يوم خديجة الشواهنة

يوم خديجة الشواهنة

يوم خديجة الشواهنة

 العرب اليوم -

يوم خديجة الشواهنة

بقلم - حسن البطل

هي مثل أمي مريم الطيراوية، ومريم مثل هاجر الطيراوية. خديجة الشواهنة تعتمر حطّتها البيضاء مثل «ستنا مريم». أنا ابن مريم الطيراوية التي ماتت في المنفى السوري مطلع القرن، وهاجر الطيراوية ماتت في أرضها بطيرة حيفا هذا العام. أما خديجة الشواهنة فهي المرأة الوحيدة بين ستة شهداء في يوم الأرض الأول. أعرف أمي مريم، وعرفت هاجر التي ماتت بعمر أمي.

لدي صور مع الحجة أمي مريم الطيراوية وصور مع الحجة هاجر في الطيرة، أما خديجة الشواهنة، فإن صورتها مع شهداء يوم الأرض الأول الستة لا تبرح ذاكرتي، فهي ترتدي حطة أمي البيضاء، كما ترتديها «ستنا مريم» في الرسومات الدينية.

في ذاكرتي المكتسبة، بين الثالثة والرابعة من عمري، صورتان لأمي وهي تنكش الأرض، بينما ألُمّ ديدانها، والصورة الثانية وهي تمزق بيمناها السليمة وأسنانها حطّتها البيضاء، وتعصب جراح رؤوس إخوتي، بعدما انقلبت بنا شاحنة الخروج من طيرة حيفا، عند كوع حادّ قرب سيلة الظهر ثلاث نسوة طيراويات عدنَ إلى رحم الأرض، والأرض كوكب هو أم البشرية، كما أم الشعب الفلسطيني.

لنا يوم النكبة، ويوم النكسة، يوم الشهيد ويوم الأسير، ويوم انطلاقة الثورة.. لكن يوم أيامنا هو «يوم الأرض»، أو يوم خديجة الشواهنة.

عن أيام العرب المشهودة، يقولون: هذا يوم من «أيام العرب»، وصرنا نقول عن «يوم الأرض» الخالد:

 إنه يوم لمريم الطيراوية، أمي، ولها أولاد وأحفاد مبعثرون في أركان الأرض، ولا أعرف هل لخديجة الشواهنة أولاد أم لا، لكن أعرف أن هاجر الطيراوية لها قصة اللجوء التي أوصلتها إلى مخيم النيرب قرب حلب، وتسلّلت عائدة إلى الطيرة تمسك بذراعها ولداً، وتحمل بذراعها ولداً، وفي بطنها جنين طفل.

كانت طيرة ـ حيفا عربية تماماً، وصارت ذراري أولاد هاجر وأحفادها، ما يشبه عشيرة طيراوية وحيدة وسط سكانها الجدد من اليهود. أخيراً، قبل سنوات قليلة، ومرافعات قضائية طويلة، استعاد أولاد هاجر وأحفادها قليلاً من عشرات الدونمات، بما يكفي لبناء بيوت لذراريها، وافتتاح «سوبرماركت» في الطيرة، بناءً على كواشين احتفظ بها زوجها أسير حرب سقوط الطيرة، والطيرة سقطت حرباً، آخر موقع عربي على الساحل الفلسطيني يوم 18 تموز العام 1948، وهناك طيرات عدّة في فلسطين، وطيرة حيفا، طيرة الكرمل، طيرة اللوز، هي طيرة طيرات فلسطين طراً، ولو أن عشيرة الطيراوية «هاجر» وحدها في الطيرة الآن.

هو يوم أيام شعب فلسطين، وهو يوم خديجة الشواهنة، وفي يوم الأرض الأول، كنتُ في بيروت محرّراً، وكتبت مقالة: «اصرخي أيتها الأرض المحبوبة»، ولم أكن أعرف أنني سأزور الطيرة، وألتقي عميدة الطيراوية هاجر.

من مثلث يوم الأرض الأول: سخنين، عرابة، دير حنا، كان مهد يوم أيام شعب فلسطين في البلاد والمنافي والمهاجر، وفي كل 30 آذار من كل عام يقيم الفلسطينيون في البلاد الاحتفال المركزي، وكل عام في مكان مختلف من مدن مثلث يوم الأرض، ومن قرى النقب، وفي مخيمات اللجوء.

هذا العام الـ44 ليوم الأرض، لكنه يوم يخلو من احتفال حاشد، ولا يخلو من رفع علم البلاد حيث يوجد الشعب في البلاد وفي الشتات.

كان يسرائيل كينغ، متصرف لواء الجليل قد قال قبل يوم الأرض الأول: إن «عرب إسرائيل» هم «سرطان في جسدها». الآن، صار الفلسطينيون في إسرائيل يعتبرون كأنهم «سرطان» في جسد ديمقراطية يهودية إسرائيلية صهيونية عنصرية.

في واحدة من زياراتي إلى حيفا، التقيتُ يهودية إسرائيلية ألمانية، لمّا عرفت أنني ولدت في «طيرات هاكرمل» لم تصدق، ولما رأت هويتي، التي تحمل اسم أمي مريم قالت، «أمك مريم.. لا يحق لكم أن تسموا أمهاتكم مريم، بل ماري، لأن مريم حكر على يهود العالم ويهود إسرائيل».

يوم الأرض هو يوم خديجة الشواهنة، ولأن الحجة هاجر لم تشهد العام الـ44 ليوم الأرض، فقد كانت في رحم أمنا الأرض، كما حال أمي مريم، وحال خديجة الشواهنة، التي تعتمر حطّة بيضاء مثل الحجة أمي، ومثل الحجة هاجر.

«عليك منّي السلام يا أرض أجدادي/ ففيك طاب المقام وطاب إنشادي».

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم خديجة الشواهنة يوم خديجة الشواهنة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab