محاربة الإرهاب بدماء السوريين

محاربة الإرهاب بدماء السوريين

محاربة الإرهاب بدماء السوريين

 العرب اليوم -

محاربة الإرهاب بدماء السوريين

وليد شقير

لا تحسد المعارضة السورية على الموقع الذي وُضعت فيه قبل زهاء 3 أسابيع من عقد مؤتمر «جنيف - 2»، فالأشهر الماضية حبلت بكل الخطوات التي تمكّن النظام السوري من أن يصمد في مواجهتها بسبب تشرذمها والتقنين ليس فقط في مدها بالمساعدات العسكرية، بل في إعانتها حتى بالمساعدات الإنسانية أيضاً. وغياب المشروع السياسي الواضح عند رعاة «جنيف – 2»، لا سيما روسيا والولايات المتحدة حول الحل الذي يفترض أن ينتهي إليه هذا المؤتمر ليس ناجماً عن عجز الدولتين العظميين عن التوصل الى حل كهذا. المنطق يقول وفق تاريخ تدويل الأزمات الإقليمية إن القوى العظمى حين تنوي حلاً، تستطيع ذلك مهما كانت التعقيدات. ترسم تدرجاً في خطوات الحل، وتتخذ التدابير اللازمة الكفيلة بالضغط على فريقي الصراع المسلح الدامي للحؤول دون عرقلتهما لهذا الحل، وتستصدر قراراً عن مجلس الأمن وترسل قوات دولية لحفظ السلام أو لفرض وقف النار وإطلاق العملية السياسية. في حالة سورية، استظلت القوى الدولية التعقيدات الكثيرة والمتوالدة، من أجل إطالة أمد الأزمة، وصولاً الى تقديم حجة «أولوية محاربة الإرهاب التكفيري» على أي موضوع آخر، متعامية عن أن إطالة أمد الأزمة والحرب الأهلية هي التي أتت بالتكفيريين، ومتغاضية عن أن النظام نفسه سهّل تصدر هؤلاء التكفيريين الأحداث بعد أن أفرج عن قادتهم من السجون وساعده في ذلك الحكم العراقي بإطلاقه سراح آخرين من سجونه أيضاً، لتغذية صعود «داعش» و «جبهة النصرة». بل ان واشنطن وموسكو تستغبيان العقول عندما تتوافقان على أولوية محاربة هؤلاء وحين تتجاهلان أن قوات بشار الأسد تخوض معظم معاركها العسكرية وتستخدم براميل البارود والطيران (وحتى السلاح الكيماوي حين استخدمته في آب/ أغسطس الماضي) ضد المناطق التي تسيطر عليها تشكيلات عسكرية معارضة من غير القوى التكفيرية، وبالتالي لا تخوض معارك ضد «داعش» و «النصرة» إلا في شكل رمزي، وبعد أن تنسحب وتترك مسلحي هذين التنظيمين يحتلون قرى ومناطق تثير السيطرة عليها ضجيجاً إعلامياً وسياسياً إقليمياً ودولياً، مثلما حصل حين أخلى الجيش النظامي السوري بلدة معلولا، ما أدى الى خطف الراهبات فيها، بعد دخول المسلحين إليها. تدرك واشنطن وموسكو أن القاعدة القائلة بأن لا المعارضة ولا النظام قادران على حسم الوضع العسكري لمصلحته هي من اختراع التوافق القائم بينهما على إطالة أمد الأزمة، الأولى بهدف استنزاف القوى الإسلامية الأصولية ولضمان موقعها ونفوذها الإقليمي انطلاقاً من سورية، والثانية لاستنزاف الأصوليين و «القاعدة» وأخواتها و «حزب الله» وإيران في الميدان العسكري السوري. وإلا ما معنى أن تمنح واشنطن «الجيش السوري الحر» مساعدات «غير قاتلة» وبعض الذخيرة لتمكينه من التقدم في بعض الناطق، ثم تحجب عنه حتى الذخيرة حين يستشرس النظام لاستعادتها بكل أنواع الأسلحة من الجو والأرض، فيخليها أو يخسرها نتيجة نفاد تلك الذخيرة؟ وما معنى أن تشترك مع موسكو في تضخيم التكفيريين وهما تعرفان أن عدد مقاتلي «داعش» و «النصرة» لا يتجاوز 10 آلاف مقاتل، فيما عدد العسكريين المنضوين تحت لواء «الجيش السوري الحر» والتشكيلات العسكرية الأخرى المتواضعة التسليح والتنظيم يناهز المئة ألف مقاتل. وإذا كانت هذه الوقائع لا تعفي المعارضة من مسؤولية قادتها عن تشرذمها وعن تشرذم «الجيش الحر»، فإنها تدل أيضاً الى أن الدولتين العظميين لا تكتفيان بإدارة الأزمة، بل بإدارة الحرب القائمة في سورية، بأعصاب باردة، طالما أنهما تواصلان سياسة ترك المتقاتلين السوريين والآتين من الخارج يُستنزفون ويموتون، وطالما أن موسكو تزود النظام بالمساعدات لصد المعارضين، وتوزع الأدوار بينها وبين طهران حول سبل مساندته، وواشنطن تضغط على حلفائها من العرب لمنعهم من تزويد المعارضة بسلاح نوعي، يوقف حال المراوحة والكرّ والفرّ... بل انها تتوسل دماء السوريين من أجل رصد حركة «القاعدة» بين العراق وسورية لملاحقة من خرجوا من جحورهم، كما حصل في الأنبار في العراق قبل ايام. إذا كان راعيا «جنيف 2» منهمكين بإدارة الحرب الدائرة، ويتركان للنظام السوري التفرغ لمعارضيه الأصليين من السوريين، فأي حل سياسي يمكن أن يأتي من «جنيف 2»؟ مشهد براميل البارود التي تنهمر على حلب وغيرها منذ 3 أسابيع، يؤشر الى أن عدد الضحايا الذين سيسقطون سيفوق عدد الذين سقطوا بالسلاح الكيماوي في آب الماضي بكثير، وأن المطلوب من السوريين أن يأتوا الى «جنيف 2» تحضيراً لـ»جنيف 3» لعل التسوية الأميركية - الإيرانية تكون قد بدأت ملامحها تظهر، ولعل نتائج الانفتاح الروسي – السعودي تكون قد أثمرت.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاربة الإرهاب بدماء السوريين محاربة الإرهاب بدماء السوريين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab