حسن البطل
بعد كل رحلة صيد يقوم الصياد بترميم ثقوب في شبكته. هناك ثلاثة ثقوب في شبكة الصيد الفلسطينية لأموال الدعم العربي: شبكة التعهد بدعم صمود القدس بمليار دولار كانت فارغة، ومثلها شبكة التعهد بـ 500 مليون لشأن من الشؤون.. وأما شبكة دعم ميزانية السلطة فإنها مثقوبة بنسبة 40%.
ميزانية طوارئ فلسطينية للرواتب أخذت في اعتبارها أن تصطاد شبكة دعم ميزانية السلطة 60% من الأموال.. من هنا حتى شهر تموز. يعني «فتّة عدس» أو حليب لمدة سبعة شهور من تاريخ بدء إسرائيل في احتجاز أموال المقاصة.
هذه قرصنة كانت هذه المرة ابتزازاً لردع جهود انضمام فلسطين إلى الجنائية الدولية واتفاقية روما.. لكن، قبل أول نيسان رمت إسرائيل صنّارة (شصّاً) لاصطياد السمكة الفلسطينية، وربطت الإفراج عن الأموال بتجميد الفلسطينيين للموعد المحدد، أول نيسان، للانضمام إلى عضوية الجنائية. كان هذا هو الابتزاز الثاني، وقد رفضته السلطة.
في أول نيسان لم تكن كذبة بيضاء، بل صارت فلسطين الدولة الـ 123 في عضوية ميثاق روما، يعني أحسن من تصنيفها الرياضي في فرق كرة القدم العالمية، وأيضاً من تصنيفها الائتماني بالتأكيد!
فور تسلمه نسخة انضمام فلسطين إلى الجنائية الدولية، قال الرئيس: لم نقبل ذرائع إسرائيل في الابتزاز الأول، ولن نقبل إجراءات الإفراج المشروط في الابتزاز الثاني.
الابتزاز الثاني خصم مبالغ فيه من ديوننا على الكهرباء والمياه والمجاري.. وهكذا، وللمرة الأولى من تكرار عقوبات احتجاز أموال المقاصة، سنطلب «التحكيم» في الموضوع، حسب اتفاقية أوسلو.. وإلاّ سنذهب إلى الجنائية الدولية.
لهذا، أعطى الرئيس تعليمات للمفاوضين ألاّ يستلموا الأموال بالطريقة التي يريدها الإسرائيليون. خلّيهم يدفعوا 3% فوائد احتجاز مقابل 3% خصم عمولة.
تشكل أموال المقاصة ما نسبته 70% من ميزانية السلطة، وإلى تموز المقبل في الأقل، سيحصل الموظفون العموميون على 60% من رواتبهم، يعني سبعة شهور نصف عجفاء، بدلاً من سبع سنوات عجاف.
هذه بلاد الزيتون، وكانت مواسم الزيتون «معاومة» يعني: سنة عجفاء (شلتوتية) وسنة خير (ماسية). في الأولى تنتج أشجار الزيتون 7 آلاف طن من الزيت، وفي الثانية حوالي 32 ألف طن من الزيت.
نتيجة جهود فلسطينية وخبرة دولية، صار المعدّل الوسطي كل عام 22 ـ 23 ألف طن، وصارت «المعاومة» من التراث.. والعقوبات من الابتزاز!
الواقع أن الفلسطينيين يحتكمون إلى نوعين من العدالة، فهم يلجؤون إلى المحاكم الإسرائيلية (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!) لتعديل مسار الجدار الفاصل، متسلّحين بحكم محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الموضوع.
مع انضمامنا للجنائية (ويشمل ذلك الاحتكام إليها إذا فشل التحكيم في أموال المقاصة) نجحت جهود تسع سنوات من المرافعات والتدخلات الدولية والدينية في إنقاذ آلاف الدونمات من أراضي بيت جالا من براثن الضم الجائر.. وستبقى أراضي دير كريمزان في الجانب الفلسطيني.
أيضاً، تمّ إنقاذ بعض أراضي قرية جيوس، وكذلك أراضي قرية بتير، وهي من «التراث الإنساني» لكن قرية سوسيا، قرب يطا جنوب الخليل، مهددة بالهدم لصالح مستوطنة سوسا، بذريعة وجود آثار قديمة فيها، علماً أن مستوطنة سوسا مبنية على منطقة آثار!
الاحتكام إلى الجنائية، لا يغني عن الاحتكام إلى قرار من مجلس الأمن حول الدولة الفلسطينية، وهو موضوع مشروع فرنسي ـ عربي، أو مشروع أميركي ـ فرنسي ينتظر «همّة» أوباما!
عطفة !
عطفاً على عمود الأمس (السبت) سمعت قصة غير طريفة عن قيام معلمة مدرسة بشطب عنوان إنشاء مدرسي عن «عيد الأم» وجعله «ذكرى الأم». كيف تكون الأم ذكرى.
هذه معلمة «هبلة» كان يكفيها، وضع عنوان «يوم الأم» مثلاً تسوية وسطاً بين القائلين بأن الأعياد في الإسلام هي، فقط، عيد الفطر وعيد الأضحى.
العيد في اللغة هو «الموسم»، وفي لغات أخرى هو «الحج» إما إلى مكة أو إلى القدس.
العطفة الثانية، هي سخافة إعلان عن افتتاح متجر في شارع ركب ـ رام اللـ (بدون حرف الهاء).
هذه موضة لتحريف اسم رام الله إلى راملله أو راملّه، لتلافي محذور كتابة لفظ الجلالة على صناديق البضاعة أو دعايات تجارية.
.. إلاّ «السخافة» أعيت من يداويها. زمان كان هناك من يلتقط الصحف من الشوارع خشية أن يكون اسم الجلالة موجودا فيها!