بين المسميتين

بين المسميتين

بين المسميتين

 العرب اليوم -

بين المسميتين

بقلم - حسن البطل

1ـ «تاريخهم تاريخنا لولا ..»
حضنته أخته «الحاجة ليقة» المخضرمة وحمّلته وصيتها: «سلّم يا خوي أحمد سلام تسليم على أخوي أبو حسن». هل بكت عيناها بدموع جافة.. أم تلاشت المسافة بين حلقي وقلبي؟
«ليقة الكنعانية، أو «ليئة العبرانية؟ تاريخهم تاريخنا، لولا الخلاف على مواعيد «القيامة ... وعلى المسمية».

2- صبح كل يوم، في سنوات الأربعينيات
كانت عربتان تنطلقان من المسمية الكبيرة محملتين بخيرات الأرض. عربة الحاج حسن سيف تتجه شرقاً إلى جبال الخليل؛ وعربة نجله البكر شمالاً إلى جبال رام الله. ويلتقيان في العشية بالمسمية.
3- ليس غير صاحبي أحمد

هو، من بين إخوته وأخواته، من يقطع الجسر غرباً (أو شرقاً)، ويعبر المعبر شمالاً (أو جنوباً). ليس غيره في العائلة من يرى بلدة المسمية التي لم يولد فيها. ولد في مخيم «عقبة جبر» بأريحا.

.. ليس غيره يهتف من بيت أخته الكبرى من أبيه في مخيم دير البلح، إلى بيت أخيه الأكبر من أبيه، في مخيم البقعة: «حامل لك سلام من ليقة. أطعمتنا ثلاثة زغاليل محشوة.. ومحمرة، وملوخية، وسمك بلبوطي بحري».

ليس غيره مراسلاً للسلام بين إخوته، ونائباً للاحتضان بين الأخت وأخيها .. الذي هتف، من «البقعة» بوصيته: «لما تقطع المسمية اقرأ عليها سلامي».

بين تقاطع طرق Junction المسمية وسكة الحديد، و»معسكر الحدار» لكزت أحمد، وألقينا السلام معاً «عليكِ منا السلام يا مسمية».

بين المسميتين: الصغيرة والكبيرة، تتناثر دونمات المرحوم الحاج حسن سيف. كم سعى ابنه «أبو حسن» بمحراثه بين 57 دونم أرض؟. يكنّى الابن الأكبر باسم أبيه .. إن لم يخلف حفيداً ذكراً.
4- ما هو سمك «البلبوطي» هذا يا أحمد؟

سألته في «مستوطنة الحاجة ليقة» في مخيم دير البلح. أجاب: «ولو يا صاحبي أبو نادر إنه لحم نهر الأردن، الذي كان يكمل حليب الوكالة وطحينها وسمنها. في مخيم «عقبة جبر» قرب أريحا، ما كان مع أبي مصاري لنشتري لحمة. كان «أبو حسن» يصطاد «البلبوطي» من النهر. «البلبوطي» النهري أخو «البوري» البحري.. الذي اصطاده الشباب الصبح من بحر غزة .. لنأكل بالهنا والعافية!
5- في مخيم دير البلح فهمت..

.. لماذا عريشة الدار في مخيم البقعة قوية ووافرة العناقيد اللذيذة. يد أبو حسن فلحت حقول المسمية، وزرعت البيارات وشجيرات الكرمة فيها. يده انتقت شجيرات الكرمة أصيلة في «عقبة جبر». يده زرعت شتلات كرمة أصيلة في «البقعة». بين المسميتين كررت التحية: «عليكِ مني السلام يا أرض أبو حسن». وصية «ليقة»: «سلام تسليم لأبو حسن. بادي عليّ مش مطولة».
6- صيف العام الفائت..

.. زرت بيت أبي حسن في مخيم البقعة. أولمنا على «طبخة كرشة».. كان شواظ الشمس يتكسر على عرائش تظلل صحن الدار، وترسم عليه نجوماً مضيئة وباردة. وفي الليل يرى أبو حسن نجوم السماء من خلال أوراق الكرمة وعناقيدها.

قال: «لو رجعت بكرة الصبح على المسمية، أموت بكرة المسا. يا حيف كيف انقضت بيديك أيامنا».
7– «سلام تسليم»..

بين أخوين كانا في المسمية الخضراء جداً، ويقيمان في مخيمين كالحَيْن، تفصل بينهما دول وحدود. فهمت لماذا أصروا: يا ضيفنا كل زغلولك كله، او تزعل منا الحاجة ليقة. قالت: «هاي آخر مرة أذبح زغاليل».
8- من تقاطع المسمية إلى خط سكة الحديد..

أحمد سارح تماماً. لكزته: «قل سلاماً..» قال: بالضبط هناك، قرب «معسكر الحدار» بعض أراضي أبو حسن. هذا أكبر معسكرات الجيش البريطاني وسط فلسطين الانتدابية، وفي منتصف المسافة بين الضفة والقطاع. اسمه «معسكر الحدار» لأنه يجاور «وادي الحدار». هنا كان عسكر الإمبراطورية العثمانية، وعسكر الإمبراطورية البريطانية كانوا هنا، والآن عسكر جيش الاحتلال الإسرائيلي. إنه يحتل أراضي «أبو حسن» فهو جيش احتلال.

9- 33 نفراً في بيت الحاجة ليقة..

.. أولاد وحفدة.. وأولاد لحفدة. كل عيلة في طبقة من بيت بثلاث طبقات. الجد «الشاب» يمد يده، وحفدته يبوسونها، ويدسون فيها «غلة اليوم» ليزوجهم جدهم عما قريب.

أي حفيد ستحضر «الحاجة ليقة» عرسه قبل «يوم التسليم» بالقضاء والقدر؟ ابنها الكبير يدير شؤون «العشيرة». اثنان من أصغر حفدتها «يشتغلون بالحكومة» السلطة الوطنية هي «حكومة» على لسان «الحاجة ليقة» المبسوطة لأن الحفيد في زي الشرطة. «أنتم كمان أولاد الحكومة»؟ كلا. قال أحمد: «نحن أولاد الوكالة والثورة والمنظمة ، كلا. قال صديقنا طلعت: «أولاد الحكومة .. ونص»؟!
على حافّة الطريق العريضة مدرسة المسمية الابتدائية باقية صامدة حجارتها، ومهجورة. هنا تعلم أبو حسن.

 هناك مدرسة المسمية الثانوية حيث تعلم أخوه إسماعيل الضابط في الجيش الأردني، تحت إمرة سعد صايل (الشهيد اللواء/ أبو الوليد، قائد القوات الفلسطينية المسلحة).

«عليكِ مني السلام .. يا مسمية» قلنا.
«عليكِ مني السلام يا أرض أجدادي / ففيك طاب المقام وطاب إنشادي». تردد الصدى القديم في المدرسة القديمة، التي تبعثر أولادها.

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين المسميتين بين المسميتين



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 العرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
 العرب اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab