حسن البطل
سأضرب أمثلة تبدو متضاربة علها تفسّر الموقع الصحيح لـ: "مفاجأة" انتخاباتهم من اللا ـ مفاجأة.
1 ـ جاري وأنا اشترينا شقتين متجاورتين في طابق واحد. أنا "عزّابي" وهو متزوج وعنده عيال، وعائلة زوجته تزوره تكراراً. اقترح وقبلت أن نعيد هندسة و"تشطيب" الشقتين داخلياً، بحيث يحصل هو على كذا متر إضافي من شقتي؛ ودفع لقاء ذلك.
في "الطابو" وضريبة الأملاك سأدفع كما لو أن التنازل أو البيع بالتراضي لم يحصل.
ضربت هذا المثل، لأن رئيس دولة إسرائيل ـ سابقاً عيزر وايزمن قال إن الخلاف هو على "تقسيم العقار" في أرض فلسطين ـ إسرائيل!
2 ـ مهندس تصميم لهياكل السيارات يعمل في شركتين كبريين متنافستين. في الأولى هو موظف؛ وفي الثانية ينال أجرته لقاء التصميم.
عادة يقدمون تصاميم مختلفة ليحسم فيها مجلس إدارة الشركة. الذي حصل أن تصميمه لسيارات الشركة الأولى قبل من مجلس الإدارة، وتصميمه لسيارات الشركة الثانية قُبل أيضاً.
في النتيجة؟ جاء التصميم الثاني أكثر نجاحاً في رأي الشركة الأولى، لأنه يبدو أكبر وأكثر سعة.. فاستغنت شركته الأولى عن خدماته.
3 ـ في شركات الأسهم هناك شيء هو "الاستحواذ" من شركة لأسهم شركة أخرى، إمّا استحواذاً كلياً أو استحواذاً جزئياً.
هل فهمتم موقع "مفاجأة" الانتخابات من لا- مفاجأتها؟
تقول النائب حنين الزعبي (رقم 7 في القائمة المشتركة) في تنويهها بقرار تشكيلها "التاريخي" إنها رفعت نسبة التصويت العربية من 56% في انتخابات سبقت إلى 65% في انتخابات آذار.
حسناً، تصويت الإسرائيليين اليهود ارتفع إلى 71%، لكن هل سأل أحد عن توزيع النسب في التصويتات اليهودية؟ المستوطنون في الضفة يشكلون 10% من أصحاب حق الاقتراع، لكن قوتهم التصويتية هي 20%. صوتك بصوتين أو اشتر قطعة والثانية ببلاش!
كما في انتخابات أميركا يصوت الأميركيون اليهود أكثر من غيرهم، فكذا صوت المستوطنون في الانتخابات الإسرائيلية، وخصوصاً بعد دبّ نتنياهو الصوت من إقبال العرب على التصويت، تعرفون أن مصوّتي أحزاب اليسار ويسار الوسط يكسلون عن الركض في "ماراثون" الصناديق.
إذا لم تفسّر جملة هذه الأمثلة المتضاربة، فإن نتنياهو كرّر، بشكل آخر، ما يُعرف بـ "المناورة النتنة" التي قام بها شمعون بيريس في حكومة اسحاق شمير المشتركة 1988 ("عمل" ـ "ليكود") وسرق منه أصوات (أو أسهم) الأحزاب الدينية المشتركة في الائتلاف، كما قام رابين بمناورة غير "نتنة" عندما اعتمد على الأصوات العربية لتمرير اتفاقية أوسلو، ولم يتورّع عن "رشوة" نائب يهودي بسيارة "ميتسوبيشي"!
هل توضّح موقع اللا- مفاجأة من "المفاجأة" أو موقع الاستطلاعات من موقع صناديق الاقتراع، أو موقع غلة الحقل من البيدر؟
الاستطلاعات تركزت على "بورصة" المقاعد المتذبذبة بين "المعسكر الصهيوني" و"الليكود" التي كانت آخر توقعاتها أربعة مقاعد لصالح الأول، علماً أن ربع أصحاب حق الاقتراع لم يفصحوا عن نياتهم، ومعظم هؤلاء توجه إليهم نتنياهو بخطاب "التخويف" من الصوت العربي، وخطاب الطمأنة أن دولة فلسطينية لن تقوم في ولايته.
الاستطلاعات لم تكذب، فهي قالت إن "كتلة" اليمين ستحرز مقاعد أكثر من "كتلة" اليسار، وقام نتنياهو بـ "الاستحواذ" على بعض "أسهم" أحزاب اليمين لصالح الليكود (سرق من اصوات "البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا")، ووعد مصوتي أقصى اليمين أنهم سيكونون شركاء في ائتلاف يقوده "ليكود" قوي و"مركزي" مع علمه أن ابتزازهم لحكومته الـ 34 لن يكون فعّالاً، كما في ابتزاز شركاء يمين ـ وسط (لبيد) أو وسط ـ يمين (الحركة) وهؤلاء أخرجهم بيبي من حكومته الـ 33 وذهب إلى انتخابات مع نواب وخطط للاستحواذ على حصة أحزاب أقصى اليمين.
الدولة
بعد "هبّة النفق" وقبل "واي ريفر" كتبت عموداً معنوناً: "قرار دولي بالدولة؟" مع علامة استفهام، بمعنى أن الدولة تحتاج قراراً دولياً، كما احتاجت دولة إسرائيل له.
الذي حصل أن محرراً في وكالة أنباء أجنبية لم يلتفت إلى علامة الاستفهام؟!
الآن، لا توجد علامة استفهام دولية حول دولة فلسطين، لأنه لو قارنتم بين مشاريع وليم روجرز قبل حرب اكتوبر 1973 وجورج شولتز قبل الانتفاضة الأولى وبين المشاريع الأميركية التي تعتبر دولة فلسطين ركناً في سياسة واشنطن؟!
الخلاصة: عندما التقى نيكيتا خروتشوف بالرئيس اليمني عبد الله السلال في القاهرة 1964، قال: إنه تعلم مثلاً عربياً: "الحالة قبل الحمّام غيرها بعد الحمام"!
يعني؟ العالم يستوعب التنازلات الإسرائيلية والفلسطينية حول شروط الدولة، ويهمل التحفظات المرفقة بها.
.. ولو أن معارضة نتنياهو للدولة تبدو قاطعة أكثر من الـ 14 تحفظاً شارونياً على مشروع جورج بوش ـ الابن حول "خارطة الطريق" لعام 2002.
كم من المياه مرّت تحت الجسر بين العام 2002 والعام 2015؟