كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد

كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد

كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد

 العرب اليوم -

كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد

حسن البطل

بيني وبينه خط الماء، أو بينه وبيني خط اليابسة. كم خليجا بحريا على خط الماء - اليابسة، وكم رأسا بريا على خط اليابسة - الماء؟
كيف كنت ألتقي عزت لقاء خليج الماء بالبر؟. فجأة، يضع كفه اليسرى على كتفي الأيسر؛ ويضع راحة يده اليمنى في راحة يدي اليمنى. هزتا مصافحة، أو موجتان بحريتان في الخليج، وسؤاله عن الأحوال "كيفك" وجوابي على سؤاله "كيفك أنت".. ثم يتركني على طاولة الكتابة في "الأيام" ويذهب لشأن من شؤونه.

كيف كنتُ ألتقي عزت لقاء رأس البر بالماء؟. غالباً، بين الحاجز والحاجز في حاجز سردا، ألوح له إذا رأيته قبل أن يراني، في غدوة الصباح مثلاً، أو يلوح لي إذا رآني قبل أن أراه (في غدوة العصر مثلاً) هو إلى جامعة بيرزيت في غدوة الصباح، وأنا إلى جريدة "الأيام"؛ وفي غدوة العصر.. هو إلى بيته في البيرة، وأنا إلى بيتي في قرية سردا. بيني وبينه كتاب أو عمود في الجريدة.
استوقفته، مرة، بين الحاجز والحاجز. قلت له: ألا تعشق النساء الرجل الشاب - الشايب مثلك. قال لي: ألا تعشق النساء الرجل الكهل أسود شعر الرأس.. مثلك!
***

له ورقته في "دفتر الأيام"، وليس لـ "دفاتر الأيام" أوراق بعدد أيام الأسبوع. يذهب الكاتب الحق، المواظب، إلى واجب الكتابة، كما يذهب المؤمن الحق، المواظب، إلى واجب العبادة: صلاة الجمعة مثلاً في ميقاتها، أو قداس الأحد مثلاً.. في ميقاته.  

كان عزت، في رأيي، ثالث المثقفين في البلاد ممن رفدوا بركة الثقافة الفلسطينية، لتغدو بحيرة، وبحيرة تمتلئ لتغدو ذات أفق بحري: هو، وحسين جميل البرغوثي، وعبد اللطيف عقل. ثلاثتهم اختطفهم الموت الصاعق أو الموت الوبيل.. بينما كانوا يغذون السير صعوداً إلى قمة العمر.. وقمة العطاء الإبداعي.  
ترهقني سبعة أعمدة في سبعة أيام، فهل أرهقته "أربع بطيخات" في يديه، أو خمس: أستاذ جامعة. مواظب على واجب الأحد في "دفاتر الأيام"، التآليف التي تأخذ بتلابيب التآليف، رئاسة اتحاد كتاب يبحث عن البوصلة في الطريق، أو يبحث عن الطريق في البوصلة.. فلماذا حمل "بطيخة" وكيل وزارة الإعلام.. أيضاً؟! أعرف أنه على "قلوبنا أن تحتملنا".

وأعرف أن القلب يدق، ثم يدق الدقة الأخيرة، وأعرف أنه "عراقي الهوى" مثلي؛ وأعرف أن مثقفاً مناضلاً، يدعى كمال خير بك رثى نفسه في موت مثقف مناضل هو وديع حداد. قال: "أبكي غيابك أم غيابي/ وحصانك الفضي يصهل أمام بابي". جاء القتلة، في حي ساقية الجنزير ببيروت الغربية، خلعوا الباب، وطرزوا جسد كمال خير بك بالرصاص.

.. وعندما بدأ الغزاة يطرزون بغداد بالقنابل والصواريخ "الذكية" والكذبات "الفاقعة".. دق قلب عزت، ثم دق الدقة الأخيرة!  
لم أسافر في عالم عزت الخاص، أكثر مما يسافر البحار إلى أفق اليابسة، أو أكثر مما يسافر البري إلى أفق البحر. مجرد راحة يد على كتف، وراحة كف في راحة كف. مجرد تلويحة ذراع بين الحاجز والحاجز، من المدينة إلى الجامعة؛ ومن القرية إلى المدينة.. وبالعكس! من سيغلق "ثغرة" يوم الأحد في "دفاتر الأيام"؟ من سيلملم "أطراف النهار" ذات يوم؟.
***

أشهد أنني عرفت مثقفين عراقيين في بغداد، ومثقفين عراقيين في بيروت، ومثقفين عراقيين في منفاهم ومنفاي.. وأشهد أنني لم أجد واحداً منهم سخيفاً أو سطحياً. يحتكّ المزاج بالمزاج، والمزاج العراقي نزق وحار وفي كثافة الصهير (اللافا) الذي يسيل من فوهة البركان.
عراقيون في الجريدة (الفلسطينية واللبنانية) وفلسطينيون، في الكتاب (العراقي واللبناني)، ولبنانيون في الجريدة (اللبنانية والعربية).. والجميع يرفدون القصيدة الجديدة.
.. و"الميليشي" أغنية فلسطينية - عراقية على الوتر اللبناني، أو أغنية عراقية - فلسطينية على الوتر العراقي.. أو أغنية كورال فلسطينية - عراقية - لبنانية.. على وتر القلب؟! ماذا نفعل، يا عزت الغزاوي، إذا قلوبنا لم تعد تطيقنا؟!. سيبقى يوم الأحد يوم أحد. ليس للأيام قلب.. إلا قلوبنا.

 

arabstoday

GMT 05:52 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

من مقالات نجيب محفوظ

GMT 05:50 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

شرط إسرائيل شريط مهجور على حدودها مع لبنان!

GMT 05:49 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

«فينيسيوس» المحروم من الجائزة... وشجون الجوائز!

GMT 05:47 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مذبحة «السريحة»... صدمة السودان

GMT 05:46 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 05:45 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ليبيا وأنظمتها السياسية... الرسوف في الفوضوية

GMT 05:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حرب إسقاط المفاهيم

GMT 05:39 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحروب الدينية مستوردة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد كتاب المراثي سيبقى يوم الأحد يوم أحد



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab