أين غابت الثقافة

أين غابت الثقافة؟

أين غابت الثقافة؟

 العرب اليوم -

أين غابت الثقافة

بقلم: كريمة كمال

قادتنى يدى أثناء التقليب بين القنوات إلى القناة الثانية. توقفت بدافع الفضول، فشاهدت أحد البرامج التي تستضيف عددًا من الضيوف، وكانت الكاميرا مثبتة على الضيفة التي تتحدث، وهى أستاذ في إحدى الكليات الفنية.. لن أقول الاسم، فلا أسعى للتشهير بأحد بقدر ما أسعى للتوقف أمام ما باتت عليه ثقافتنا مهما انتمينا إلى أعلى المناصب. كانت السيدة الأستاذة سببًا ليس في دهشتى بقدر ما كانت سببًا في صدمتى.. لن أتوقف امام الماكياج الصارخ الذي كانت تضعه، بل أتوقف أمام باروكة الشعر الحمراء الصارخة الطويلة التي تتدلى على كتفيها.. أما ملابسها فحدِّث ولا حرج، كانت ترتدى بلوزة سوداء تتدلى على الكتفين بدانتيل يكشف أعلى ذراعيها وفوقها جيليه رياضى لا يتفق أبدًا مع البلوزة، بينما الإكسسوارات بدَت معقدة وكثيرة..

في البداية تصورت أنها المذيعة، وتساءلت: أليس هناك رقابة في التليفزيون المصرى على ملابس المذيعات؟، لكننى فوجئت بما كُتب تحت الشاشة من اسم الأستاذة الدكتورة وانتمائها إلى إحدى الكليات الفنية. لم أصدق ما أرى، وتساءلت عن ثقافتنا فيما يخص الملابس ومدى ارتباطها بمركزنا ووظيفتنا والمناسبة التي يتم فيها ارتداء كل نوع من الملابس.. هذا نوع من التربية الأسرية والمجتمعية، فكيف فقدنا بوصلة هذه التربية إلى هذا الحد؟. أتذكر هنا أننى كنت أقابل إحدى السيدات في المؤتمرات، وكانت تتقلد منصبًا رفيعًا جدًّا، لكنها كانت ترتدى ملابس لا تتفق أبدًا مع منصبها أو المناسبة، مما جعلها مصدرًا للسخرية.. السؤال هنا: مَن نقلد، هل نقلد الفنانات في الأفلام المصرية؟، أم نتربى على ثقافة مجتمعية مرتبطة بالطبقة والمكانة والمكان والمناسبة، فما يصلح للذهاب به إلى زفاف أحد الأصدقاء أو الأقارب لا يصلح للذهاب به إلى العمل، وبالتالى الظهور في التليفزيون كممثل لإحدى المؤسسات التعليمية..

هذا الخلط ينجم من توارى دور الأسرة، بل المدرسة. المشكلة هنا أن التربية توارت في مقابل التقليد، ومن هنا باتت ليس فقط الكثيرات من الفتيات فاقدات للبوصلة فيما يرتدين وليس الفتيات فقط، بل بعض السيدات، فها نحن نرى أستاذة جامعية تذهب إلى برنامج تليفزيونى في مظهر لا يتفق تمامًا مع ما تمثله والحدث الذي ستذهب إليه. مثل هذا الخلط نراه في الشارع أيضًا، وهو الخلط ما بين الظهور كامرأة جميلة وما يصلح للارتداء.. نادرًا ما ترى في الشارع المصرى مَن ترتدى زيًّا يلفت نظرك بجماله ورقيه، فقد غابت تمامًا ثقافة التصرفات الشخصية، ومنها ما الذي يمكن ارتداؤه وأين يمكن ارتداؤه، بل هل يصلح لطبيعة أجسادنا أم لا يصلح.. هذه ثقافة يجب أن تبدأ منذ الصغر، ولا يصلح أن تتصور بعض الفتيات أو السيدات أن فنانة ما في دور ما هي موديل أو نموذج عليها تقليده، فالفنانة ترتدى ما يتفق مع الدور الذي تتقمصه، أما ملابسنا اليومية فهى تتوقف على عوامل كثيرة معقدة، منها الطبقة والدور الاجتماعى والمناسبة، بل مقاييس أجسادنا.. هذه الثقافة غابت تمامًا لأنها لم تعد موجودة، فإما كان التقليد هو السائد أو الاحتشام هو ما يفرض نفسه، وكل ذلك مفهوم على ألا يغيب عن العقل قدر من الذوق، أي الثقافة المجتمعية التي يجب أن تكون موجودة.

arabstoday

GMT 10:18 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تخاريف داني دانون!

GMT 10:17 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

لعن الله العربشة والمتعربشين

GMT 10:16 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

هل الأزمة السودانية في نهاياتها؟!

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

عقلانية الشرع

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الشتات مأوى الأحياء والأموات

GMT 10:12 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أسرار كينيدي والشعّار!

GMT 09:46 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

قبطان العالم الجديد: دونالد ترمب!

GMT 09:45 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

هراري... الشبكات المعلوماتية ونهاية الإنسانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين غابت الثقافة أين غابت الثقافة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:44 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

السعودية تؤكد دعمها الثابت لقيام دولة فلسطينية
 العرب اليوم - السعودية تؤكد دعمها الثابت لقيام دولة فلسطينية

GMT 12:53 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية
 العرب اليوم - محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا

GMT 09:30 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

ماذا ينتظر العرب؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab