«مذكرات تلميذ ابتدائية»

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

 العرب اليوم -

«مذكرات تلميذ ابتدائية»

حسن البطل

إمّا قلمُه سيّال، وإمّا الشاعر خالد جمعة دؤوب مثابر. له ٢٨ كتاباً، بينها ١٨ للأطفال. في كتاب الأطفال الأخير «مذكرات تلميذ ابتدائية» يستوحي من طفولته.

«ارجع ادرس» يا ولد
بدأ الزنّ، فقد اقتربت الامتحانات. أمي وأبي أعلنا الاستعداد للحرب، وكأنني سأتخرج من كلية الطب بعد يوم ونصف! كانت لديهما رغبة في أن يفتحا رأسي ويحشوا الكتب فيه، كلما أردتُ أن أتنفس قليلاً يقولان: ارجع ادرس، الامتحانات اقتربت، تريد أن تسيء الى سمعة العائلة وترسب؟ فأسأل: أي عائلة؟ فعائلتنا لا يوجد منها في المدينة إلا انا وأمي وأبي وأختي الصغيرة. وعمّ واحد بلغ الستين ولم يتزوج وليس له أولاد، فعن أي عائلة يتحدثون؟

«الأهبل يقرأ ويقرأ»
غداً الجمعة، سأخرج مع أصدقائي حين يذهب أبي لزيارة عمي، سنزعج الحارة كلها بعلب السمن الفارغة، ستخرج جارتنا أم حسين التي كنا نلقب ابنها حسين بالأهبل لأنه لا يخرج الى الشارع، وكان دائماً يقرأ ويقرأ، ويحرجنا حين يسألنا الأستاذ.

تطاردنا أم حسين قليلاً، بالطبع نحن أسرع منها، لأنها سمينة ولا تستطيع الجري، مع أن صوتها مخيف في الحقيقة، وبعد عدة محاولات فاشلة تستسلم وتعطينا بعض الحلوى مجاناً، كي نوقف التطبيل امام بيتها، نأخذ الحلوى ونذهب للتطبيل أمام بيت أم علي، بائعة المهلبية في آخر الزقاق.

«مدرسة على البحر»
في هذه الرحلة اتجهنا أخيراً إلى البحر بعد معاناة زيارة الوزارة والمصنع ومزرعة الأسماك. في البحر أنا استمتع كثيراً لدرجة أنني اختفيت أنا وخليل من المكان حتى لا يعثروا علينا عندما نعود، بيني وبينكم، البحر جميل، ولو وضعوا المدرسة على البحر سوف تكون علاماتي أعلى من كل تلاميذ العالم.

«غريبات هنّ الأمهات»
أشجار التوت في المدرسة قصة وحدها، يمنعنا عنها الناظر، لكنها تغرينا بتوتها الأبيض والأحمر، يتدلى من الأغصان وكأنه يُخرج لنا لسانه، اليوم خرجت المدرسة كلها في مظاهرة، إلا أنا وخليل، انتهزنا الفرصة وصعدنا كل واحد على شجرة، وأكلنا حتى صارت افواهنا مثل دراكولا تقطر دماً، ولم ننتبه ان أبا فتحي، بوّاب المدرسة، قد أغلق الباب وانصرف الى بيته. سور المدرسة محاط بالأسلاك الشائكة، ولم نعرف كيف يمكن أن نخرج منها!

النتيجة كانت أننا قضينا الليلة في المدرسة، وجاء ليلتها في الاخبار أن هناك شهيدا مجهول الهوية لم يتعرف عليه أحد، وظلت أمي تبكي وهي تظن أنني هو، وفي طريقها الى المستشفى لتتعرف إلى جثتي قابلت أم خليل، التي كانت هي الأُخرى تبكي وتظن ان خليلاً هو الشهيد، وسارت أما الشهيدين تبكيان حتى وصلتا الى المستشفى، واكتشفتا ان أهل الشهيد قد تعرفوا عليه وأخذوه معهم، فقالتا بنفس واحد: «والله لأخلي جلده أزرق لما أشوفه»، غريبات هن الأمهات، أليس كذلك؟

«كل التفاحات بداخلها دود»
أبي قرّر أن يأخذني معه إلى السوق، وأخذ يشرح لي عن الخضروات والفواكه واللحوم، وأنا ألعب بين البسطات، وكان يشد أذني بين الحين والآخر، فأتصنع الانتباه، وفي نهاية اليوم كانت الكارثة! أبي سيسافر، وقد كان يعلمني كيف أنتقي الخضار والفواكه واللحوم كي اشتريها لأمي وهو غائب. بالطبع لم أتعلم شيئاً، وفي أول أيام سفره أرسلتني أمي لأحضر فاكهةً من السوق لأن لدينا ضيوفاً، بالطبع لم تفهم أمي لماذا كانت كل التفاحات بداخلها دود، وهل أستطيع الدخول الى التفاحة كي أعرف؟! غريبون هم الكبار، أليس كذلك؟
* * *
الكتاب من إصدار «مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي» - فلسطين.
طبعة أولى ٢٠١٥

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مذكرات تلميذ ابتدائية» «مذكرات تلميذ ابتدائية»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab