الصورة والدخان

الصورة والدخان

الصورة والدخان

 العرب اليوم -

الصورة والدخان

حسن البطل

أن يلازم الظل صاحبه .. فهذه ظاهرة فيزيائية؛ وأن تلازم إغارات سلاح الجو الإسرائيلي نصف قرن من نضال الشعب الفلسطيني.. فهذه، بدورها، ظاهرة عسكرية.

للبعض أن يرفع الظاهرتين الى رتبة قانون طبيعي، وقانون القوة. لكن، إذا كان الشعب المحارب في هذه المنطقة هو الفلسطينيون بامتياز، والدولة المحاربة في المنطقة هي إسرائيل.. وبامتياز أيضاً، فإن السياسة أعقد كثيراً من مزج قوانين طبيعية بقوانين القوة.

مثلاً، يشكل اللاجئون نصف الشعب الفلسطيني، في البلاد وفي الشتات، أما المستوطنون اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة فيشكلون 2% من الشعب الإسرائيلي.

مع ذلك، ففي السياسة أن على السلطة الفلسطينية أن تضبط النشاط الإرهابي أولاً، وقبل أن تجمد الحكومات الإسرائيلية نشاطاتها الاستيطانية.

أيهما أسهل: ضبط الراديكالية النضالية لشعب نصفه لاجئون، أم ضبط النشاط الاستيطاني؟ وأيهما أخطر: "حق العودة" على يهودية دولة إسرائيل، أم "حق الاستيطان" على فلسطينية الأراضي الفلسطينية؟.

إن عودة ربع مليون فلسطيني لاجئ، على مدى سنوات وعقود طويلة، تشكل خطراً على يهودية دولة اسرائيل؛ وأما دعوة شارون الى استيعاب مليون مهاجر جديد، من جنوب افريقيا، وجنوب اميركا.. وفرنسا، فإنه تطبيق لـ "حق العودة " اليهودي!.
قد تبدو هذه المفارقات في قوانين الفيزياء والقوى.. والسياسات الجارية، مجرد خلفية معروفة تماماً، لكل المشاركين المباشرين في الصراع، والمشاركين، المباشرين وغير المباشرين، في حله.

لكن، هذه الخلفية ذاتها، هي القوة المحركة العميقة لهذا التوازن المأزوم بين احتلال إسرائيل لفلسطين بقوة الردع؛ واحتلال فلسطين لإسرائيل بقوة الترويع.

الخائفون هناك، من الانفجارات الانتحارية يفرون مذعورين مثل الخائفين هنا من الإغارات الجوية.
"البلاد كلها إرهاب" في عنوان مقالة صحافية إسرائيلية. لكن، في تاريخ نصف قرن من الصراع، فإن الشعب الفلسطيني كله ذاق من ويلات الإغارات.

مثل حركة الساعة، بدأت الإغارات الإسرائيلية على أطراف (وعمق) غزة والضفة الغربية، فإلى الأردن، سورية، لبنان.. وحتى تونس، والآن، تعود الى حيث انطلقت.

تبدو المشاهد الأرضية (من خراب بيوت ومنشآت) والمشاهد الجوية من تكتكات الإغارة بالصواريخ، كأنها تكرار للفصول: الأردنية، واللبنانية.. والتونسية، من الصراع العسكري بين شعب محارب باصرار ودولة محاربة بإصرار.
لكن، مجرد عودة القصة الى نقطة انطلاقها، قبل نصف قرن تقريباً، تشير الى أن قانون القوة الإسرائيلي لن يملي قانون السياسة.

من الغريب، أن الشعب المحارب كان أسبق الى الواقعية السياسية من الدولة المحاربة، التي لا تزال تعتبر أن المقاومة هي إرهاب، وان الاستيطان هو حق من حقوق الفتح، أي حق استعماري كولونيالي.

لا يدور الصراع بين الإرهاب والأمن، لكن يدور بين حقين في الأمن، وحقين في الوجود السياسي. أما جهود حل الصراع، فتدور بين أنواع مختلفة من الانفصالات: انفصال أمني، انفصال ديمغرافي، أو انفصال جغرافي، انفصال سياسي.

ما تريده حكومة اسرائيل الحالية، هو أن تنفصل السلطة الفلسطينية من قاعدتها الشعبية الراديكالية، المطالبة بالاستقلال السياسي الكامل، في حين لا تجرؤ أية حكومة اسرائيلية على الانفصال عن مصالح 2% من الشعب الاسرائيلي، من الذين يستوطنون في الأراضي الفلسطينية التي ستقوم عليها دولة فلسطين.

بمعنى آخر: ان تهزم حرب التحرير الوطنية نفسها بنفسها، الى حرب أهلية وطنية، دون أن تنكفئ الكولونيالية الاستيطانية عن حكامها، بثمن خلاف بين غالبية الشعب الاسرائيلي وغالبية المستوطنين اليهود.

إذا قالت اسرائيل أن لا تعايش مع الارهاب، فالفلسطينيون يقولون ان لا تعايش مع الاحتلال والاستيطان.. واحد من الطرفين يجب أن يلغي الهزيمة قبل أن يحل السلام الممكن.

وبما أن سلسلة هزائم عسكرية عربية وفلسطينية، أدت الى عودة الحرب الفلسطينية ـ الإسرائيلية لأرض فلسطين، فإن هزيمة الاحتلال تبدو مفتاح السلام.

الصورة / المرآة

من الشاعر الفرنسي برنار نويل، في قصيدة "هسيس الهواء" بترجمة المغربي محمد بنيس:

من زمان، لم نعد سوى روح المرآة.

مرآة تنقلب فيها الصورة المبحوث عنها.

لكن، قصدير المرآة ذاته قد تفتت.

تفتت ما كان يجعل منا مختلفين في المرآة.

أين كانت سلطتنا/ سلطتكم.. سلطتهم؟.

مجرد سلطة.. مثل راحة الإنسان وسط شكله.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصورة والدخان الصورة والدخان



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab