حسابات التكلفة والعائد

حسابات التكلفة والعائد

حسابات التكلفة والعائد

 العرب اليوم -

حسابات التكلفة والعائد

حسن نافعة

مرة أخرى يثبت الشعب المصرى، بعبقريته الفذة وبحسه التاريخى المذهل، أنه البطل الذى يقود ولا ينقاد، وأنه لن يسمح لكائن من كان «أن يضعه فى جيبه»، أو أن يستخدمه ورقة للمساومة، أو أن يتسلق على أكتافه. وفى تقديرى أن الشعب المصرى لم يقرر النزول إلى الشوارع والميادين، وبكثافة أذهلت الجميع، ورفع «الكارت الأحمر» فى وجه رئيسه المنتخب، إلا حين أيقن أن التكلفة المتوقعة لاستمرار بقاء هذا الرئيس لثلاث سنوات أخرى قد تكون أعلى بكثير من التكلفة المترتبة على الثورة عليه، حتى لو أدى ذلك إلى وقوع صدام مع أعضاء الجماعة وبقية الفصائل المؤيدة لها. فاستمرار الرئيس، بنهجه وسياساته الراهنة، يعنى استمرار التدهور فى أداء مؤسسات الدولة إلى الدرجة التى قد تؤدى إلى انهيارها، أما التصدى المبكر لهذه السياسات فقد يفتح باب الأمل من جديد لإنقاذ الدولة والهوية والمستقبل وإعادة تصحيح مسار ثورة تم اختطافها. ولا جدال فى أن مختلف الأطراف المعنية تدير الأزمة الراهنة وفق رؤيتها الخاصة لحساب التكلفة والعائد. فقد أدرك رموز المعارضة الرسمية، لحسن الحظ، أن الموقف يحتم عليهم التراجع خطوة إلى الوراء وترك صدارة المشهد لشباب نجح فى تحويل حملة لجمع توقيعات بسحب الثقة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة إلى حالة ثورية استطاعت إلهاب حماس الجماهير غير المنظمة فى أحزاب أو حركات سياسية ودفعها للتحرك الإيجابى، وهو ما فشلت فيه من قبل بسبب عدم ثقة الجماهير فيها. لذا نأمل أن تظل هذه الرموز بعيدة عن صدارة المشهد، وأن تكتفى بتقديم دعمها المطلوب للثورة من وراء ستار دون أن تحاول فرض وصايتها على الطليعة الشبابية، كما نأمل أن تكون فى وضع يسمح لها باستخلاص الدروس والاستفادة من أخطاء الماضى حتى لا تصبح مرة أخرى عبئاً على عملية التحول الديمقراطى مثلما كان عليه الحال عقب انطلاق الموجة الأولى للثورة فى يناير 2011. وفى تقديرى أن سلوك المعارضة الرسمية، حتى الآن، يبدو منضبطاً إلى حد كبير، وأكثر تفهماً لما يتعين عليه القيام به فى هذه المرحلة، وهو ما يوحى بدرجة أكبر من النضج. المشكلة الحقيقية التى تعترض الإدارة الرشيدة للأزمة تكمن فى الرئيس وفى جماعة الإخوان المسلمين. ولأن أحداً لا يعرف على وجه الدقة من هو الصانع الحقيقى للقرار الآن فى مصر، هل هو الرئيس وأجهزة الدولة، أم مكتب الإرشاد أم مزيج مرتبك ومتداخل من هذا وذاك، فليس بوسع أحد أن يتنبأ بالتطورات المحتملة للأزمة. فحتى هذه اللحظة لا يوجد ما يشير إلى أن الرئيس أو مكتب الإرشاد يستوعبان ما يجرى على أرض الواقع. ويبدو أن الرئيس وجماعته وأنصاره يتبنون استراتيجية لإدارة الأزمة تقوم على افتراض أن القبول بانتخابات رئاسية مبكرة يعنى خسارة كل شىء، وبالتالى فليس أمامهم سوى أن يخوضوا مع القوى مباراة صفرية للفوز بكل شىء أو المغامرة بخسارة كل شىء. ولأنهم يعتقدون أنه لن يكون بوسع الدكتور مرسى، أو أى مرشح إخوانى آخر، أن يفوز فى انتخابات رئاسية مبكرة، فمن الطبيعى أن يكونوا أكثر ميلاً لرفض فكرة الانتخابات المبكرة من حيث المبدأ، لكن دون أن يتمكنوا فى الوقت نفسه من بلورة استراتيجية بديلة ومقنعة للخروج من الأزمة. لذا يبدو أنهم قرروا خوض الصراع من خلال الشارع حتى نهايته، بصرف النظر عما قد يترتب عليه ذلك من أخطار. ويشكل هذا فى تقديرى لوناً من ألوان تفكير انتحارى غير مستعد أو مؤهل للتضحية التكتيكية بقبول خسائر على المدى القريب أو المنظور، فى مقابل الحصول على مكاسب استراتيجية، أى تحقيق مكاسب على المدى الطويل. بوسع الجماعة، فى تقديرى، أن تدير استراتيجية أكثر رشداً إن هى قبلت بفكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة من حيث المبدأ وطالبت بالتفاوض على الترتيبات الإجرائية المتعلقة بتوقيت وطريقة إجراء هذه الانتخابات. فالقبول بالفكرة من حيث المبدأ من شأنه تغيير الصورة الحالية للجماعة وإظهارها كطرف معتدل يقبل بالتضحية من أجل تغليب مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية الضيقة، ويساعد بالتالى على تمكينها من البقاء فى حلبة المنافسة الانتخابية كشريك وليس كمهيمن، أما إذا أصرت الجماعة على خوض المواجهة مع الشعب حتى النهاية، كى تحتفظ بموقعها المهيمن، فمن المؤكد أن تقامر بخسارة كل شىء، بما فى ذلك مستقبلها نفسه. نقلا عن جريدة المصري اليوم  

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسابات التكلفة والعائد حسابات التكلفة والعائد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab