنى.

هذا هو التحدى، الذى يواجهه البرلمان فى علاقته بالحكومة، ولكن على البرلمان كذلك تحديات فى علاقته بالمصريين عموماً، وكما قلت من قبل، فإن البرلمان عليه تحدٍ.

أولاً: تحدى الارتقاء بسمعة ومكانة البرلمان فى عقول المصريين، لأسباب لا يتحملها النواب الحاليون، وإنما لأسباب تاريخية ممتدة كما ساد عند قطاع واسع من المصريين أن البرلمان ما ينشأ إلا لخدمة بعض أو كل أعضائه أو هو ديكور سياسى لاستكمال الشكل، وقد شبهه بعض الشباب فى الفضاء الإلكترونى بالنيش فى المنزل الذى يهدف إلى إبهار الضيوف دون أن تكون له قيمة حقيقية.

هنا سيتحمل النواب الحاليون مسئولية تغيير هذه الصورة السلبية بأن يكونوا قدوة لجموع المصريين، فلا نريد أن نسمع أو نعرف عن نواب القروض أو نواب الرشاوى أو النائب الذى يضع مكان نمرة السيارة صورة قبة البرلمان. كل هذا ينال من مؤسسة لا بد أن تكون سمعتها وسمعة أعضائها فى المكانة التى تليق بالهيئة التشريعية لجمهورية مصر العربية.

ثانياً: تحدى تغليب الصالح العام على أى اعتبار آخر شخصياً كان أو حزبياً أو جهوياً. هذا تحدٍ كبير أمام النواب، وهو تحدٍ ليس مرتبطاً فقط بكيفية تخصيص الموارد المالية على القطاعات المختلفة، ولكن كذلك بكيفية تخصيص وقت المجلس لمناقشة القضايا المختلفة بما فى ذلك السيطرة على شهوة الكلام عند البعض.

أزعم بأن أول مورد يملكه نواب البرلمان هو الوقت، وبالتالى إضاعة الوقت فيما لا يحقق الصالح العام سيكون عبئاً كبيراً على القضايا الوطنية. وسيكون هذا التحدى فى قمته إذا كانت الجلسات مذاعة على الهواء مباشرة.

ثالثاً: تحدى إدارة البرلمان لشئونه الداخلية وفقاً لمعايير الكفاءة والنزاهة، وليست المحاصصة أو الخصخصة. المجلس المقبل مطالب بأن يصنع الأغلبية من داخله، لأن التشرذم فى الحياة الحزبية وفى توزيع الدوائر لم يخدم قضية وجود أغلبية محددة سلفاً.

رابعاً: تحدى إثبات الفعالية والكفاءة فى علاج مشاكل المواطنين. قدر هذا المجلس أن يأتى محملاً بأكثر من مائتى قرار بقانون صدرت خلال غياب البرلمان، فضلاً عن اللائحة الداخلية الموروثة عن مجلس الشعب وقوانين أخرى نص الدستور على أنها ستناقش فى الفصل التشريعى الأول، مثل العدالة الانتقالية أو قانون موحد لبناء دور العبادة أو قانون الإرهاب. المعضلة أن معظم هذه الأمور لن ينظر لها المواطن بالضرورة باعتبارها أولوية له، لذا على البرلمان ألا يسرف فى مناقشة هذه القضايا، وإلا سيفقد جزءاً من دعم الرأى العام له.

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى نواب الشعب كونوا نواباً عن الشعب إلى نواب الشعب كونوا نواباً عن الشعب



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 09:35 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
 العرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab