مشهدان من أسوان

مشهدان من أسوان

مشهدان من أسوان

 العرب اليوم -

مشهدان من أسوان

حسن نافعة

تناقلت وسائل الإعلام المصرية منذ أيام خبرين من أسوان، الأول: يتعلق بأنشطة يقوم بها جراح القلب المصرى والعالمى الشهير الدكتور مجدى يعقوب، بمناسبة افتتاح ملحق طبى جديد لمركز جراحات القلب الذى بدأ تأسيسه منذ عامين فى هذه المدينة السياحية الجميلة، والثانى: يتعلق بأنشطة تعتزم أمانة حزب النور السلفى فى أسوان القيام بها بمناسبة وصول أول فوج سياحى إلى هذه المدينة عقب التوقيع على اتفاقية لتنشيط السياحة بين مصر وإيران بعد طول قطيعة. وبينما عكس الخبر الأول حجم ما تختزنه مصر من طاقات مبدعة وما تملكه من إمكانات هائلة لصنع مستقبل أفضل، عكس الخبر الثانى حجم ما تواجهه مصر من صعوبات وعقبات تحول دون الأخذ بأسباب التقدم والازدهار بسبب إصرار بعض القوى على العودة بها إلى الوراء. الدكتور مجدى يعقوب مواطن مصرى قبطى نشأ وتلقى تعليمه فى مصر قبل أن يسافر إلى لندن ويتخصص فى جراحة القلب، وهناك حقق نجاحاً باهراً مكنه من أن يصبح واحداً من رواد جراحات القلب فى العالم، فاستحق عن جدارة أن تنعم عليه ملكة بريطانيا بلقب «سير». وكان بوسع هذا المواطن المصرى، خاصة فى ظل أوضاع سياسية مضطربة كتلك التى تشهدها مصر منذ سنوات، أن يكتفى بما حصل عليه من مال وشهرة وأن ينعم بحياة ناعمة هادئة فى أجمل بقاع الأرض، لكنه آثر أن يختتم حياته بعمل كبير يفيد وطنه وشعبه، فبدأ منذ عامين فى تأسيس مركز لجراحات القلب، واختار مدينة أسوان الجميلة لتصبح مقراً له، واستطاع أن يستثمر علاقاته المحلية والعالمية الواسعة ليجعل منه واحداً من أهم وأجمل وأرقى مراكز جراحات القلب فى العالم. وها هو يفتتح ملحقاً طبياً جديداً له، فى خطوة تؤكد أن هذا المركز هو نواة لصرح طبى كبير لا يقتصر دوره على تقديم خدمة طبية راقية ومجانية لمرضى القلب فى مصر، خاصة الأطفال منهم، لكنه فى طريقه لأن يصبح معملاً لتفريخ وصناعة المتخصصين فى جراحات القلب فى مصر ومركزاً مهماً لأبحاث أمراض وجراحات القلب. وقد نمى إلى علمى أنه لا يتقاضى أى أجر عن عمله فى هذا المركز، وأن أمهر وأشهر أطباء القلب الذين يستعين بهم من الخارج، وكلهم تقريباً من أصدقائه الشخصيين، يحرصون على المجىء إلى أسوان للإسهام معه فى بناء هذا الصرح، أو للقيام بجراحات أو أبحاث أو لتقديم استشارات، وكلها خدمات مجانية لا يتقاضون عليها أى أجر. وما كان بوسع مجدى يعقوب أن ينجح فى تشييد هذا الصرح الذى يحق لكل مصرى أن يفخر به لو لم يكن يفكر بعقلية المواطن والإنسان المهموم بصنع مستقبل أفضل لشعبه، وليس بعقلية القبطى أو التاجر أو المستثمر الذى يبحث لنفسه عن مكسب شخصى أو الحصول على ميزة خاصة. على مسافة غير بعيدة من هذا المركز، وفى نفس المدينة، كان فرع حزب النور مشغولاً بقضية أخرى، أشرنا إليها فى عمود سابق، ألا وهى وصول أول فوج سياحى إيرانى إلى أسوان ورأى فيها مصيبة كبرى حطت على مصر. لماذا؟ لأنه يعتقد أن هذه الخطوة «مجرد ستار لتغطية مشروع إيران الصفوى الإقليمى العنصرى لنشر المذهب الشيعى بالمنطقة». وانطلاقاً من هذه الرؤية سارع الحزب بإصدار بيان يدعو فيه جموع المصريين «للتعرف على التاريخ الأسود للشيعة»، لكنه لم يكتف بذلك، وإنما راح يؤكد فى الوقت نفسه أن «كل الخيارات مفتوحة أمام الحزب للتصدى لهذه الخطوة»، وهو ما قد يفهم على أنه دعوة لاستهداف السياح الإيرانيين، وربما استباحة دمائهم. وتلك طريقة فى التفكير تقوم على التمييز بين البشر ليس فقط على أساس انتماءاتهم الدينية، وإنما أيضا على أساس عقائدهم أو مذاهبهم أو طوائفهم داخل الدين الواحد، ولا جدال فى أن طريقة التفكير هذه تنطوى على مخاطر جمة لتفتح الباب واسعاً لإثارة أنواع من الفتن والصراعات لا أول لها ولا آخر، حيث يذهب بعض أتباعها إلى حد تجريم الفن والإبداع، ويرى فى الآثار أصناماً يتعين تحطيمها، وفى السياحة الترفيهية عدواناً على الثقافة وعلى الحضارة الإسلاميتين، ويطالب من ثم بقصرها على السياحة «الدينية» أو «العلاجية» أو «العلمية»... إلخ. وتلك طريقة فى التفكير من شأنها أن تشدنا إلى الماضى لا أن تأخذنا إلى المستقبل. لن تستطيع مصر، فى سياق كهذا، أن تتقدم إلى الأمام إلا إذا عثرت على صيغة تسمح لكل القوى بالتعايش مع بعضها البعض على أساس من الاحترام المتبادل، وبما يمكن الجميع من المشاركة، كل وفق رؤيته وقناعته وموقفه، شريطة ألا تمثل هذه الرؤى أو القناعات أو المواقف عدواناً على حرية وعقائد الآخرين، والتحرك معاً فى اتجاه المستقبل ورفض التقهقر إلى الخلف والعودة إلى القرون الوسطى. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشهدان من أسوان مشهدان من أسوان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab