معرض الـ 14  التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم

معرض الـ 14 .. التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم!

معرض الـ 14 .. التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم!

 العرب اليوم -

معرض الـ 14  التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم

حسن البطل

سألتني تمام الأكحل، في متحف الأوميتاج في مدينة سان بطرسبورغ: هل تحبُّ بيكاسو؟ أنا لا أحبه!. كنت، في العام ١٩٧٩، أتأمل لوحات «المرحلة الزرقاء» لبيكاسو.

كان جوابي: تاريخ الفن ليس موازياً لتطور الذائقة الفنية. لماذا؟ زوجتي سألت مرافقنا: لا أرى لوحات خارج ذائقة «الواقعية الاشتراكية» في الفن. بعد تردد، أمر المرافق بفتح بهو مغلق أمام الجمهور وفيه لوحات لمذاهب ومدارس تتجاوز الواقعية الاشتراكية .. كاندينسكي وآخرين.

ربما، بعد البيروسترويكا، علقوا ما كان في البهو المحظور للعموم على جدران أحد أهم المتاحف العالمية بعد «اللوفر - الروائع» الفرنسي بباريس.

في معرض الـ 14 فناناً فلسطينياً في «غاليري وان» رفض ابراهيم مزين شرح لوحة له من أربع لزميلي: أنا «فهمت» إحداها، وأوّلت الثانية .. اما الثالثة فقد فهمتها بعد ٢٤ ساعة.

حرباء خضراء (عادة ولكنها تتلوّن حسب ما يحيط بها) تتأمل رجالاً خضر الملابس، او يتأملونها .. هذا سهل.

لكن، لوحة طير (تفهمه غراب او تفهمه حمامة) على رأس رجل تعرفون أن الغراب «زبال الطبيعة» فهل دماغ الرجل فاسد كالجيفة؟ الثالثة: كلاب (أو ذئاب) تتناوش ثياب رجلين .. كأنها تريد تعريتهما لا عضهما (ألم يقل شاعر قديم: ذئاب في ثياب).

تعرفون أن عين الانسان ترى العالم ملوناً، لكن للفنان ان يصاب بـ «عمى ألوان» .. او يرى الانسان والاشياء بعيون قط مثلاً. يمكن للوجه أن يكون اخضر، او للجسم شكل رأس صغير وبطن كبير واقدام صغيرة.

السؤال المقيم: كيف يصل الفنان وريشته الى مرحلة النضج او لا يدركها؟ بالتجريب ثم التخريب، او بالتخييل والتأويل.. وعلى الذائقة ان تلحق!

كان الفراعنة يضعون على وجوه بعض المومياء قناعاً ذهبياً. هل هذا كان في بال بشار الحروب عندما «قنّع» بالذهبي ليس وجه عرفات وحده، وإنما شرذمة بقع تراها، بلون آخر، ما بقي من الضفة الغربية خارج الاستيطان، ولوحة من كومة حجارة مذهبة .. والسر ينفضح عندما «ذَهّب» دبابتين متعاكستين متعانقتين في سبطانة المدفع: هل الحرب عبثية ام السلام عبثي، ام من رحم الحرب يولد السلام؟
ماذا تفهم من لوحتين في إحداهما كرسيان بلاستيكيان وفي الثانية كرسيان من قش بلا سند (قادومية بلغة أهل لبنان) .. هل السلطة تنتظر من يستحق الكرسي؟ هل السلطة اقوى من الحقائب.

المباشرة في الرمز واللون والمعنى تجدها ايضاً، مثل لوحة مجسّمة (تمثال) لخالد جرار: كعك مقدسي اهليجي الشكل، لكن اللون لون رمادي (من المرحلة السياسية؟ من التلوّث الجوي-السياسي)؟
أو لوحتان لجوني اندوني عن جرافة توشك ان تقتلع وتدمر شجرة، او لوحتان لنبات صبار بلونين: طبيعي وغير طبيعي (الصبار يرمز للعودة .. والقرى المدمرة!).

فنانون مغرمون بالتجريب والتخريب.. بتحريك «طبخة» اللوحة، او تركها تشوشط، لكن البعض، مثل جواد إبراهيم ومحمد خليل استقروا على رؤية معينة .. سواهم يجربون ثم يجربون ما يخربون.

والشاعر قال: أرى ما أريد، ويرسم بالكلمات ما يرى . الأحرى ان الرسام يرسم بالريشة والألوان ما يرى.

وجميع اللوحات لـ 14 فناناً تستحق الرؤية، لكن تستحق ان يراها المشاهدون كما يريدون.

أعرف ان فنانين اشطر من فنانين ليس في «شطارة» اللوحة، بل في التسويق والمبيع، بينما يرفض آخرون تجارة فنية تساير الذائقة او حتى تجافيها.

الناس تشتري اسم اللوحة، او اسم صاحب اللوحة، او لوحة تناسب ركناً في الشقة. وماذا اذا كانت «المرحلة الزرقاء» لبيكاسو «تجريباً» وكانت لوحة «غيرنيكا» «تخريباً»؟ لو كنت مليونيراً ذواقاً لاشتريت لوحة من «المرحلة الزرقاء» لكن لو كنت تاجر تحف لاشتريت لوحة «نساء الجزائر» للفنان نفسه.

بصراحة، أحبّ خوان بيرو اكثر من بيكاسو، وأحب قوله: صرفت عمراً لأعود أرسم كالأطفال، لكن ثلاثية لوحات رسمها عن مجزرة صبرا وشاتيلا أراها أبلغ من لوحة «غيرنيكا».

في البدء كانت الكلمة.. ثم كانت الرسمة تحاكي الصورة، وهذه تحاكي اللوحة، وتغيّر كل ذلك بعد تكنولوجيا التصوير. يمكن لمجنون أن يرسم كما لا تستطيع كاميرا في جهاز ذكي ان تفعل، لكن (كذا بيكسل) في العدسة لا تُغني عن ريشة «ترى» الألوان والأشكال غير ما تراها عين الإنسان العادي.

الناس في الافتتاح ترى بعضها اكثر مما ترى اللوحات على الحيطان.. لذا نادراً ما أحضر افتتاحاً، وعادة ما أعود لأرى رؤية أُخرى، وغالباً ما لا يراه الفنان صاحب اللوحة.

المشاركون الـ 14 : ابراهيم مزين. اسامة سعيد. امجد غنام. بشار الحروب. جواد إبراهيم. جوني أندوني.

خالد جرار. شذى صفدي. كريم ابو شقرة. لينا النمري. محمد خليل. محمد فضيل. منال محاميد.

لو كانوا شعراء لاختلفوا في الكتابة الشعرية، كما يختلفون في معرض الـ 14 بالرسم. وغادرت قبل ان أرى دائرة حمراء أسفل لوحة ما! ربما لأن المشتري فكر: هل تناسب الأثاث، والنبات، أو الديكور.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معرض الـ 14  التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم معرض الـ 14  التخييل والتأويل قبل الفهم والهضم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab