مـــــزاج

مـــــزاج

مـــــزاج

 العرب اليوم -

مـــــزاج

بقلم : حسن البطل

كيف تحب قهوتك؟ هذا يتعلق بالمزاج. كيف تشرب قهوتك؟ هذا يتعلق بالعادة. كان قدماء أهل الاختصاص يربطون بين المزاج والطبع، وكانوا يقسمون الطباع إلى أربعة أصلية (ولا أدري لماذا أربعة: سويداوي، صفراوي، بلغمي، حمراوي) ربما لأن الجهات الأصلية أربع، أو أطراف الإنسان أربعة.. وربما؟

لا أعرف اتجاه بوصلة جهة مزاجي، لكن يعرف غرسون مقهاي عادتي في شرب القهوة. هل يعدّل فنجان قهوة مزاجاً سوداوياً إلى صفراوي، أو مزاجاً بلغمياً إلى حمراوي؟ أم يتعكّر (يعوكر كما يقول اللبنانيون) مزاجك إن كانت قهوتك على غير عادتك في شربها: مرّة (سادة). سكر خفيف. حلوة؟ مغليّة غلوة واحدة أو أكثر؟ شقراء (كما يحبها اليونانيون) أو محمّصة، نصف محمّصة؟ مهيّلة أو غير مهيّلة؟ عربية ـ تركية أو إسبرسو، كابوتشينو، نسكافيه بالحليب؟

نصف روّاد مقهاي الصباحي يفضلون شربها بفنجان أبيض مع صحنه. نصفهم الآخر يفضلونها مصبوبة بكاسة شاي (كبيرة أو صغيرة). بعضهم مع كأس ماء (أو زجاجة ماء معدنية) والآخر «على الريق» دون ماء.

أفضلية تقديم الخدمة في مقهاي الصباحي (للخرمنجية) أولاً أي لشرّيبة الأركيلة، ربما عن تقدير الغرسون أنهم شربوا قهوتهم في بيوتهم، مع أو بدون زوجاتهم.. أو أن الخرمنجية كبار في السن!

غير «خرمنجية» الأركيلة، ينتظرون فنجان (أو كاسة) قهوتهم ليشعلوا سيكارتهم الأولى (مثلي) أو العاشرة إن تناولوا قهوتهم الأولى في بيوتهم.

شخصياً، فنجان قهوتي وسيكارتي الأولى ميعادها في العاشرة صباحاً. قهوة وسيكارة وصحيفة، وغيري قهوة وسيكارة.. وهذا «الآيفون».. وتبدأ الدردشة!

شخصياً جداً، وحدي يأتيني فنجان قهوتي في مقهاي ثلاثي الأركان: الفنجان والماء.. وأيضاً ملعقة صغيرة أنقط بها نقاط ماء قليلة على فنجان القهوة، ليترسب «تفلها» في قعر الفنجان.

لست شرّيب قهوة، يكفيني واحد في الصباح وآخر في المساء، وكأس شاي واحد بينهما (سكر عادي) ولكن منكّه بالميرمية وليس بالنعنع... وواحد زهورات.

هل المزاج من الطبع، أو الطبع من العادة، أو عادتي واعتيادي في شرب القهوة مهلاً على مهل، وعلى مدى ساعة، ساعة ونصف.. وحتى ساعتين لكل فنجان!

كتب درويش نصاً رائعاً عن تحضير القهوة، وشربها، وآخر رائعاً، أيضاً، عن كرة القدم (أو أسطورتها مارادونا). لا أعرف كم فنجاناً على مدار اليوم كان يرشفه، لكنه يشربها على مهل مثلي، لكن وحدي أضيف إلى فنجان قهوتي بضع نقاط من الماء؛ ووحدي في مقهاي تأتيني قهوتي سكر خفيف مع ملعقة صغيرة.

محمود كان يحنّ إلى قهوة أمّه، وأنا أحنّ إلى قهوة زوجتي الأولى منى في بيروت، أو قهوة خالدة السعيد، زوجة الشاعر أدونيس أولاً، وعندما حنّيت بعد غياب إلى قهوة أمّي، قبل غيابها الأبدي، قالت لي: «والله بطّلت أعرف كيف أعمل قهوة»، أي منذ رحل أبي ونهى الطبيب أمّي عن القهوة، لأنها ترفع ضغط الدم.

حبّة ضغط يومية، وفنجانا قهوة يومياً تحافظان على ضغطي 130ـ70، أو 140ـ80، ولا تلغيان عادتي المزمنة في إضافة نقاط ماء على فنجان القهوة، ولا تغيّران عادتي في احتساء فنجاني: ساعة ونصف ـ ساعتين ليفرغ فنجاني من قهوته.

على طاولة المقهى يجتمع الأصدقاء في الصباح بخاصة، وعلى الطاولة أجهزة شتى من أجهزة الهاتف النقال الذكي، ووحدي مع الجريدة وعلى خاصرتي وحدي هاتفي «غبي». اكتشفت أن لساني لا يدور في فمي أكثر من 100 كلمة على مدار اليوم، أحياناً.

كنت صغيراً أمسك بيد أبي، وكان لسان أبي ذرباً ودوّاراً. قلت له: يا أبي لا تحكي كثيراً، لأن الله خلق الواحد وحشاه بمليون كلمة في حياته، فإن خلصت كلماته مات، وأنا لا أريدك أن تموت. أبي ضحك آنذاك ضحكته الفضية ـ النحاسية التي ترنّ في أذني مثل صوت مقرئ القرآن أبو العينين شعيشع حتى الآن بعد نصف قرن على رحيله.

لا أعرف كيف كان أبي يحب قهوة أمي، فقد رحل عن أمي والدنيا وقهوتها، قبل أن أعتاد على شرب قهوة أمي معه.

حاشية أولى
فنجانا قهوة، سكر خفيف يومياً (على الريحة) وثلاث ـ أربع ساعات في احتساء القهوة، وفنجان شاي واحد، وكأس عصير، و10 سكائر لف يومياً.. وماذا، أيضاً؟ جرعة مشي يومياً، لا تزيد على ساعة ولا تقل عن نصف ساعة.. وإلاّ شعرت بعدم راحة في مفاصل ركبتي بساقي، وتعكر مزاجي وانعكس ذلك على ركاكة عمودي في الجريدة.

حاشية ثانية
قليل الاهتمام بسفاسف الرئيس ترامب، أو بالسجال الإسرائيلي والفلسطيني ـ الدولي حول حل الدولتين أو الدولة أو مؤتمر طهران وإستانبول أو اللادولة، أو بأشكال الكونفدرالية والحكم الذاتي. لكن لا أوافق على كل مشروع حل يلغي اسم فلسطين، أو يلغي العلم الفلسطيني، أو الهُويّة الفلسطينية، سواء أكانت صادرة عن سلطة، أو حكم ذاتي، أو دولة منقوصة السيادة، أو دولة ذات سيادة، سواء كان لها جيش أم لا.

مزاجي السياسي تعكّر لأن إسرائيل ستهدم مدرسة قرية طانا في المنطقة (ج) في الأغوار، ومدرسة «الخان الأحمر» البدوية شرق القدس، المبنية من إطارات السيارات، أو مرور 23 سنة على مذبحة الحرم الإبراهيمي بعد جريمة السفّاح باروخ غولدشتاين، وإغلاق شارع الشهداء (الشلالة) في المدينة القديمة للخليل، بعد الانتفاضة الثانية، أو هدم آبار جمع المياه في المنطقة (ج). المزاج يتعكّر بالتفاصيل لا في ميزان الرعب النووي.

المصدر : صحيفة الأيام

arabstoday

GMT 06:49 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

كــلام طيــش

GMT 04:17 2021 الأربعاء ,25 آب / أغسطس

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

GMT 06:46 2021 الأحد ,22 آب / أغسطس

الـقـبـر ظـلّ .. فـارغــاً

GMT 07:47 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

إشارة شطب (X) على أخمص البندقية؟

GMT 16:41 2021 الأحد ,11 إبريل / نيسان

ثلاث حنّونات حمراوات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مـــــزاج مـــــزاج



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab