بقلم - كريمة كمال
هذه القصة يعرفها الكثيرون من «الفيسبوك» قصة «حنين سيد فؤاد الجنارى»، طالبة فى بكالوريوس سياحة وفنادق، كانت تعبر من باب كليتها لكن أمن الكلية أوقفها ومنعها من الدخول وقال لها: «فستانك قصير وما ينفعش تدخلى بيه الكلية».. البوست الموضوع على «الفيسبوك» يتضمن صورة حنين وهى ترتدى الفستان، وهو فستان عادى بنص كم ويصل إلى الركبتين.. الطالبة اعترضت وأوضحت لفرد الأمن أن لديها «بريزنتيشن» سوف تقوم بتقديمه يستدعى أن ترتدى شيئًا لائقًا، وذلك طبقًا لتعليمات القسم، وهو قسم دراسات متحفية.. المهم أصرت حنين على الدخول، وأصر الأمن على عدم دخولها حتى وصل الأمر إلى وكيلة الكلية التى رأت أن الأمن صح والفستان غير لائق لولا تدخل دكتور كبير قال إن الفستان لائق وجميل، بل إنه واجههم قائلًا: «عيب تكلموا البنت كده»، وتدخلت الدكتورة مارى التى ارتدت حنين الفستان لكى تقدم لها الـ«بريزنتيشن» واعتذرت لحنين، والمفروض أن الموضوع انتهى على كده.
الواقع أن الموضوع لم ينتهِ، فمثل هذه المواقف لا تحدث للمرة الأولى، ولن تكون بالطبع المرة الأخيرة.. وهو موقف يثير الكثير من التساؤلات.. أول هذه التساؤلات: هل من وظيفة الأمن أن يتدخل فى لبس الطالبات؟ إن فكرة لائق أو غير لائق فكرة تعتمد أساسًا على الخلفية الثقافية لمن يحكم، لكن ليس من دور الأمن أن يحكم على لبس الطالبة أثناء دخولها إلى الكلية.. دور الأمن ألا يسمح لمن لا ينتمى للكلية بالدخول إلى الكلية إلا إن كان هناك سبب وراء رغبته فى الدخول، وموافق عليه من أعضاء هيئة التدريس أو إدارة الكلية، أما لبس الطالبات فلا يخصه فى أى شىء، خاصة أن فرد الأمن قد يكون قادمًا من الأرياف ولا يستطيع أن يهضم فكرة ارتداء الفستان طالما لا يغطى الجسد كله.. إن تدخل الأمن فى الكثير من الأمور فى الكليات والجامعات قد جعل منه سلطة ترى أن من حقها التدخل فى كل شىء.. أما وكيلة الكلية فقد تكون ممن يرون أن على الطالبات الاحتشام وارتداء الملابس الفضفاضة والطويلة، بينما كان رأى الأستاذ الدكتور الكبير فى السن أن الفستان لائق وجميل، لأن هذا الأستاذ قد عاصر فى وقته عندما كان طالبًا فى الجامعة الطالبات يرتدين ملابس تمامًا مثل هذا الفستان، وكان هذا هو العادى جدًا، لذلك لم يَرَ فى الفستان ما لا يليق.
المشكلة الحقيقية هنا أنه لم تعد هناك ثقافة واحدة لمجتمعنا، ففكرة اللائق وغير اللائق تختلف من طبقة إلى أخرى، بل من حى إلى آخر داخل القاهرة نفسها.. وبالطبع فى المحافظات.. المشكلة الأكبر والأهم أن كل فرد فى مصر يُنصب من نفسه حكمًا على أى فتاة أو سيدة، بل ويُنصب من نفسه قاضيًا للحكم عليها، بل وقد يتصرف طبقًا لرأيه فيما ترتدى كأن يعنفها أو يرى أن من حقه أن يتحرش بها طالما هى ترتدى مثل هذا الزى.
هل سنظل نعانى من مثل هذه المواقف؟ هل نسينا قصة الطالبة التى ارتدت فستانًا داخل لجنة الامتحان بإحدى الكليات وقامت مراقبتان بتعنيفها، وتطور الموضوع حتى تدخلت إدارة الجامعة وأجرت صلحًا ما بين الطالبة والمراقبتين، وهكذا لم يتم حل الموضوع من أساسه بالإعلان عن أنه ليس من حق أحد التدخل فيما ترتديه الطالبات، وهكذا من الطبيعى جدًا أن يتكرر الأمر.. فما الذى سنفعله هذه المرة، هل نصمت أم أن الأمر يحتاج إلى تدخل على مستوى وزارة التعليم العالى، بحيث لا تتحكم فى الطالبات الثقافات التى لا تتفق مع ثقافاتهن؟.. وإن كان الأمر يجب أن يُناقش ليس على مستوى التعليم العالى فقط، بل على مستوى المجتمع المصرى كله