حسن البطل
«عاصمة عرب إسرائيل» كما يصفها بعض الإسرائيليين اليهود، صارت العاصمة الديمقراطية للشعب الفلسطيني في إسرائيل، جذرنا الحي.
القائمة العربية لانتخابات 17 آذار المقبل ذكرتني أن «العاصمة القومية والديمقراطية تحوي كنيسة ضمن كنيسة، أي تحتضن كنيسة البشارة الجديدة، إحدى أجمل كنائس العالم في رأيي، كنيسة البشارة القديمة.
بشارة سياسية وقومية وديمقراطية، في اتفاق أربعة أحزاب، ستجعل الكنيست الإسرائيلية تحوي «كنيست» عربية، أو برلمانا عربيا طيّ برلمان يهودي.
القائمة المشتركة، التي لا تعني الاندماج الحزبي، ذات معان متعددة: إسرائيلية، وفلسطينية؛ عربية وشرق أوسطية.
إسرائيلياً: من قوة ديمغرافية، إلى قوة تصويتية، ثم برلمانية.. وسياسية. من 4 ـ 5 مقاعد كانت لراكاح في الكنيست، بوصفه الحزب العربي ـ اليهودي، إلى 11 مقعداً لأربعة أحزاب عربية.. فإلى 12 ـ 15 مقعداً متوقعة لأحزاب القائمة، بينما قد يجعلها الائتلاف الثالث في عدد مقاعد الكنيست الـ 20.
فلسطينياً: تجمع القائمة الشيوعي والوطني والإسلامي والقومي أي «وحدة وطنية» وهو ما لا تجده في ائتلافات القوائم اليهودية، ولا حتى بين الفصائل الفلسطينية في السلطة الفلسطينية.
لن تذهب «فوائض» الصوت العربي للأحزاب الأربعة إلى الحزب الصهيوني الأكبر، بل تبقى في أحزاب القائمة العربية.
عربياً: القائمة غير مسبوقة في الديمقراطيات العربية، أو حتى الشرق أوسطية. هي تضم مرشحين من الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة؛ وكذلك فيها مسلمون ومسيحيون، ويهودي، ودرزي وبدوي.. وثلاث نساء (اثنتان في مكان مضمون وثالثة بالتناوب إذا أحرزت القائمة ما يتعدى الـ 11 مقعداً.
هناك جديد، أيضاً، على صعيد شخصيات القائمة العربية الموحدة، وهو أن المرشحين، جميعاً، يحملون شهادات أكاديمية (لنتذكر أن أوري لوبراني)، مستشار رئيس الوزراء ـ سابقاً للشؤون العربية تحسّر في سبعينات القرن الماضي، وقال: «لو بقي العرب حطابين وسقائي ماء»!
ثمة جديد آخر، حيث أن التناوب على المقاعد كان معروفاً في الحياة السياسية والبرلمانية الإسرائيلية، وصار معروفاً داخل الأحزاب العربية.. والآن، صار وارداً بين نواب أحزاب القائمة (سنتان لكل نائب في المقاعد التي تتخطى المقاعد الـ 11 المضمونة).
كان للفلسطينيين في إسرائيل، منذ العام 1976 لجنة قطرية للدفاع عن الأراضي العربية، ولاحقاً لجنة لرؤساء البلديات العربية.. والآن، بعد القائمة المشتركة، نشأت لجنة ثالثة هي لجنة الوفاق الوطني.
إسرائيل طالما زعمت أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، إلى أن فازت «حماس» في انتخابات ديمقراطية 2006، فصار الفلسطينيون الديمقراطية الثانية. ومنذ وثيقة الأسرى عام 2007 حتى اتفاق الشاطئ ـ غزة 2014 يحاول الفلسطينيون ترميم الشرخ في ديمقراطيتهم.
المهمة، الآن، تجسيد «بشارة» القائمة العربية، عن طريق عمل لجنة الوفاق الوطني، على حثّ المصوتين العرب على رفع نسبة التصويت من 56% في انتخابات 2012 إلى 66% وإقناع بعض المصوتين المقاطعين عادة، مثل «ابناء البلد» بالتصويت لأحزاب القائمة.
يمكن للقائمة أن تتحالف «برلمانياً»، مع «ميرتس» في تصويتات معينة، كما تحالف «الليكود» و»إسرائيل بيتنا»، أو «العمل» و»الحركة ـ تنوعاه» وتشكيل سد إسقاط التشريعات المتطرفة لأحزاب اليمين الصهيوني والديني.
***
إن سروري وحبوري لتشكيل قائمة عربية مشتركة من أربعة أحزاب، له جانب شخصي ومهني، كيف؟ كنت أول من كتب في «فلسطين الثورة» 1974 «كل الدعم لقائمة الناصرة الديمقراطية» التي انتزعت البلدية من شخصيات عربية موالية لحزب «العمل».
أيضاً، كنت أول من كتب عن «يوم الأرض» قبل 30 آذار 1976، ثم أول من دعا إلى لقاء بين حركة «فتح» وحزب «راكاح».
يومها قال لي الشهيد ماجد أبو شرار: أستغرب منك هذه الشجاعة السياسية والمهنية، وسأطرح الموضوع على اللجنة المركزية لـ «فتح».. وهكذا، عقد لقاء براغ التاريخي.. الآن، صارت اللقاءات تعقد في رام الله والناصرة، وبين السلطة وبرلمانيين إسرائيليين وسياسيين.. وحتى ضباط سابقين.
مع ذلك، دعمت انشقاق عزمي بشارة عن «حداش» وتشكيله حزب «التجمع»، ما جرّ عليّ انتقادات حادة، بعد مقالي عن بشارة ووصفه «العربي الجديد».. الآن، صار للحزب هذا صحيفة «العربي الجديد».. وأنا عدت لدعم «حداش» حزباً، ومواقف أحمد الطيبي وحنان الزعبي.
كان أول لقاء لي مع إسرائيلي يهودي هو مع شموئيل غونين (راكاح) في باريس 1979، ثم لقاء آخر مع مائير فلنر برفقة إميل حبيبي في نيقوسيا، إلى أن حضرت لقاء مع ابراهام بورغ في رام الله.
***
قال واحد من باقة الغربية لأمه: ليبرمان يريد ضمّنا لفلسطين! قالت أمه: إحنا في فلسطين يمّا؟!.