حوليات بلدانية فلسطين السلطوية

حوليات بلدانية فلسطين السلطوية !

حوليات بلدانية فلسطين السلطوية !

 العرب اليوم -

حوليات بلدانية فلسطين السلطوية

بقلم -حسن البطل

غادر طلعت موسى مدينة غزة عام 1964 للدراسة في مصر. عاد إليها أوسلوياً عام 1994. كانت دور سكن المدينة من طابق أو اثنين، وصارت المدينة «ذات البروج» السكنية.

سكَنَ الفلسطيني ـ بريطاني الجنسية أحمد سيف، بلدة بيرزيت، قبل الانتفاضة الثانية. الآن، ازدحم الشارع من الجامعة إلى أول البلدة بعمارات سكنية ـ تجارية. دهشة طلعت أكبر من دهشة أحمد.

رسام الكاريكاتير المصري، البهجوري، زار قرية عين سينيا، على طرف بلدة جفنا. كان مدعواً لافتتاح مشروع في مبنى قديم كان مقراً لعبد القادر الحسيني، لجعله نواة «متحف الذاكرة والبطولة». دهشته كانت عارمة. قال: فلسطين شلبية.. عمار وخضار. كان يتصورها ملأى بمخيمات تعيسة.

من برنامج في تلفزيون فلسطين، التقفت معلومة لم تدهشني، وهي أن رخص المباني الجديدة في مدينة رام الله زادت بنسبة 5% في النصف الأول من عامنا هذا، ولعل الازدياد سيبلغ الـ 10% في نهايته، مع أن تقريراً أخيراً للبنك الدولي قال إن نمو الاقتصاد الوطني في فلسطين السلطوية هذا العام سيتراجع إلى 07% (أقل من واحد) جرّاء العقوبات المالية ـ السياسية الأميركية.. والإسرائيلية!

سواء بصورة (جي. بي. إس) أو مسير سيارة، يبدو أن بلدة بيرزيت مدّت يدها إلى قرية أبو قش (أو بالعكس)، وقرية سردا مدّت يدها إلى أبو قش (أو بالعكس)، ومدينة البيرة ـ رام الله مدّت يدها إلى سردا (أو بالعكس). قبل حاجز قلنديا، كانت رام الله تمدّ يدها للقدس، وهذه إلى مدينة بيت لحم.

هكذا، بصورة (جي. بي. إس) أو بمسير سيارة، سيبدو كأن «عنقوداً» مبنياً يبدأ من بيرزيت إلى بيت لحم، أو «زاروباً» طويلاً يربط حبّات هذا «العنقود».

مدن الضفة الرئيسية لا يتعدّى سكان أكبرها الـ 200 ألف، وتمتاز عن المدن العربية الكبرى، وعواصمها بالذات، أنها تخلو من «حزام الفقر»، ومباني معظم ملحقاتها من القرى، أو حتى البعيدة عنها، تضارع الحداثة العمرانية في مدنها الرئيسية، وأحياناً أكثر فخامة هندسية منها، بفعل بيوت المهاجرين ـ العائدين من الأثرياء.

«عنقود» بيرزيت ـ بيت لحم» استجد منذ بعض السنوات، خاصة في رام الله، ببناء ضواح منفصلة على تلالها، لا يبدو أنها ستتصل فيما بينها قبل قرن آخر من الزمان، إضافة إلى مدينة روابي الطليعية.

مع التوسع العمراني ـ المدني، أفقياً وعامودياً، اختفت ثلاث نقرات كانت تُطعم مدينة رام الله، وهي نقرات: البالوع، بيرزيت، بيتونيا. لكن، حتى في «طفرة» عمران في رام الله بالذات، تبقى هناك «عرصات» مهملة تنتظر سعراً أعلى للعمران، وفيها سلاسل حجرية آيلة، دلالة زراعة بعلية قديمة. في العربية أن «العرصة» العمرانية غير معناها الأخلاقي الساري.

صارت لي «هواية» جديدة، وهي تصوير فرادة مجاورة بيوت رام الله القديمة، ذات سقف القرميد والطبقة الواحدة، مع عمارات متعددة الطوابق. هناك سجال بين الناس والبلدية، حول هدم بيت قديم، ورفع عمارة شاهقة مكانه. لكن البلدية تنجح في ترميم وتحديث مبان معينة، ذات ملكية عامة، أو لا ورثة لها، أو بموافقة وارثين أو بجهودهم الذاتية.

بعض البيوت التي تُهدم، رغم احتجاجات البعض تتحول زمناً ما إلى مواقف أجرة للسيارات سنوات معيّنة، بينما تحولت شوارع رام الله إلى كاراج وقوف بالأجرة وبدونها. تقول إحصائية إن عدد السيارات في رام الله، مثلاً، ازداد بنسبة 70% بين أعوام 2007 و2018.

لا تتوفر، إلى الآن، سكك حديدية تربط مدن الضفة الرئيسية، كثيرة التلال، ولا حتى باصات كبيرة تربط شوارعها، وواسطة النقل هي سيارات 7+1 الصفراء، أو تاكسيات الطلب. قد تحلّ انسياب أزمة السير في رام الله طرق دائرية من أطرافها إلى أطرافها، إذا حلّت مشكلة (أ) و (ب) و(ج).
لكن، حتى في عواصم كبرى، مثل لندن المنبسطة، ذات الشوارع المنظمة، والسكك الحديدية والأنفاق، فإن سرعة سير السيارات في قلبها هي ذات سرعة عجلات تجرّها الخيول.

مدينة التلال رام الله تحتاج معجزة هندسية لربط تلالها بأنفاق، وشوارعها بسكك حديدية، لكن يمكن مدّ «تلفريك» هوائي للتنقل بين تلالها، كما هو حال التلفريك الوحيد بين أريحا المنبسطة وجبل «قرنطل».

عمرانية أو بلدانية مدن فلسطين تغيّرت عمّا قبل حقبة السلطة الفلسطينية ليس فقط في نمط البناء العمودي، الذي هو سمة مدن العالم، وإن كان الوزير الإسرائيلي بنيامين (فؤاد) اليعازر حذر من الامتداد والبناء الأفقي، الذي يلتهم المساحات الخضراء والحقول. للضرورة أحكامها!
حاليات بلدانية فلسطين السلطوية لا علاقة لها ببلدانية فلسطين قبل النكبة، كما تبدو على خرائط الحنين الصمّاء القديمة، ولا بلدانية أرض فلسطين خلف «الخط الأخضر» بقيت كما كانت.

تقاطعات حياة !
تقاطع أربعة شوارع رئيسية قد تتوسطه مستديرة خضراء صغيرة تتوسطها زيتونة، فإن تقاطع أربعة شوارع فرعية تأخذ شكل «مصَلّبيّة» ذات قارعات أربع كما في رام الله القديمة.

في إحدى زوايا ذلك التقاطع، هناك مدرسة عزيز شاهين الثانوية للبنات، وفي تقاطع آخر روضة أطفال.. وثمة شجرة على قارعة رصيف ثالث. شجرة تزدهي بلباس من زهور بلون الليلك، ثم ترتدي رداءً أخضر من الأوراق النفضِيّة المفصّصة. للشجرة مواقيت ومواعيد، كما للمدرسة مواقيت ومواعيد لامتحانات التوجيهي، التي تبدأ مع ازهرار الشجرة، كما وتبدأ امتحانات التلميذات مع ازهرارها، ويذهبن إلى قاعات الامتحان بغير اللباس المدرسي، وحين تنتهي الامتحانات، تخلع الشجرة لباسها الليلكي وترتدي ثوباً من الأوراق المقصقصة الخضراء. دورة حياة.

إن كنتُ في المدينة أقول لسائق التاكسي هذا الإيعاز: مدرسة عزيز شاهين، وإن كنت خارجها أقول: رام الله التحتا ـ مدرسة عزيز شاهين.

الشجرة تقدّم امتحانها لحياتها المتحوّلة، والتلميذات يقدمن امتحان دورة حياة أكاديمية أو شخصية أخرى.. ولبلدانية فلسطين دورة حياة لا تقاس بالفصول والامتحانات السنوية.. بالقرون تقاس!

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوليات بلدانية فلسطين السلطوية حوليات بلدانية فلسطين السلطوية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab