السعودية وآل الحريري شتّان ما بين الاب والابن

السعودية وآل الحريري.. شتّان ما بين الاب والابن

السعودية وآل الحريري.. شتّان ما بين الاب والابن

 العرب اليوم -

السعودية وآل الحريري شتّان ما بين الاب والابن

سليمان نمر

منذ ان تعرفت على الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1980، في الرياض، لمست انه صاحب رؤية ترى ان مصلحة لبنان الاقتصادية والسياسية تقتضي ربط مصالحه بالسعودية ودول الخليج العربية. رؤية تماهت مع “محبة” سعودية وخليجية خاصة للبنان، فالرياض كانت ترغب بمن يريح رأسها من مشاكل لبنان، ووجدت في الحريري من يخفف عنها – ان لم نقل يحمل عنها – اعباء لبنان، فقدمت له كل الدعم المالي والسياسي، وخصوصا لمشاريع اعادة اعمار بيروت.

في عز الإجتياح الإسرائيلي للبنان في صيف العام 1982، عُيّن رفيق الحريري مساعدا لمبعوث اللجنة السداسية العربية المعنية بلبنان الامير بندر بن سلطان. ولا يدري سوى الملك سلمان والراحلان الرئيس رفيق الحريري والسفير السعودي السابق في بيروت علي الشاعر وقلة غير هؤلاء، ان الصدفة هي التي جعلتني أرشح الحريري لهذه المهمة، حين ابلغني السفير الشاعر في الطائف بخبر تعيين الامير بندر مبعوثا للجنة التي كانت اجتمعت في الطائف لايام طويلة للعمل على انهاء الغزو الاسرائيلي للبنان.

وقتذاك، سألني السفير علي الشاعر عما اذا كنت اعرف شخصية لبنانية مقيمة في السعودية تستطيع مساعدة الامير بندر في مهمته في السعودية، فابلغته باسم رفيق الحريري، ولاحقا، ابلغت الملك سلمان – كان اميرا لمنطقة الرياض – بما حصل بيني وبين الشاعر، وفهمت منه انه سيبلغ الملك فهد بن عبد العزيز بالامر.

بعد تعيينه لهذه المهمة، وفور انسحاب العدو الاسرائيلي من بيروت في نهاية أيلول/سبتمبر 1982، أطلق الحريري مشروع تنظيف بيروت وصيدا من اثار القصف والعدوان وبلغت تكاليفه حوالي 50 مليون دولار، ودفعها من ماله الخاص (هذه النقطة لا يعرفها كثيرون)، واعلن عبر وسائل الإعلام اللبنانية، انها تبرع من الملك فهد بن عبد العزيز، وهو امر اثار اعجاب الملك السعودي الراحل والامير سلمان بن عبد العزيز، إذ أن الحريري نجح في التخفيف من وقائع الحرب اللبنانية من جيبه الخاص، وجيّر ذلك للملك السعودي.

ولا شك ان مؤتمر الطائف الذي إنعقد في أيلول/ سبتمبر 1989، في مدينة الطائف السعودية لم يكن ليعقد لولا التفاهم السعودي ــ السوري، حيث بذل وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وبمساعدة رفيق الحريري، جهدا كبيرا لإقناع دمشق بالتوافق على عقد الطائف.

ولأن السعودية تدرك حقائق التاريخ والجغرافيا بين لبنان بسوريا، لم تفكر في يوم من الايام بابعاد لبنان عن سوريا، والدليل ان الرياض كانت على تنسيق دائم مع دمشق في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، كما أن الرياض هي التي وافقت ان تقتصر “قوات الردع العربية” على القوات السورية بعد ان سحبت هي ودولة الامارات قواتهما من لبنان.

والدليل ايضا ان الرئيس رفيق الحريري كان على علاقة جيدة مع الرئيس حافظ الاسد وأركانه، والجميع يعرف ان

الحريري تدخل كثيرا لحل الكثير من سوء الفهم والاشكالات التي كانت تعترض العلاقات السعودية – السورية في عهد الاسد الاب، وهذا ما قاله الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز علناً.

بسبب هذه النجاحات، اصبح رفيق الحريري مرجعا للسعودية في كل ما يخص لبنان، واوكل اليه ملف العلاقات السعودية مع لبنان لا سيما بعد ان سخر الحريري شركته “سعودي اوجيه” لتشكل احد أبرز ادوات القوة السعودية الناعمة في لبنان وحتى في سوريا.

يقود ذلك للإستنتاج أن الرياض فقدت بمصرع رفيق الحريري، ليس فقط حليفا ومدافعا عن مصالحها في لبنان، بل صاحب خبرة في التعامل مع قادتها مثلما يعرف كيف يتعامل مع القادة العرب والدوليين الآخرين.

إختارت الرياض سعد الحريري وريثا سياسيا لوالده، ولعل قلة من المتابعين تعرف أن الملك سلمان- حين كان اميرا – وبحكم صداقته للراحل وأسرته، هو من رشح سعد الحريري لوراثة والده سياسيا، مقترحا ان يتولى الابن الاكبر بهاء الدين الحريري مسؤولية الشركات والاستثمارات المالية للاسرة الحريرية، وذلك بعد أن تناهى إليه وجود خلاف صامت بين بهاء وسعد حول وراثة الزعامة السياسية للاب الفقيد.

وقدمت السعودية كل الدعم والتاييد للحريري الابن سياسيا، بعد وفاة والده وانتخابه نائبا في البرلمان اللبناني وبعد توليه رئاسة الحكومة، للمرة الأولى في العام 2009.

ما لاحظته كمراقب انه بعد مصرع رفيق الحريري، تراجع إهتمام المملكة بلبنان الى درجة بدا ان السعودية راحت تتخلى عن لبنان وعن حلفائها التاريخيين فيه، وزادت وتيرة “التخلي” مع لجوء الحريري الإبن إلى الرياض في العام 2011 ولثلاث سنوات متتالية تاركا انصاره وتياره، حيث تولى إدارتهما عن بعد!

هذا الابتعاد السعودي عن لبنان، كانت له عوامل داخلية سعودية ايضا ولكن مصادر سعودية فسرت ذلك ان الرياض لم تجد احدا من حلفائها في لبنان قادر على التصدي للمشروع الايراني في لبنان وبالتحديد لهيمنة “حزب الله” على قرار لبنان، فضلا عن توصل السعوديين إلى قناعة مفادها أن الحريري الإبن ليس قادرا على سد الفراغ الناجم عن رحيل والده، ولو بالحد الأدنى.

وفي عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، ساءت علاقات المملكة (ولكن من دون اي اعلان) بسعد الحريري ووصلت الى حد احتجازه في الرياض في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017 لمدة اسبوعين واجباره على الاعلان من الرياض عن تقديم استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية.

وبرغم ان الامورسويت وعاد سعد الحريري الى بيروت واستقبل غير مرة من قبل الملك سلمان ورجل السعودية القوي ولي العهد الامير محمد بن سلمان، الا ان الحقيقة هي ان العلاقة السعودية مع سعد الحريري واهنة، برغم ان الرياض لم تتخل عنه برغم سعي البعض لتسويق انفسهم عند الرياض كبديل له، ولم تتجاوب معهم حتى الآن.

ويرى الكثيرون من اصدقاء والده الراحل في السعودية وخارجها – ومنهم من ما زالوا يحاولون مساعدته – ان سعد الحريري اضاع الزعامة التي صنعها والده، مثلما اضاع واخوته شركة “سعودي اوجيه” التي اسسها والدهم بجهده وعرقه الكبيرين.

وأختصر النظرة السعودية الحقيقية لسعد الحريري بعبارة قالها لي الامير سعود الفيصل، قبل فترة وجيزة من رحيله، حين أسر لي “رفيق الحريري كان مريحنا من أعباء لبنان ومشاكله، اما سعد فلقد أصبح عبئا علينا في لبنان”.

صحافي عربي مقيم في الرياض

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وآل الحريري شتّان ما بين الاب والابن السعودية وآل الحريري شتّان ما بين الاب والابن



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
 العرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 18:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يبحثان العلاقات الأخوية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab