بقلم - كريمة كمال
عندما تابعت ما جرى هذا الأسبوع أصبت بالإحباط حقا من الهوة التى تردينا فيها.. هوة عميقة لا تمت للمصريين بصلة.. أتحدث هنا عن ظهور الفنانة الكبيرة نجاه الصغيرة بعد غياب طويل جدا.. ظهرت الفنانة على مسرح فى الرياض، حيث غنت سواء لايف أو بلاى باك وتم تكريمها.. البعض ممن يتمتعون بأصالة المصريين فرحوا جدا بظهور الفنانة بعد طول غياب منذ أن اعتزلت مما يقرب من ثلاثين عاما.. أما البعض الآخر فقد ساءهم أن تظهر الفنانة وهى بهذا الكبر وبعد أن تقدم بها العمر ورأوا أنها كان يجب أن تظل ممتنعة عن الظهور حتى لا يراها الجمهور على هذا الحال من التقدم فى السن وكأن التقدم فى السن سبة وكأن العجز فضيحة يجب أن نداريها حتى لا يراها الآخرون.
الأسوأ من هذا أن البعض بحثوا عن السبب الذى دفعها للظهور هل هى النقود التى دفعت لها أم ماذا؟ بل إن أحد مقدمى البرامج رأى أنه لا يصدق أن الفلوس هى السبب وأن امرأة فى هذا العمر المتقدم ليست بحاجة للفلوس، لكن ربما كان هناك أحد آخر من المحيطين بها هو الذى يريد أن يحصل على النقود.. وتحول الأمر إلى سجال، البعض يحيى ظهور الفنانة الكبيرة والبعض يدين هذا الظهور ويعتبره غلطة وسبة وشيئا ما كان يجب أن يحدث.
بل إن الأمر وصل إلى كتابة بوست يطلب من الناس أن يقرروا إذا ما كانوا مع ظهور الفنانة نجاة الصغيرة فى السعودية أم ضده.. لم يسأل سوى قليلين لماذا نسيت الفنانة الكبيرة كل هذه السنوات الطويلة دون أن يتم تكريمها أو الاحتفاء بها بأى شكل من الأشكال؟ وهل حينما يأتى أحد من الخارج ليقيم لها هذا التكريم نعترض ونرفض أم يجب علينا أن نشعر بالفخر بفنانينا الكبار الذين صنعوا مجدا لن ينسى وتراثا فنيا مازال يعيش حتى الآن وننتبه إلى مَن مِن فنانينا تاه وسط حالة اللامبالاة فلم نلتفت لنكرمه ونحييه ونشعره بقيمته وهو مازال حيا بيننا.
عندما نتابع الفيس بوك بالذات ندرك أن كثيرا من الصفحات تتحدث عن نجمات كبروا فى السن وتغيرت ملامحهم، بل إنهم يحولون ذلك إلى لغز على طريقة هل تتخيل كيف أصبح شكلها، لن تصدق، إذا أردت أن ترى ادخل على أول تعليق لتعرف كيف صارت ملامحها؟ أو هل ترى هذه السيدة العجوز لن تتخيل من هى لقد كانت نجمة جميلة إذا أردت أن تعرف ادخل على أول تعليق!، هكذا باتت هذه الصفحات الفقيرة فى المهنة والأداء تلجأ لاستخدام كبر السن لتروج لصفحاتها على حساب نجمات، كل مشكلتهن أنهن كبرن فى السن وكأن من يكتب هذه الكلمات الفجة لن يكبر يوما فى السن وسيظل شابا إلى الأبد.
أتابع صور النجمات الأجنبيات بعد أن تقدم بهن العمر وأجد أنهن يتمتعن بجمال كل سن ولنرى مثلا صور ميريل ستريب وكيف تظهر بنظارة طبية وتجاعيد لتظل تحبها وتعشقها مهما تقدم بها العمر.. وبالطبع النجوم الكبار من الرجال أيضا وإن كان ما ألاحظه عندنا أن هذا الترصد للنجمات بعد أن يكبرن يقتصر فقط على النجمات من الإناث ولا أراه يحدث مع النجوم من الرجال.. نحن مجتمع مازال يعامل المرأة بشكل تمييزى جدا وفج وغير إنسانى، وإلا هل من الطبيعى أن تثور كل هذه الضجة حول ظهور فنانة كبيرة على المسرح بعد أن تقدم بها العمر بل ويوجد تصور أن فى هذا الظهور إهانة لها وإذلالًا؟!.. الواقع أن الإهانة والإذلال من حق هؤلاء الذين لم يروا قيمة أن يتم تكريم فنانة كبيرة طالما أمتعتنا وتم نسيانها وسط كوم من الابتذال