الاستباق الروسي للاختبار العراقي

الاستباق الروسي للاختبار العراقي

الاستباق الروسي للاختبار العراقي

 العرب اليوم -

الاستباق الروسي للاختبار العراقي

وليد شقير

يبدو أن المرحلة الرمادية التي يتصف بها الموقف الدولي من معالجات أزمة سورية، سواء تحت عنوان محاربة «داعش» فيها، أم تحت عنوان انتظار ثمار المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي ودورها الإقليمي، ستجعل من العراق الميدان الاختباري الأول لقدرة الدول المتخاصمة، والمتناقضة المصالح على التوصل الى توافقات لها أثرها الإيجابي على العلاقات بينها.

ولربما هذا ما جعل الرئيس الأميركي باراك أوباما يقول قبل يومين إن محاربة «داعش» وهزيمته أكثر سهولة في العراق منه في سورية حيث الأمر أكثر تعقيداً.

والواقع أن العراق، بقدر ما يشهد حرباً حقيقية بين «داعش» والجيش العراقي وقوات «الحشد الشعبي»، و «البيشمركة» تحقق نتائج لغير مصلحة التنظيم، هو نقطة التقاء بين دول متعارضة المصالح، أو على الأقل تقف في مواقع مختلفة لمجرد أن بعضها منضوٍ في إطار التحالف الدولي ضد «داعش» وأخرى ليست جزءاً منه وأهمها إيران وروسيا. فلكل من موسكو وطهران أرضية مشتركة تقفان عليها مع دول التحالف في بلاد الرافدين، خلافاً لما هو حاصل في سورية. هذا فضلاً عن أن الحسابات التركية الخاصة في الحرب على الإرهاب، نتيجة طموح أنقرة الى «العودة» الى سورية كدولة نافذة في إطار الجغرافيا السياسية في الإقليم، لم تمنعها من الانسجام مع «منافسيها» المفترضين في العراق، نظراً الى تقاطع مصالحها مع التحالف، في الدولة التي يجاورها الجزء الكردي منها.

بات من البديهي أن ما جمع بين الدول المتخاصمة في العراق هو بداية تعديل في السلطة السياسية فيه، تمهيداً لمسار يعيد التوازن بين مكوناته في توزيع الشراكة في بغداد، خلافاً لما كان عليه الأمر إبان حكم نوري المالكي. وهو أمر ما زال بعيداً في سورية. ولعل الأمل بتعميق هذا التغيير الذي كان أحد مظاهره أخيراً الاتفاق بين القيادة الكردية والحكومة العراقية على النفط والخطوات العسكرية حيال «داعش»، يجعل التعاون بين المحورين المختلفين قابلاً للصمود. لم تكن المرة الأولى التي تقصف طائرات إيرانية مواقع لـ «داعش»، بموازاة قصف الطائرات الأميركية والفرنسية والبريطانية هذه المواقع. وفي المرات السابقة التي نفذ الطيران الإيراني غارات كهذه، لم تسرّب واشنطن الخبر. وهي لم تعترض على قيام ما يسمى «خبراء إيرانيين» بقيادة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، بالقتال الى جانب قوات «الحشد الشعبي» أي الميليشيات الشيعية ضد «داعش»، على رغم التجاوزات الطائفية والمذهبية في قتالهم. فما تسعى إليه واشنطن بدعم خليجي هو قيام جيش منظم من العشائر السنية، من 50 ألف مقاتل، بموازاة تهيؤ دول الخليج لتعزيز انفتاحها على حكومة بغداد بقيادة حيدر العبادي على طريق عودة العراق الى «الحظيرة» العربية، أو عودة العرب الى بغداد. فالتحولات في العملية السياسية بالتناغم مع الحرب على «داعش»، مع كلفتها العالية في بلاد الرافدين، سترتب شراكة عربية لإعادة إعمار العراق من النواحي كافة لا بد للدول العربية من أن تلعب دوراً فيها. وبهذا المعنى يعيد تصحيح التوازن العراقي الداخلي تصويب التوازن الإقليمي- الدولي في العراق، وهو تصويب يمهد لتكريس تسوية سياسية فيه على نظامه الفدرالي بين المكونات الثلاثة، الكردي، الشيعي والسني.

تبدو سورية بعيدة جداً من الاختيار العراقي الذي يمكن أن يكون نموذجاً لما يمكن السعي إليه في التسوية في بلاد الشام: شراكة جديدة في الحكم مع لامركزية في مناطق النفوذ. فعلى رغم محاولات روسيا اجتراح الأفكار التي توحي بإمكان حصول تحوّل سياسي يساهم في «ائتلاف حكومي» جديد، شبيه بتجربة العبادي، يسمح بمحاربة «داعش» فيها من طريق قوات على الأرض يلح الجميع على وجودها وترغب موسكو وطهران بأن يكون جيش الأسد أساسها، فإن الهدف من هذه المحاولات هو استباق نجاح الاختبار العراقي، لئلا يفرض مقاربة المعضلة السورية باعتبار الأسد نظير المالكي، في وقت يعتبره خصومه الذين تأمل القيادة الروسية بأن يجلسوا معه على أنه نظير العبادي، نظيرَ صدام حسين. والدليل هو البحث في إقامة منطقة آمنة تصر عليها تركيا، من أجل تمكين قوات على الأرض هي «الجيش السوري الحر» من مقاتلة «داعش».

فالنظام السوري لا يحارب التنظيم الذي ساهم في توسعه، بل يقصف، بحجة قصف مواقع الإرهابيين، حتى في الرقة وفي دير الزور، المدنيين، وهو ينتظر الاعتراف به مقابل انخراطه الفعلي في الحرب على الإرهاب، ليضمن القضاء على المعارضة المعتدلة باسم هذه الحرب. التحالف الدولي في واد وروسيا (ومعها إيران) في وادٍ آخر، في ما يخص سورية.

في العراق، فرضت المحاربة الجدية لـ «داعش» قيام توازن في السلطة، وفي سورية يتباهى النظام بأنه أعطى مئات الإحداثيات لطيران التحالف كي يقصف «داعش».

فلماذا لا يقصفها هو طالما لديه هذه الإحداثيات؟

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستباق الروسي للاختبار العراقي الاستباق الروسي للاختبار العراقي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab